حالات لا تستحق التعويض عن إصابة العمل
يتميز سوق العمل الإماراتي بتنوعه ونشاطه، وقدرته على جذب جميع الشرائح والمتخصصين الذين يعملون بكل دأب كخلية نحل، ونظراً لأهمية المحافظة على إنتاجية هذا السوق وفاعليته، برزت الحاجة إلى تنظيم علاقات العمل المختلفة بين العامل وصاحب العمل، من خلال تشريعات قوية وشاملة، توجت بالمرسوم بقانون رقم 33 لسنة 2021 بشأن تنظيم علاقات العمل.
ومع اختلاف طبيعة الأعمال المنتشرة، يتعرض العمال وأصحاب العمل على حد سواء لمشكلات تتفاوت في حجمها وآثارها، وتتجاوز في كثير من الحالات حدود مكان العمل إلى الجهات المختصة والقضاء المعني، ويكون السبب غالباً قلة الوعي بالحقوق والالتزامات القانونية.
ومن المشكلات المتنازع بشأنها في بعض الأحيان، تلك الناتجة عن تعرض العامل للإصابة في مكان العمل، وأحقيته بالتعويض من عدمه، والأصل في هذه الحالة تعويضه عن الضرر الواقع عليه، إلا أن ذلك مقيد بالتسبب فيه.
وثمة اعتقاد خاطئ لدى فئة من العمال بأن التعرض للإصابة يمنحه - بشكل مطلق - حق الحصول على استراحة وتعويض من صاحب العمل، لكنْ للقانون رأي آخر، فليست كل إصابة عمل تلزم رب العمل بتعويض المصاب عن الضرر.
كما أن هناك في المقابل فئة من أصحاب العمل يظنون أن بإمكانهم الإفلات من المحاسبة بالتنصل من مسؤوليتهم عن الضرر الواقع على العامل نتيجة إصابة العمل، من خلال التذرع بحيل معينة، لدفع العامل إلى العدول عن الشكوى للجهات المختصة، ومنعه من المطالبة بحقه في التعويض!
ولتفادي مثل هذه الإشكاليات، ومنع التلاعب أو الاستغلال من كلا الطرفين، حرص المشرع على تنظيم هذه المسألة بنص قانوني واضح، يتضمن خمس حالات لا يستحق فيها العامل التعويض عن إصابة العامل، وهي بحسب المادة 38 من المرسوم بقانون رقم 33 لسنة 2021 بشأن تنظيم علاقات العمل، أن تبيّن تحقيقات السلطات المختصة أن الإصابة كانت متعمدة من قبل العامل لأي سبب كان.
والحالة الثانية، أن تحدث الإصابة تحت تأثير الخمر أو المخدرات أو غيرها من المؤثرات العقلية، والثالثة أن تحدث نتيجة مخالفة عمدية من قبل العامل للتعليمات الوقائية المعلنة في أماكن ظاهرة في محل العمل، والرابعة، أن تحدث الإصابة نتيجة سوء سلوك متعمد من جانب العامل، والخامسة أن يرفض العامل دون سبب جدي الكشف عليه أو اتباع العلاج الذي قررته الجهة الطبية. واستهدف المشرع من خلال تحديد هذه الحالات سد الثغرات التي تمكن العامل من استغلال إصابة العمل للحصول على التعويض من جهة، ومنع صاحب العمل من الالتفاف على القانون لحرمان العامل من حقه بالتعويض عن إصابة العمل من جهة أخرى، ويظل لزاماً على الطرفين الوعي بهذه المسائل جيداً، والتقيد بالوازع الأخلاقي أولاً وأخيراً في العلاقة التي تربط بينهما، خصوصاً في كنف دولة يظل القانون مطبّقاً على جميع أفرادها بعدل ومساواة.
محكم ومستشار قانوني