آراء

الاستشاري والمقاول.. وتعارض المصالح!

تنظم التشريعات المسائل المختلفة التي تتعلق بتفاصيل الأعمال التجارية والصناعية والخدمية، وغيرها من الأمور الأساسية التي تضبط حياة المجتمع وعلاقات أفراده وتحمي مصالحهم، ولاشك أن المشرع الإماراتي سباق في هذا الشأن.

لقد ذهب المشرع في كثير من النصوص إلى التأكيد على ضرورة الالتزام بمبدأ تعارض المصالح وعدم إتيان أي شخص لعمل من شأنه التأثير على هذا المبدأ في الإجحاف بحقوق الآخرين، أو استغلاله لمصلحة شخصية، كعدم الجمع بين موقع وظيفي وعمل متصل به على سبيل المثال، أو الجمع بين موقعين أحدهما يمارس دوراً رقابياً على الآخر، ومن ضمنها عدم جواز أن يكون المهندس الاستشاري مقاولاً والعكس، وهذه زاوية بالغة الأهمية.

أقرّ القانون اختلاف وظيفة المقاول عن تخصص المهندس الاستشاري، إذ يتولى المقاول إقامة المباني أو المنشآت الثابتة، في حين يقوم المهندس الاستشاري بتصميم الأبنية والإشراف على تنفيذها، ويتضامنان في تعويض صاحب العمل عن أي ضرر يحدث خلال 10 سنوات، سواء كان كلياً أو جزئياً في ما شيداه من مبانٍ أو أقاماه من منشآت، وعن كل عيب يهدد متانة البناء وسلامته إذا لم يتضمن العقد فترة ضمان أطول. أو يتفق المتعاقدان على بقاء هذه المنشآت مدة أقل من 10 سنوات.. (الفقرة الأولى من المادة 880 من القانون رقم 5 لسنة 1985 بشأن المعاملات المدنية).

وذهبت الأحكام القضائية إلى أن المهندس الاستشاري الذي يعينه صاحب العمل ينوب عن الأخير في الإشراف على تنفيذ أعمال المقاولات وفي احتساب مستحقات المقاول، وتضاف آثار تصرفاته في هذا الشأن إلى صاحب العمل، كما أن للاستشاري أن يطلب من المقاول تنفيذ أعمال إضافية.

وتدخل الشهادة التي يصدرها الاستشاري باستحقاق المقاول مبلغاً معيناً أو إنجازه الأعمال المكلف بها وفق الشروط والمواصفات دون تأخير في حدود وكالته عن صاحب العمل، بما لا يجيز للأخير المنازعة فيها أو التنصل منها، ما لم يقع من المهندس غش أو تواطؤ.

إن النصوص السابقة توضح عدم جواز الجمع بين وظيفتي المهندس الاستشاري والمقاول، فليس منطقياً أن يشرف المقاول على نفسه أثناء تنفيذ العقد، كما لا يمكنه أن ينوب عن صاحب المشروع كالمهندس الاستشاري.

كما أن تفصيل المشرع لمسؤوليتهما بشكل متضامن عن تعويض صاحب العمل عن الضرر الذي يقع بالمبنى، يبين أن الجمع بين الموقعين مخالف للقانون، في ظل أن المهندس الاستشاري يمارس دوراً رقابياً على عمل المقاول، وأي جمع بين الموقعين سيؤدي إلى الإخلال بمبدأ تعارض المصالح، ومن الطبيعي أن يجنح المقاول إلى تغليب مصلحته الشخصية إذا جمع بين وظيفته ومهمة الاستشاري، على حساب صاحب العمل الذي حصن القانون حقوقه بالفصل بين المهنتين.. وهي معلومة قانونية ذات أهمية بالغة يجب أن يلم بها الجميع.

محكم ومستشار قانوني

تويتر