آراء

الحسابات الزائفة

بقدر ما أتاحت وسائل التواصل الاجتماعي مساحة كبرى للتقارب وتكوين الصداقات والاطلاع على تجارب مختلفة، فإنها تعدّ في الوقت ذاته ساحة واسعة لجرائم إلكترونية كثيرة ومتنوعة، تتغير يوماً بعد الآخر، غير مقيدة بحدود أو أوطان، ما يشكل تحدياً مستمراً للأجهزة المعنية في مختلف الدول، ويتطلب مواكبة دائمة لكل ما هو جديد سواء من الناحية الأمنية أو التشريعية!

وتعد الحسابات الزائفة على منصات التواصل الاجتماعي واجهة لجرائم خطيرة مثل الابتزاز الإلكتروني والاحتيال، وكم من ضحايا كثر سقطوا في هذا الفخ لأسباب مختلفة، أبرزها، عدم الخبرة في التعامل مع هذه الشبكات لحداثة العهد بها، خصوصاً من جانب المراهقين وصغار السن!

ومن الممارسات الإجرامية ذات الصلة التي انتشرت منذ فترة، إنشاء حساب باسم شخص ما، وغالباً يكون شخصية عامة أو رجل أعمال أو موظفاً كبيراً، بعد رصد جميع الأصدقاء الموجودين في حسابه الأصلي، ثم إرسال رسائل باسمه تطلب مساعدة مالية لظرف ما، مثل السفر وفقدان البطاقات البنكية، أو لأي سبب آخر!

وعلى الرغم من سذاجة هذا الأسلوب في ظل عدم تصور أن يحتاج شخصية معروفة لمساعدة مالية، إلا أن البعض يقع في الفخ، ربما على أمل في مكافأة لاحقة حين يعود صاحب الحساب للوطن، لكن يكتشف الضحية بعد ذلك أنه تعرض لعملية احتيال!

ومن الممارسات المشابهة، إنشاء حساب وهمي واستخدامه في محاصرة ضحية ابتزاز إلكتروني لإجباره على الخضوع. وربما أشهرها كذلك اصطناع بريد إلكتروني باسم شركة ما واستخدامه في الاحتيال على عملائها بطريقة احترافية!

وفي ظل الرصد المستمر لهذه الأساليب الإجرامية كان المشرع الإماراتي سباقاً في التصدي لها بنصوص قانونية رادعة، أحدثها قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر بمرسوم رقم 34 لسنة 2021 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية الذي تناول بشكل مفصل جريمة اصطناع البريد الإلكتروني والمواقع والحسابات الزائفة.

ونصت المادة 11 من القانون الذي طبق مطلع العام الجاري على أنه «يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 50 ألف درهم ولا تزيد على 200 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من اصطنع موقعاً أو حساباً أو بريداً إلكترونياً، ونسبه زوراً إلى شخص طبيعي أو اعتباري».

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين إذا استخدم الجاني أو مكن غيره من استخدام الحساب أو البريد أو الموقع المصطنع في أمر يسيء إلى من اصطنع عليه.

وتكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات والغرامة التي لا تقل عن 200 ألف درهم ولا تزيد على مليوني درهم، إذ وقعت الجريمة باصطناع موقع أو حساب أو بريد إلكتروني لإحدى مؤسسات الدولة.

وفي ظل الجهود الكبرى التي تبذلها الأجهزة الأمنية، والمظلة التشريعية القوية، يتبقى علينا التصرف بوعي وحذر في التعامل مع الحسابات الغريبة فدرهم وقاية خير من قنطار علاج.

محكم ومستشار قانوني

تويتر