حبس وغرامة.. وحرمان!
لا تقتصر العقوبة في بعض الجرائم الإلكترونية على الحبس أو الغرامة فقط، لكن تمتد إلى توقيع تدابير جزائية على المدانين، تشمل المنع من استخدام شبكة الإنترنت، أو شبكات التواصل الاجتماعي لفترات معينة. وهذه التدابير تمثل جانباً مهماً وتعكس انتباه المشرع الإماراتي إلى ضرورة إبعاد هؤلاء المجرمين عن الأداة التي يستخدمونها في الإيقاع بضحاياهم.
ومن القضايا التي تضمنت فرض تدابير عقابية إضافية على مدانين في جرائم إلكترونية، عمليات احتيال ممنهجة نفذها شخصان من دولة إفريقية، استهدفا من خلالها الراغبين في شراء أغراض مختلفة عبر الإنترنت، واصطادا شخصاً من أحد مواقع التسوق، وأغرياه ببيع دراجة نارية مقابل مبلغ أقل من سعرها المتعارف عليه.
ولأن المحتال يجد ضالته عادة في الطماع، تحمس ذاك الشخص لإتمام الصفقة، معتقداً أنهما لا يدركان القيمة الحقيقية للدراجة، ودفع عربوناً عبر تحويل مالي، وبدأت عملية استنزافه شيئاً فشيئاً حتى دفع ضعف المبلغ المتفق عليه، وأدرك متأخراً أنه وقع ضحية محتالين محترفين.
وبعد نظر الدعوى من قبل المحكمة قضت بإدانة المتهمين وحكمت عليهما بالحبس والغرامة، لكنها اضافت تدبيراً جزائياً آخر، هو حرمانهما من استخدام شبكة الإنترنت لمدة ستة أشهر، ردعاً لهما وحماية للناس من إجرامهما.
القضية الثانية تتعلق بجريمة إلكترونية مختلفة، تورط فيها موظفان آسيويان وجها عبارات سب وتمييز ضد زملائهما في ما بينهما عبر تطبيق «واتس أب»، وأدينا من قبل المحكمة التي عاقبتهما بالغرامة، وأضافت تدبيراً جزائياً هو حرمانهما من استخدام شبكات التواصل الاجتماعي لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ نهاية الحكم.
السؤال الذي يطرح نفسه هو آلية تطبيق التدابير الجزائية، وما تبعات عدم الالتزام بها؟ ومن هنا نرجع إلى المادة رقم (59) من المرسوم بقانون رقم (34) في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية التي تنص على أنه: يجوز للمحكمة عند الحكم بالإدانة في الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون أن تقضى بتدابير، منها الأمر بوضع المحكوم تحت الإشراف أو المراقبة الإلكترونية، أو حرمانه من استخدام أي شبكة أو نظام معلومات إلكترونية، أو أي وسيلة تقنية أخرى.
بل وتتضمن التدابير وضع المجرم في مأوى علاجي أو مركز تأهيل للمدة التي تراها المحكمة مناسبة، ولا شك أن هذا يمكن تطبيقه بحق المتورطين في تهم تعكس نوعاً من الإدمان الإلكتروني، وتمتد كذلك إلى إغلاق الموقع المخالف كلياً أو جزئياً، أو حجبه.
ولضمان التزام المدانين بالتدابير المقررة بحقهم، نصت المادة المشار إليها على أنه: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بغرامة لا تزيد على 5000 درهم، كل من خالف أي تدبير من التدابير المحكوم بها، وللمحكمة أن تأمر بإطالة التدبير مدة لا تزيد على نصف المدة المحكوم بها، ولا تزيد في أية حال على ثلاث سنوات، أو أن تستبدل به تدبيراً آخر.
محكم ومستشار قانوني