«جنح دبي» تعفي أباً من عقوبة التستر على جناية ارتكبها ابنه
استعملت محكمة الجنح في دبي سلطتها الجوازية في إعفاء رجل أجنبي، من عقوبة جريمة التستر على جريمة ارتكبها ابنه، رغم اطمئنانها إلى أدلة الثبوت بحقه، عازية ذلك إلى أن المتهم من أصول مرتكب الجناية، ولكونه طاعناً في السن.
وأفادت تفاصيل الدعوى، حسبما استقر في يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها، وورد في تحقيقات النيابة، أن المتهم علم بتورط ابنه في جريمة قتل صديق الأخير، إثر مشادة وخلاف بينهما، وتركه وغادر موقع الجريمة بمساعدة ابن آخر مقيم في بلادهما، إذ قام الابن الثاني بحجز غرفة بفندق لوالده المتهم في إمارة أخرى، وتدبير رحلة عودته إلى موطنه.
وثبت بمحضر الضبط ورود بلاغ إلى مركز القيادة والسيطرة بالإدارة العامة للعمليات بشرطة دبي عن وقوع جريمة بإحدى الشقق السكنية، فانتقلت فرق العمل على الفور إلى المكان، وشوهدت امرأة أوروبية.
وبالاستفسار منها أفادت بأنها زارت الابن المتهم في جريمة القتل بأحد المستشفيات بعد اتصاله بها، وأخبرها أنه تعارك مع زميله في الشقة، وطلب منها التوجه إلى هناك للاطمئنان عليه، إذ تركه في السكن غارقاً في دمائه دون أن يعرف حالته.
وقالت الشاهدة في محضر استدلال الشرطة، إنها وصلت إلى هناك، وشاهدت المجني عليه ملقى على الأرض وجسده ملطخ بالدماء، فبادرت إلى إبلاغ الشرطة.
وذكر شاهد من الشرطة أنه تم التواصل مع الوالد المتهم، فذكر أنه كان موجوداً في شقة ابنه المحال إلى محكمة الجنايات، وذلك بحضور المجني عليه، وحدثت مشادة بينه وبين الابن، وأبلغه بأنه سيغادر الدولة بسببه، نظراً لتغير سلوكه وتصرفه بطريقة غير طبيعية.
وأوضح الشاهد أن الأب ذكر أنه ترك الشقة وذهب للتجول أسفل البناية حتى يهدأ، تاركاً ابنه المتهم بجريمة القتل مع المجني عليه في الشقة.
وبعد نحو ثلاث ساعات تلقى اتصالاً من ابنه يطلب منه الرجوع إلى السكن، وحين عاد فوجئ بالمجني عليه ملقى على الأرض، ومغطى بالشراشف، وهناك بقع من الدماء على الأرض، فسأل ابنه مرات عدة عما حدث، لكن الأخير نهره، وطلب منه السكوت.
وحين همّ الأب بالمغادرة أمسك به ابنه، وحاول كتم أنفاسه، وأمره بالجلوس وعدم المغادرة، ثم اتصل الابن بأحد أصدقائه، وطلب منه الحضور، ثم غادر معه المكان، فاستغل الأب الفرصة وترك الشقة واختفى بعد ذلك.
وبعد التوصل إلى الأب والتحقيق معه، اعترف بما حدث، مقرراً أنه كان معترضاً على سلوك ابنه وتهوره، وتركه مع المجني عليه داخل الشقة، واكتشف الجريمة بعد عودته.
وأقرّ الأب أنه غادر الشقة حين حانت الفرصة، واتصل بأحد أبنائه في بلاده، فحجز له الأخير غرفة فندقية بإمارة أخرى، ثم حجز له رحلة عودة إلى بلاده، لكنه لم يستطع السفر، إذ ضبطته الشرطة في الفندق.
وقال الأب إنه كان مرهقاً وفي حالة رعب وخوف شديدين، ولم يعرف كيف يتصرف، وكان في وضع يرثى له، ولم يخطر بباله الإبلاغ عن الواقعة، بل كان خائفاً من تذكرها، أو مقابلة ابنه المتهم، خوفاً من أن يعتدي عليه أو يؤذيه.
وأضاف أنه مريض بضغط الدم، وما حدث أثر كثيراً بالسلب في صحته، وكان يشعر بتعب بالغ، ويتواصل مع أبنائه في بلاده حتى يرتبوا له رحلة عودة سريعة خوفاً من ابنه، إلى أن حضرت الشرطة.
وبعد نظر الدعوى انتهت المحكمة إلى توافر ثبوت أركان الجريمة بحق الأب، لكن لكونه من أصول ابنه المتهم، وكونه طاعناً في السن، استعملت معه المادة رقم 232 من قانون الجرائم والعقوبات الاتحادي رقم 31 لسنة 2021 وإعفائه من العقوبة.