يغرونهم بأرباح سريعة ويستغلونهم في رفع تصنيف تطبيقات إجرامية
محتالون إلكترونيون يستدرجون ضحاياهم بـ «دوام جزئي»
كشف مدير إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية بالإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي، العميد سعيد الهاجري، عن استحداث أسلوب جديد للاحتيال عن طريق عروض الوظائف الوهمية، يتمثل في تكليف الضحية المستهدف بمهام بسيطة مقابل مبالغ تحول إلى حسابه، إلى أن يتم اكتساب ثقته والاستيلاء على أمواله.
وقال الهاجري لـ«الإمارات اليوم» إن مؤشر جرائم الاحتيال الإلكتروني يرتفع بشكل كبير، نظراً لدخول العصابات المنظمة إلى هذا النشاط الإجرامي، ما أدى إلى تطوره بشكل مخيف، ويصل الأمر إلى السيطرة التامة على المحتالين، الذين يعملون لحساب هذه العصابات، وإجبارهم على ارتكاب هذه الجرائم.
وأحالت النيابة العامة في دبي إلى محكمة الجنح أخيراً، أربعة متهمين تورطوا في عمليات احتيال بأسلوب الوظائف الوهمية، وإغراء الضحايا بدوام جزئي إلكتروني، قبل أن يستولوا على أموالهم.
وتفصيلاً، قال الهاجري إن «دخول عصابات الجريمة المنظمة إلى مجال الاحتيال الإلكتروني يزيد خطورتها، لأنها صارت أكثر تنظيماً، وما تكشّف خلال الفترة الأخيرة أن هذه العصابات تسيطر تماماً على المحتالين أنفسهم، وهو ما يكبد الدول والمؤسسات والأفراد خسائر كبيرة».
وأضاف أن أساليب الاحتيال المستحدثة، والمهجنة، تشمل استدراج ضحايا بفرص خادعة للعمل بدوام جزئي، لا يستلزم جهداً يذكر، مقابل مبالغ بسيطة، حتى يعطي المحتال مصداقية للعرض، فيطلب منه العمل لساعة مقابل 30 درهماً على الأغلب، فيوافق الشخص ويتقاضى مقابل هذا العمل البسيط، إلى أن ينتهي به الحال إلى مسارين، الأول إغراؤه بالاستثمار معهم، ثم الاستيلاء على أمواله، أو استغلاله في رفع تصنيف تطبيقات هاتفية تابعة للعصابة نفسها.
وأوضح الهاجري أن هذا النمط الاحتيالي يشبه إلى حد كبير مصفوفة التسويق الهرمي التي انتشرت قبل سنوات عدة، فالضحية تجذب أخرى، وتصب الأموال في حسابات تلك العصابات بطريقة لولبية يصعب تتبعها، إذ تنتقل من حساب إلى آخر بسرعة كبيرة، ويستخدم أشخاص آخرون في سحبها.
وأكد أن العصابات تطور تطبيقاتها فيما يعرف بالشبكة المظلمة «دارك ويب»، ويستخدمون الأشخاص المستهدفين في ترقية هذه التطبيقات، لافتاً إلى أن «هذه الأساليب الإجرامية تعد أكثر أماناً بالنسبة للمحتالين والعصابات المنظمة، لأنها تنفذ عن بعد دون حاجة إلى انتقال الرؤوس المدبرة أو المخططين».
وتابع أن «العصابة توفر مطور التطبيق، والحسابات الوهمية البديلة التي تستخدم في رفع التصنيف، ومن ثم تتيح بيئة مناسبة لمنظومة الاحتيال، مثل شبكة تستهدف الضحايا بطريقة آلية»، لافتاً إلى أن «تعقب هذه الأنشطة ليس مستحيلاً على الأجهزة الأمنية، لكنه صعب ومعقد».
يذكر أن النيابة العامة في دبي أحالت أخيراً أربعة متهمين إلى محكمة الجنح بتهمة الاحتيال والاستيلاء على مبلغ مالي 5000 درهم، من امرأة بأسلوب الدوام الجزئي في وظيفة وهمية.
وبحسب النيابة العامة، تواصل المتهمون مع الضحية عبر تطبيق «واتس أب»، وعرضوا عليها فرصة العمل معهم على رفع تصنيف أحد التطبيقات الهاتفية، وبعدما تأكدوا من رغبتها في الربح، عرضوا عليها فرصة أخرى من خلال الاستثمار في تداول الأموال، وشجعوها على ذلك بإمكانية المشاركة بإيداع مبالغ قليلة في حسابات بنكية مخصصة لهذا النوع من التداول، فأرسلت في البداية 30 درهماً، وفوجئت بمكسب 100%، إذ أودع في حسابها 60 درهماً، فزادت حماستها، وأرسلت 100 درهم، فأدوع 150 درهماً، ثم أرسلت 300 درهم، لتزيد أرباحها بالطريقة ذاتها، إلى أن اطمأنت تماماً، وقررت الاستثمار بكل مدخراتها، فاستولت عليها العصابة.
وحول ارتباط هذا النمط الإجرامي بالاختراق الإلكتروني، قال الهاجري، إنه من الضروري التعامل بحذر مع هذه العروض، فالاتصال بالإنترنت بشكل عام ينهي الخصوصية، وتزيد الخطورة حين يتم التجاوب مع جهات مجهولة في أنشطة مماثلة.
وأضاف أن الاختراق كجريمة إلكترونية مستقلة يتطور بشكل مستمر، لكنه مرتبط بالأساليب الأخرى في ظل ممارسته من قبل عصابات الجريمة المنظمة التي تستهدف الدول والمنشآت الحيوية، والمؤسسات والشركات وتحاول ابتزازها بعد اختراق أنظمتها والسيطرة عليها، مشيراً إلى أن «أخطر الأساليب التي انتشرت في السنوات الأخيرة، هو فيروس الفدية، الذي ألحق خسائر كبيرة بشركات ومؤسسات عالمية».
وذكر أن شرطة دبي ساعدت شركات تعرضت لأنماط من الاختراق، وسربت بياناتها، وتم توجيه إداراتها لإبلاغ العملاء بما حدث، ثم احتواء الأضرار وملاحقة المتورطين، لافتاً إلى أن هذه الجرائم تنفذ عادة من الخارج، ومن ثم يجب توفير أنظمة حماية متطورة وقوية لحماية وتحصين الأنظمة من أي محاولات للاختراق.
وأكد أن الدولة تتمتع ببنية تحتية رقمية قوية ومنيعة، ويتم استخدام تقنيات متطورة للحماية من الاختراق، ومن الضروري على المؤسسات المختلفة، سواء المصرفية أو التجارية، الاستفادة من هذه التقنيات لحماية منتجاتها مثل البطاقات البنكية وغيرها، على غرار ما تتمتع به بطاقة الهوية من حصانة.
وكان العميد سعيد الهاجري حذر من انتشار نوع هجين من الاحتيال الإلكتروني، أي أنه يتكون من أسلوبين شائعين، هما الاحتيال الاستثماري والاحتيال الرومانسي. وقال إن هذا النمط الجديد يستهدف بشكل أساسي الضحايا الذين يعانون الوحدة والعزلة والفراغ العاطفي، فيدرس المحتال ضحيته جيداً عبر ما يعرف بالهندسة الاجتماعية، ثم يستدرجه بطريقة رومانسية، وينتقل بعد فترة من الوقت إلى مرحلة تعرف بـ«سلخ الجلد»، تتمثل في إغرائه بالاستثمار معه واستنزافه مادياً.
وأضاف أن هؤلاء المحتالين يبهرون ضحاياهم بنمط معيشة مترف، ويغرقونهم بالهدايا، حتى تستجديه الضحية لاستثمار أموالها معه، وتكتشف لاحقاً أنها وقعت في فخ مدمر نفسياً ومادياً.
• على المؤسسات المصرفية والتجارية الاستفادة من التقنيات الحديثة لحماية منتجاتها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news