«دانات الشواطئ».. فن صناعة الصورة بـ «الصدأ ورمال البحر»
على رمال البحر جلس الفنان الإماراتي محمد الاستاد الحمادي، يُبدع في تنفيذ تحف فنية على لوحات قماشية باستخدام صدأ الحديد، التي سُجّلت فناً معاصراً مبتكراً حمل اسم «دانات الشواطئ».
وفي جناح مُلفت للأنظار بالمنطقة الخضراء في مدينة إكسبو دبي يحمل اسم «دانات الشواطئ»، أقيم ضمن فعاليات مؤتمر «كوب 28»، استقرت لوحات قماشية طويلة، وأعمال فنية ممتدة من أعلى لأسفل، فضلاً عن معرض رسومات وجد مكانه على أحد الحوائط، لتحكي جميعها قصة فن حديث يقف أمامه المتابع مشدوهاً من تفاصيله الدقيقة التي خطّها صدأ الحديد.
ويحكي الجناح عن مُبتكر هذا الفن الإماراتي محمد الاستاد الحمادي، المولود في خورفكان عام 1968، الذي بدأ دراسته للفن على يد حسن الشريف وياسر الدويك ومحمد عزيز الخاني. وأقام معرضه الافتتاحي في جمعية الإمارات للفنون الجميلة بالشارقة، حيث أصبح عضواً فيها عام 1987. وفي عام 1998 تخرج في الجامعة الأميركية بواشنطن، بدرجة البكالوريوس في الرسم البياني - تصميم جيم.
وعند عودته إلى دولة الإمارات، انتقل الفنان الاستاد إلى أبوظبي، وقام بتدريس الفن في المجمع الثقافي. كما أسس مركز محمد الاستاد للإبداع الفني بالعاصمة، والذي أخرج العديد من الفنانين. وكان الاستاد مستشاراً لمناهج الفنون في وزارة التربية والتعليم بدولة الإمارات، وشارك في أكثر من 400 معرض جماعي حول العالم، بما في ذلك «ثلاثة أجيال»، و«معرض أبوظبي الدولي للثقافة والفنون»، و«الفنانون والمجتمع الثقافي».
وسجّل الفنان محمد الاستاد شكلاً جديداً من الفن المعاصر باسمه بعنوان «دانات الشواطئ»، يبدع من خلاله أعمالاً بصرية درامية من رمال البحر والصدأ والزمن. وقدم العديد من ورش العمل حول هذا الموضوع، فيما لايزال أحد مشاهير الفنون الجميلة على المستويين الدولي والإقليمي.
ويقول الاستاد، الذي فاز بالعديد من الجوائز، بينها المركز الأول في معرض الشباب لدول مجلس التعاون الخليجي عام 1991، إنه «وجد أن معظم الفنانين يرسمون بالألوان الأكريليك والزيتية والمياه»، لكنه يرى أن «الفنان هو من يخلق فناً جديداً أو أسلوباً خاصاً به ثم يقوم بتطويره من سنة إلى أخرى، لذلك كان البحث مستمراً من جانبه لإيجاد الأسلوب الخاص به، حتى ابتكر فن (دانات الشواطئ)».
ويحكي أن «فكرة هذا الفن بدأت عام 1998، من خلال البحث عن أسلوب يمكّنه من الاستفادة من صدأ الحديد، بعدما وجد مسماراً على قارب صيد، وانتبه إلى وجود درجات من اللون البني الناتج عن صدأ المسمار»، مضيفاً: «قمت بعمل بحث عميق عن كيفية الوصول إلى صدأ الحديد والتدرّجات الموجودة فيه، وأول تجربة كانت قيامي بحفر حُفرة على الشاطئ ودفنت بها لوحة قماشية وأضفت إليها رمان وزعفران وقطعاً من الحديد».
وتابع: «بعدها أغلقنا الحفرة، وبعد أسبوع عدت ولم أجد الرمان أو الزعفران، لكن كان هناك حديد مؤكسد، إضافة إلى الأشكال العشوائية التي نتجت عن قصاصات الحديد، وهنا بدأت قصتي مع (دانات الشواطئ)، حيث اسميتها في البداية بـ(قبور الشواطئ)، لأنها فن يعتمد على الدفن، إلا أن الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، كان متفائلاً وطلب تسميتها بـ(دانات الشواطئ)، لأن الدانة أغلى ما يبحث عنه الصياد او الغواص في زماننا القديم».
ويقول الاستاد: «فن دانات الشواطئ هو عبارة عن خلاصة المجهود الذي تبذله على شاطئ البحر من حَفر وتوقيت وانتظار، ثم تتمثل الخلاصة في اللوحة الفنية التشكيلية التي ظهرت»، لافتاً إلى أنه استمر منذ عام 1998 حتى الآن في بحث مستمر كل فترة عبر تجهيز مواد مختلفة ضمن هذا الفن، حتى استخدم في السنوات الأخيرة ألوان الأكريليك، ومنها البرتقالي والتركواز، إضافة إلى الاعتماد على ألوان أخرى طبيعية من التي تتم بها صباغة الملابس.
وأكد الاستاد أن الميزة في هذا الفن هي أن القطع الفنية التي تُنتج من الشاطئ تكون فريدة، فالفنان الذي يحاول أن يعيدها أو يستنسخها لا يستطيع، حتى أنا، لأن هذه الأعمال تدخل فيها عوامل المد والجذر والملوحة، لذلك فهذا الفن متفرد جداً، وكل قطعة تخرج من هذه المجموعة تكون فريدة من نوعها، ومن الممكن أن يكون هذا الفن متعلقاً بأسلوب حر، كما ينتمي إلى الفن المعاصر والحديث.
واعتبر الاستاد، أن هذا الفن يُحسب لدولة الإمارات بأكملها، فقد عُرض في المتحف الملكي ببلجيكا وأميركا وبريطانيا، فضلاً عن عرضه بقصر الإمارات داخل الدولة، مؤكداً أن هذا الفن يمثل إضافة جديدة لعالم الفن الحديث تحت مظلة الفنون التشكيلية.
• لوحات قماشية وأعمال فنية ورسومات تحكي قصة فن حديث، يقف أمامه المتابع مشدوهاً من تفاصيله الدقيقة التي خطّها صدأ الحديد.