نصفهم يتسربون من التعليم في أبوظبي
خطأ تقني يربك امتحان التربية الإسلاميـة لـ «الكبـار» في دبـي
فوجئ طلاب الصف الخامس (أول تكميلي) في مدارس تعليم الكبار في دبي الأربعاء الماضي، أثناء أدائهم امتحانات مادة التربية الإسلامية، بأسئلة امتحانات الفصل الدراسي الأول بدلاً من الفصل الثاني، ما سبب إرباكًا عاماً في لجان الامتحانات، خصوصاً أن اكتشاف الأمر استغرق وقتاً طويلاً من مدة الامتحان المقررة.
واعتبر مسؤول تربوي أن «الخطأ تقني»، موضحاً أنه «نجم عن تكليف معلم واحد بإعداد أوراق الأسئلة لستة امتحانات دفعة واحدة، الأمر الذي شكل ضغطاً كبيراً عليه، وأوقعه في الخطأ».
وفي سياق آخر، ناقشت باحثة أسباب تسرب الطلاب في مراكز الكبار، لافتة إلى أن نسبة المتسربين ناهزت، خلال الفصل الدراسي الماضي، 51٪ من عدد الطلاب.
وعزت ذلك الى أسباب اجتماعية واقتصادية ومهنية، مطالبة الإعلام بالعمل على ترسيخ قيمة التعليم في نفوس الطلاب.
وتفصيلاً، تداركت إدارة تعليم الكبار في هيئة المعرفة والتنمية البشرية الخطأ الناجم عن توزيع ورقة امتحان الفصل الأول، بدلاً من تقديم الورقة التي تخص الفصل الحالي، بعدما قررت حجز الطلاب، ومنعهم من مغادرة اللجان، لتسليمهم الورقة الصحيحة، وإمهالهم الوقت الكافي لإنهاء إجاباتهم.
وعزت مديرة تعليم الكبار في الهيئة ومديرة مركز قرطبة لتعليم الكبار في دبي، فاطمة المالك، الواقعة إلى حدوث خطأ أثناء إعداد ورقة الأسئلة على جهاز الحاسب الآلي، «فقد أدى ذلك إلى حدوث تداخل في أوراق الامتحانات وديباجتها، ما جعل الترويسة الرئيسة لورقة الأسئلة صحيحة، إذ إنها كانت تحمل بيانات الفصل الدراسي الثاني، في حين تتعلق الأسئلة الواردة فيها بالفصل الدراسي الأول».
وتابعت: «بمجرد التأكد من وجود خطأ، تواصلنا مع المراكز الخاصة بتعليم الكبار في دبي، والتي تمتحن طلابها في الوقت نفسه، للفت أنظارهم إلى وجود خطأ، والتعميم عليهم بضرورة ضبط اللجان إلى حين السيطرة على الأمر».
وأوضحت أن «الهيئة وزعت الورقة الصحيحة على اللجان، بعد منع الطلاب من مغادرة الفصول، وإمهالهم الوقت الكافي لأداء الامتحان».
وشرح مدير مركز آل مكتوم لتعليم الكبار في دبي، حامد جنيد، أن الخطأ جاء نتيجة تكليف مدرس واحد بإعداد نحو ستة امتحانات دفعة واحدة، ما شكل ضغطاً كبيراً عليه، مضيفاً أن «تحقيقاً سيجرى خلال أيام مع كل من المدرس والموجه المسؤولين عن وضع امتحانات مادة التربية الإسلامية، والإشراف عليها، لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضدهما».
وكانت طالبات في مركز قرطبة لتعليم الكبار اكتشفن وجود خطأ في ورقة الاسئلة، فأطلعن مسؤولي المركز عليه، ثم انتقلت الأخبار إلى بقية المراكز في دبي (قرطبة، آل مكتوم، ديرة، وبلال بن رباح) التي اتفقت على إنقاذ الموقف سريعا، من خلال توزيع الورقة الصحيحة، ومنح الطلاب فرصة كافية للإجابة عن الأسئلة.
من جانب آخر، أكدت دراسة علمية حديثة أن هناك عوامل عدة وراء ارتفاع نسبة تسرب الدارسين في مراكز تعليم الكبار في أبوظبي، والتي وصلت إلى نحو 51٪ في العام الدراسي الماضي. وأبرزها العوامل الاجتماعية، إذ جاءت في المركز الأول بنسبة 42٪، ثم العوامل الاقتصادية بنسبة 30٪، ثم العوامل التعليمية في المركز الثالث بنسبة 28٪.
وجاءت هذه النتائج في دراسة بعنوان «استكشاف أسباب النسبة العالية في تسرب الدارسين في الصف الثاني عشر بمراكز تعليم الكبار في إمارة أبوظبي»، ضمن متطلبات درجة الماجستير في التربية في جامعة الحصن في أبوظبي للباحثة ثريا خليفة السالمي، التي تعمل في مجلس أبوظبي للتعليم.
وركزت الدراسة المؤلفة من ثلاثة فصول وملاحق، على تقصي أسباب وعوامل تسرب الدارسين في مراكز تعليم الكبار اعتماداً على النتائج المستخلصة من استبيان تم وضعه لهذه الغاية.
وأكدت الباحثة أن التسرب من الدراسة يمثل مشكلة كبيرة تواجه النظام التعليمي في الإمارات، خصوصاً في مراكز تعليم الكبار، وهو الأمر الذي يتعارض مع الاستراتيجية الجديدة التي وضعتها حكومة الدولة لعامي 2010 ـ ،2011 والتي أكدت ضرورة تطوير نظام تعليمي عالي المستوى من خلال العمل على خفض معدلات التسرب.
وأوضحت أن «الدراسات الحديثة أظهرت ارتفاع نسبة التسرب خلال العام الدراسي 2008 ـ 2009 إلى 51.9٪ عند الذكور و47.9٪ عند الإناث، على الرغم من الجهود المبذولة لتوفير التعليم لكل أفراد المجتمع».
وكان الهدف الرئيس من الدراسة هو استكشاف الأسباب الكامنة وراء هذه النسبة العالية من التسرب الدراسي، بهدف فتح المجال أمام الباحثين في المستقبل للتعمق أكثر في التوصل إلى حلول مناسبة لهذه الظاهرة، ووضع بعض التوصيات المناسبة التي يمكن أن تساعد المسؤولين ومتخذي القرار المعنيين على حل هذه المشكلة.
واستعرضت الباحثة التعريفات المختلفة لمصطلح «التسرب» ومعناه الأساسي، وهو خروج الطالب من المدرسة قبل انتهاء العام الدراسي، أو إخفاقه في إتمام متطلبات النجاح، أو خروجه من المدرسة كذلك قبل إنهاء مرحلة تخرج معينة.
وأشارت إلى أن الأسباب الرئيسة للتسرب تتعلق بالأسرة والمجتمع والظرف الاقتصادي، إلى جانب أسباب تعليمية مهنية. واستعرضت دراسات سابقة في هذا المجال. كما أظهرت النتائج سلوكاً سلبياً من الدارسين تجاه برامج تعليم الكبار، من خلال متابعة ومناقشة نتائج الاستبيان.
واعتمدت الباحثة على المنهج الكمي والنوعي لتوصيف ظاهرة التسرب، ووضعت استبياناً خاصاً لهذا الهدف وزعته على الدارسين والمعنيين بمراكز تعليم الكبار. وتضمن الاستبيان 21 قسماً تغطي النواحي الرئيسة الثلاث، وهي التعليم والاقتصاد والمجتمع.
واستهدفت عينة الاستبيان مراكز تعليم الكبار من الإناث في كل من مركز الدانة المسائي في أبوظبي، ومركز عهود المسائي في بني ياس. كما استهدف أيضاً قياس وتقييم الأداء في تلك المراكز، من أجل تطويرها وتوفير أفضل البرامج التعليمية والفنية لما فيه فائدة المتعلمين. وشملت الأسئلة الأسباب التعليمية والمالية والاجتماعية والأسرية الكامنة وراء ظاهرة التسرب، والحلول والاقتراحات للتعامل معها. وأظهرت نتائج الاستبيان أن 91٪ من الدارسين طلبوا استمرار التشجيع في التعليم، وأن 76٪ منهم تأثروا بالظروف الاجتماعية، وأن 75٪ واجهوا صعوبات في المناهج، و75٪ اعتبروا أن الامتحانات كانت فوق مستوى الدارسين.
كما اعتبر 62٪ أن المسؤوليات العائلية تؤثر سلباً في إكمال الواجبات المدرسية، و48٪ كانت توقعاتهم المستقبلية من التعليم منخفضة. ورأى 36٪ أن المدرسين يواجهون عوائق في فهم نفسيات الكبار. وقال 36٪ إن أرباب العمل لا يدعمون الدارسين في استمرار التعليم، كما اعتبر 30٪ أن المواد الدراسية ليس لها علاقة بواقع العمل.
واعتبر 23٪ أن أساليب التعليم مناسبة لحاجة الدارسين، كما وافق 19٪ من الدارسين على أن المدرسين يستخدمون وسائل تعليمية مناسبة، وكذلك وافق 16٪ على أن المدرسين مؤهلون أكاديمياً لتدريس الكبار.
وقال 15٪ إن أساليب التقويم عادلة ومقبولة، واعتبر 12٪ أن الدارسين يدركون أهمية التعليم.
وأوصت الدراسة بإجراء أبحاث شاملة أخرى حول نسب التسرب في المراكز، ودراسات أكثر حول البرامج المختلفة المخصصة للكبار في الدول الأخرى لاختيار المناسب منها.
كما رأت أن هناك حاجة لربط المواد الدراسية للكبار بالقضايا الاجتماعية، ولمراجعة المناهج لتصبح مناسبة أكثر لنفسيات الكبار.
واعتبرت الدراسة أن استخدام أساليب ووسائل تعليمية مناسبة للكبار أمر ضروري ومهم، ودعت إلى وضع قوانين صارمة لاسترجاع التكلفة المالية للدارسين في حال تركهم الدراسة.
ودعت إلى تنظيم دورات تدريبية للمدرسين في مراكز تعليم الكبار، والى تعاون الهيئات الحكومية للسماح للكبار رسمياً وقانونياً بإكمال دراساتهم، والعمل على إنشاء المباني المجهزة للكبار.
كما دعت أجهزة الإعلام للتعريف بمراكز تعليم الكبار من أجل زيادة الوعي الاجتماعي بأهمية التعليم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news