عدم تناول الفطور يؤدي إلى شعور التلميذ بالخمول والكسل وعدم القدرة على التركيز والاستيعاب. الإمارات اليوم

الفطور يزوّد جسم الطالب بـ 25٪ مـن الاحتياجات الغذائية اليومية

أفادت دراسة حديثة أجرتها إدارة التربية الرياضية في وزارة التربية، بأن أكثر من 75٪ من طلبة المدارس يذهبون إلى مدارسهم يومياً، من دون تناول وجبة الفطور، الأمر الذي ينعكس على نشاطهم الذهني والبدني خلال اليوم الدراسي.

وأكد معد الدراسة اختصاصي الأنشطة الصحية الدكتور أسامة كامل اللالا، أن «التحصيل الدراسي للطلاب يتراجع بنسبة كبيرة، لعدم تناول وجبة الفطور»، لافتاً إلى وجود علاقة وثيقة بين الفطور المتوازن والتحصيل الدراسي، كونه يؤدي إلى زيادة الانتباه أثناء الحصص اليومية، وزيادة نسبة مشاركته في الأنشطة المدرسية، ما يعني أن 75٪ من الطلاب يعانون الخمول والكسل وعدم الانتباه، وينخفض معدل تحصيلهم الدراسي»، محملاً «ذوي الطلبة مسؤولية هذا الخطأ».

ضيق الوقت

وتفصيلاً قالت أم سالم إن أولادها يصعب عليهم تناول وجبة الفطور قبل الذهاب إلى المدارس، كونهم يستيقظون ما بين الخامسة والنصف والسادسة، ولا تكون لديهم أي شهية لتناول الطعام، خلال ذلك الوقت، ويذهبون إلى مدارسهم من دون طعام، مشيرة إلى أنه غالباً ما يصعب عليهم أيضاً تناول أي طعام، خلال الفسحة المدرسية، لضيق وقتها وتزاحم الطلاب على المقصف المدرسي.

وأكدت أنه «سواء استيقظ أولادها مبكرين أو متأخرين، من الصعب تناولهم الطعام، ما يضطرها إلى وضع طعامهم في صندوق صغير، ليأكلوا منه إذا ما أتيحت لهم الفرصة».

ويقول والد طلاب في مراحل دراسية مختلفة، أبوعمر، إن أولاده الثلاثة اعتادوا الاستيقاظ قبل موعد الحافلة المدرسية بوقت قليل، يسمح لهم فقط بارتداء زيهم المدرسي، الأمر الذي يجعلهم على عجلة من أمرهم، ويفضلون الذهاب إلى المدرسة متجاهلين وجبة الفطور.

وذكر أن المدارس النموذجية أصبحت تقدم وجبات فطور إلى الطلاب، لكن ذلك يتم بعد مرور حصتين على الأغلب، الأمر الذي يعني أن تركيز الطلاب في بداية اليوم يكون ضعيفاً، لافتاً إلى أنه بدأ، أخيراً، تعويد أولاده على تناول وجبة الفطور.

النشاط الذهني

ومن جهته، أكد مدرس مادة الأحياء في مدرسة حكومية جازي ضيف الله، أن تناول الطلاب وجبة الفطور يظهر من خلال تفاعلهم مع المعلم أثناء الحصة الدراسية، حيث توجد فروق بين الطلاب من حيث النشاط الذهني والبدني، خلال اليوم الدراسي، تعود بصفة أساسية إلى اهتمام البعض وإهمال الآخر تناول وجبة الفطور.

وحمل غازي ذوي الطلبة مسؤولية تلك المشكلة، مطالبا إياهم بضرورة التركيز على عناصر غذائية معينة، تغذي الدماغ وتساعد الأبناء على النمو بشكل سليم، ليتسنى لهم فهم واستيعاب دروسهم بشكل سليم.

وذكر مدرس الجيولوجيا في مدرسة الصفا في دبي عادل وهيب، أنه «يلمس ضعف التفاعل الذهني للطلاب، خلال الحصص الأولى من اليوم الدراسي، والتي يحضرها أغلبهم من دون تناول وجبة الفطور»، مشيراً إلى أن تلك المشكلة تتفاقم خلال الحصة الثالثة، التي تسبق الفسحة المدرسية، إذ يتناول أغلبهم وجبات خفيفة خلالها تعينهم على إكمال يومهم الدراسي.

النوم متأخراً

وذكر طلاب في مراحل دراسية مختلفة أن النوم متأخراً هو السبب الرئيس في ضياع وجبة الفطور، مشيرين إلى أنهم يضطرون إلى الاستياظ متأخراً، فلا يكون لديهم وقت كافٍ لتناول الطعام ولا تكون لديهم شهية له، ويقول الطالب في الصف الثاني عشر عيسى بن جميل، إنه قضى سنوات دراسية عدة، من دون تناول وجبة الفطور، على الرغم من معاناته المستمرة طيلة تلك الفترة، لكنه أدرك ضرورة تعديل سلوكه الغذائي أخيراً، وبدأ يحرص على تناول ولو قدراً بسيطاً من الطعام قبل خروجه إلى المدرسة يومياً.

وأكد طالب آخر مصطفى محمود أن والديه يحرصان على التأكد من تناوله وجبة الفطور يومياً، ولا يسمحان له بالخروج من دون تناول الطعام، لافتاً إلى أنه «لولا هذه الرعاية من والديه لتكاسل عن تناول فطوره، سمة أغلب أصدقائه»، وفق تعبيره.

وقال رئيس مجلس طلاب دبي الطالب محمد عبدالكريم، إن كثيراً من الطلاب يعانون تلك المشكلة، مشيراً إلى وجود ضعف في الثقافة الغذائية لدى أسر عدة، وكذلك لدى الإدارات المدرسية، لافتاً إلى أن «جماعات الصحة المدرسية لا تلعب أي دور إيجابي في هذا الصدد، ولا تسعى إلى حث الطلاب على الاهتمام بتلك الوجبة، الأمر الذي ينعكس في النهاية على إمكاناتهم وقدراتهم الذهنية خلال اليوم الدراسي».

تفكير وتذكّر

وربطت الدراسة بين التغذية السليمة وسلوك الطلبة، موضحة أن الدماغ يتكون من بلايين الخلايا العصبية التي تتفاعل مع بعضها بعضا، لتحدد عمليات التفكير والتذكر والسلوك، كما أن التواصل بين الفكرة والفعل يحصل من خلال الإرسال السريع الذي يجري بين خلية وأخرى، وتساعد التغذية السليمة بشكل كبير على تفعيل عمليات التفاعل بين الخلايا الدماغية، فكلما تغذى الدماغ بشكل أفضل، كلما أدى وظائفه بشكل جيد، وبالتالي سوء التغذية، لاسيما عدم تناول وجبة الفطور يؤدي إلى انخفاض وتدنٍ في عمل الوظائف الدماغية، ما يؤثر سلبا في الاستيعاب والفهم والتحليل.

وذكر معد الدراسة الدكتور أسامة اللالا أن وجبة الفطور، بالنسبة للطلبة، تعد مفتاح النجاح، موضحاً أن العلماء ينظرون باهتمام كبير إلى القدرات العقلية عند الأطفال، التي تبدأ بالنمو منذ اللحظة الأولى بعد الولادة، بتفاعلها المستمر مع المثيرات البيئية، وغالباً ما تتجه أنظار أولياء الأمور إلى القدرات الأساسية، وهي قدرة الطفل على التركيز والاستيعاب والفهم ومدى التحصيل الأكاديمي، ومدى ونوعية انتباهه وتفاعله الايجابي مع البيئة الصفية.

أهم الوجبات

وأكد اللالا أن وجبة الفطور تعد من أهم الوجبات من الناحية الغذائية، كونها عادة تأتي بعد فترة طويلة من الصيام نتيجة النوم، والتي تستمر أحيانا لأكثر من 10 ساعات، ومن ثم فتناول وجبة جيدة بعد هذه المدة، وفي بداية اليوم يساعد الطلبة على زيادة نشاطهم وتحملهم، كما تساعد أجهزة الجسم على العمل بطريقة سليمة ومنظمة، مع ضرورة أن يسهم الفطور في تزويد الجسم بربع الاحتياجات الغذائية اليومية للشخص على الأقل، كون التلاميذ لا يتناولون أطعمة مغذية خلال ساعات النهار. مضيفاً أن الدراسات الصحية أثبتت أنه من الصعب على الطالب الحصول على احتياجاته الغذائية اليومية، من دون تناول وجبة الفطور، وغالبا ما يصاب التلاميذ الذين لا يتناولون تلك الوجبة بسرعة الإحساس بالتعب، والإرهاق، وانخفاض الرغبة في التفاعل الصفي، ويكون التفاعل الذهني ضعيفاً، فضلاً عن زيادة الإجهاد العقلي.

ووفقاً للدراسة، فإن فترة الصوم الليلي ينتج عنها انخفاض في مستويات السكر في الدم والذي يعد وقود الدماغ، ومن ثم تناول وجبة الفطور يؤدي إلى ضبط مستويات السكر في الدم، وتزويد الدماغ بالطاقة، بشكل منظم وعلى العكس من ذلك فإن عدم تناول وجبة الفطور واللجوء إلى تناول الأغذية الغنية بالسعرات الحرارية دون القيمة الغذائية، مثل «المشروبات السكرية والغازية، والشيبس، والحلويات»، تؤدي إلى رفع مؤشر نسبة السكر في الدم، فيلجأ الجسم إلى إفراز الأنسولين لضبطها، وغالبا ما تكون النتيجة انخفاض مستواها عن مستوياتها الطبيعية، ما يؤدي إلى شعور التلميذ بالخمول والكسل، وعدم القدرة على التركيز والاستيعاب.

مفتاح التوازن

أكدت دراسة حديثة، أجرتها إدارة التربية الرياضية في وزارة التربية، أن وجبة الفطور تعتبر مفتاح التوازن الجسدي، موضحة أنها تسهم في الحد من نسبة تعرض الطلبة للسمنة، بالمساعدة على خسارة الوزن، وذلك بدفع الجسم إلى رفع معدل التمثيل الغذائي، فيزداد معدل الحرق وكذلك استخدام الدهون مصدراً للطاقة وعدم تخزينها في الأنسجة الدهنية.

وأضافت أن وجبة الفطور تؤمن الطاقة اللازمة، لعدم خسارة نسبة العضلات في الجسم وبالتالي تفادي المشكلات الناتجة عنها مثل زيادة نسبة الزلال بالدم وغيرها من الرواسب السامة، مثل ارتفاع نسبة الحموضة بالدم، وتساعد على ترتيب وتنظيم أوقات تناول الطعام والابتعاد عن العشوائية في تناول الوجبات.

وأشارت الدراسة إلى أن عدم تناول وجبة الفطور يؤدي إلى العشوائية في تناول الطعام، وغالبا ما يلجأ الطلبة إلى سد جوعهم بتناول الأغذية الغنية بالمواد السكرية، ومن ثم فتناول وجبة الفطور يؤدي إلى تنظيم أوقات تناول الطعام، ما يترتب عليه تناول الوجبتين الأخريين (الغداء والعشاء) في مواعيدهما.

الساعة البيولوجية

ولفت اللالا إلى أنه مع بداية العام الدراسي الجديد تبدأ معاناة ذوي الطلبة في إعادة ضبط الساعة البيولوجية لأبنائهم، من حيث تعديل ساعات النوم والاستيقاظ وتنظيم أوقات تناول الطعام والمذاكرة، مشيراً إلى أن المشكلة تتفاقم مع إهمال هؤلاء الطلبة وجبة الإفطار يومياً.

وعزا أسباب عدم تناول الطلبة وجبة الفطور إلى عدم وجود وقت كاف في الفترة الصباحية، لتناول الفطور داخل المنزل نتيجة الاستيقاظ المتأخر (الناجم عن السهر)، إضافة إلى وصول الحافلة المدرسية في وقت مبكر جدا، وتكرار الأطعمة نفسها وعدم تنويعها، ما يؤدي إلى الملل، كما أنه غالباً لا يتناول الوالدان الفطور أيضاَ، بينما يطلبان من أبنائهما تناول الفطور، والتأكيد على أهميته، فضلاَ عن الإلحاح، والضغط المتكرر من قبل ذوي الطلبة على تناول الفطور.

وأضاف أن الحالة النفسية للأطفال تلعب دوراً في تناول تلك الوجبة، خصوصاً قبل الامتحانات وفي بداية العام الدراسي، حيث إنهم لم يتكيفوا بعد، وعدم تعويدهم الطلبة تناول تلك الوجبة، وعدم وجود رغبة وشهية للطعام.

الأكثر مشاركة