مشروع مشترك بين «التربية» و«أبوظبي للتعليم» والجامعات الحكومية لتطوير الثانويـــة العامة

تضارب في ردّات فعل الطلاب على نظام الثانوية العامة الجديد

نظام الثانوية العامة الجديد يهدف إلى تطوير مدارس الدولة. تصوير: مصطفى قاسمي

أثار إعلان المؤسسات التعليمية في الدولة، عزمها تعديل نظام الثانوية العامة الحالي، انقساماً في الرأي بين طلاب الصفين العاشر والحادي عشر، ففي حين تخوف كثيرون منهم من تطبيق النظام الجديد عليهم من دون إعدادهم له، أكد آخرون أنه سيشكل انعطافة مهمة في مسيرة التعليم في الدولة، معربين عن أملهم في تطبيقه سريعاً.

وأكدت قيادات تعليمية في الدولة ضرورة وجود نظام تعليمي كفء، يحقق النجاح والتفوق لكلّ طالب، ويتسم بوجود توقعات عالية للأداء التربوي على المستويات كافة. وقال وزير التعليم العالي، والبحث العلمي، الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، في تصريحات صحافية، على هامش منتدى «خلق مسارات النجاح» لتطوير الحلقة الثالثة الذي عقد في جامعة السوربون، الخميس الماضي، وجود مشروع مشترك بين وزارة التربية والتعليم ومجلس أبوظبي للتعليم، وجامعة الإمارات العربية المتحدة، وجامعة زايد، وكليات التقنية العليا، يهدف إلى التطوير الشامل والدائم في مدارس الدولة، وربط هذا التطوير بالدراسة في الجامعات والكليات.

وأوضح أن المشروع يهدف أساساً إلى التطوير الشامل والدائم في مدارس الدولة، لافتاً إلى أنه يعتمد على أربعة أمور أساسية، أولها تحديد النتائج المرجوّة من المناهج والأنشطة والمخرجات التعليمية، والثاني الأخذ بأفضل المناهج وطرائق التدريس، والثالث التركيز على المدرسة باعتبارها محور التطوير المنشود، وأخيراً تهيئة الجامعات والكليات من أجل انتقال الطلبة بشكلٍ سهلٍ ومُيسر من التعليم العام إلى التعليم العالي، بحيث لا تكون هناك طفرة أو فجوة بينهما.

وأشار الشيخ نهيان إلى أن هذه المؤسسات بصدد الإعداد لتنفيذ خطط طموحة للقضاء على الفجوة القائمة حالياً بين التعليم العام والتعليم العالي، بحيث يكون الطالب، عند تخرّجه في الثانوية العامة، قادراً فعلاً على مواصلة الدراسة في الجامعات والكليات بنجاحٍ وتفوّق، حتى يتم التخلّص نهائياً من برامج التقوية التي تطرحها الجامعات والكليات، وهي برامج كانت ولاتزال تمثّل أعباء اقتصاديةً وتعليمية، ونفسية على المؤسسات التعليمية والطلبة وذويهم.

وكان طلاب في الصفين العاشر والحادي عشر أعربوا عن تخوفهم من مقترحات تعديل نظام الثانوية العامة، وتطبيقه عليهم لاختبار مدى فعاليته، من دون إعدادهم مسبقاً له، معتبرين أنه يهدد أحلامهم بالالتحاق بالكليات والتخصصات التي يطمحون إليها.

وقال الطالب سيف الزعابي، إن تطبيق هذا النظام سيؤثر سلباً في الطلاب، نظراً لاعتيادهم النظام الحالي، وتأقلمهم معه ومع موداه الدراسية.

واقترح الطالب محمد عمران تطبيق النظام على طلاب الحلقة الأولى (الابتدائي) الذين طبق عليهم النموذج المدرسي الجديد، الذي يعتمد على التكنولوجيا والوسائل المساعدة «لأنهم سيكونون أكثر قدرة على تقبله، إضافة الى ترك متسع من الوقت لتجهيزه واختباره وتهيئة الطلاب له».

وأكد والد طالب بالصف العاشر، سعيد محمد، أن هموم طلاب الثانوية وذويهم، لا تنتهي، مطالباً أصحاب القرار بالنزول إلى الميدان التربوي، واستطلاع رأي الطلاب والمعلمين، قبل تطبيق أي نظام جديد، لمعرفة مدى تقبل الطلبة له، واستعداد المعلمين لتطبيقه، تفادياً لما حدث من مشكلات عقب تطبيق قرار زيادة عدد الحصص في اليوم الدراسي، وما قابله من إرهاق للطلاب وتذمر بين المعلمين، خصوصاً الإناث. وفي المقابل، رحب طلاب آخرون بمقترحات تعديل نظام الثانوية العامة، وقال الطالب خالد خميس، إنه يأمل تطبيق هذا النظام سريعاً، «فنحن ندرس مواد لا علاقة لها بالتخصصات التي نطمح إليها، ونريد الالتحاق بها»، لافتاً الى رغبته في دراسة هندسة الطيران، ومع ذلك يطبق عليه في الثانوية العامة دراسة مواد مثل التاريخ والأحياء، وغيرهما من المواد التي لا علاقة لها بالهندسة. وأضاف أن النظام المقترح سيتيح لكل طالب التركيز على المواد التي يرغب في دراستها ليصل إلى التخصص الذي يريده، ويمتلك موهبة في مجاله.

ووافقه الرأي الطالب بالصف الثاني عشر، هيثم صادق، الذي تمنى أن يطبق عليه هذا النظام، ليركز كل طالب على المواد التي يتميز فيها، حتى يلتحق بتخصص يبرع فيه، وبذلك يكون قد أفاد نفسه ومجتمعه، وخلق تنوعا وتنافسا في سوق العمل.

من جانبه، أكد مدير عام مجلس أبوظبي للتعليم، الدكتور مغير الخييلي، أن نظام الثانوية العامة الحالي «يحتاج إلى تغيير وتطوير مخرجاته، لتحويله إلى ثانوية مختلفة تركز على ست أو سبع مواد أساسية، وتكون فيها مساقات علوم اختيارية لتطوير مهارات الطلاب، حتى ترغّبهم في العملية التعليمية وتعطيهم ما يفضلونه من العلوم التي تفيدهم». وقال إن «المجلس يتعاون مع مختلف الأطراف المعنية من خارج قطاع التعليم، علاوة على الجهات المعنية بالتعليم، ومن بينها وزارة التربية والتعليم، ووزارة التعليم العالي، ومركز أبوظبي للتعليم والتدريب الفني والمهني، من أجل اقتراح آلية للتطوير، تشمل تحديد صفات الخريجين المطلوبة، والمناهج الحديثة، والمواد ذات الصلة، إضافة إلى إتاحة مسارات تعليمية واضحة أمام الطلبة، وتبني أدوات التقييم والاختبار اللازمة لتقييم مستوى إنجازات الطلبة».

وشدد مدير عام معهد التكنولوجية التطبيقية الدكتور عبداللطيف الشامسي، ضرورة إعادة هيكلة التعليم الثانوي في الدولة، مقدماً تصوّراً لعلاج الخلل في نسب توزيع الطلاب بين المسارين العلمي والأدبي، بما يدعم بناء الاقتصاد المعرفي.

واقترح في تصوره زيادة رقعة التعليم الفني والتكنولوجي من خلال توفير ثلاثة برامج رئيسة في المرحلة الثانوية للطلاب، بعد إتمامهم الصف العاشر، وهي: برامج الثانويات الفنية، لتوفر فرص التعليم لما نسبته 10٪ من الطلاب، وبرامج التعليم في الثانويات التكنولوجية لتوفر فرص التعليم لما نسبته 30٪ من الطلاب، وبرامج الدراسة في الثانويات الأكاديمية لتوفر فرص التعليم لما نسبته 60٪ من الطلاب.

وأكد الشامسي أن إصلاح التعليم الثانوي الأكاديمي يجب أن يرتكز على مجموعة المواد العلمية الأساسية، وهي الرياضيات، والعلوم، واللغة، مشيراً إلى ضرورة أن ينقسم منهاج الثانوية العامة إلى مواد عامة إجبارية لجميع الطلبة، ومواد اختيارية يدرسها الطالب عند التحاقه بأحد التخصصات الثلاثة: العلوم الطبيعية، والعلوم الانسانية، وإدارة الأعمال، لافتاً إلى أن اقتراح هذه التخصصات جاء بناءً على احتياجات سوق العمل الإماراتية، وتركيزها الحالي على مجالات التكنولوجيا والصناعة والأعمال.

وقال إن المواد الإجبارية، وهي اللغتان العربية والإنجليزية والتربية الإسلامية والحاسوب وتقنية المعلومات ومادة المهارات الحياتية، تشكل 65٪ من المنهاج في الصف العاشر، و55٪ في الحادي عشر، و50٪ من كامل المنهاج في الصف الثاني عشر، مشيراً إلى أن القصد من تناقص نسبة المواد العامة هو التركيز على مواد التخصص الذي يسعى الطالب لدراسته، بناء على رغباته وميوله وقدراته الأكاديمية.

تويتر