الأولى على مستوى صفّها في أبوظبي.. وتحلم بأن تصبح أخصائية نفسية
«نورة» الكفيفة تتفوّق على المبصرات
تفوّقت الطالبة الكفيفة في الصف الثاني عشر، الفرع الأدبي، نورة راشد المري على جميع قريناتها المبصرات، بحصولها على المرتبة الأولى على مستوى صفها الدراسي في الإمارة كل عام.
وتخطت الطالبة في مدرسة الشهامة الثانوية للبنات جميع الصعوبات والتحديات والمشكلات، التي تواجه الطالبة الكفيفة، وتصدرت زميلاتها في الصفوف: التاسع، والعاشر، والحادي عشر، وتثابر لتكون من أوائل الثانوية العامة هذا العام، بعد أن حصلت على 98٪ في الفصل الدراسي الأول.
وتقول (نورة)، التي رفضت تصويرها، معتبرة أنها «فتاة عادية لا تختلف في شيء عن آلاف الفتيات المبصرات»، إنها نشأت في أسرة بسيطة في منطقة الشهامة، تتكون من ثمانية أفراد (أربعة منهم مكفوفون)، بالإضافة إلى الأب (المتوفى حالياً)، والأم، وهي الرابعة بين أشقائها، وقد تم دمجها في مدارس عادية منذ الصف الرابع الابتدائي.
وأضافت «لم أعتبر حرماني من البصر إعاقة أو نقيصة أو نقمة، بل نعمة وهبة من الله، فلو لم أكن كفيفة لما وصلت إلى المركز الأول، وعلى الرغم من أنني الكفيفة الوحيدة في صفي، إلا أنني تفوقت عليهن جميعاً». مشيرة إلى ثقتها باستمرار تفوقها الدراسي، على الرغم من احتياجها إلى جهاز «برايل سنس»، الذي سيساعدها على تخزين المواد وإعادتها، عوضاً عن آخر تستخدمه حالياً أصبح قديماً.
وتمنّت (نورة) أن «تستكمل تعليمها الجامعي، وتتخصص في علم النفس، لتتمكن من مساعدة المحتاجين، وذوي الإعاقات، والوقوف إلى جانبهم، وإرشادهم إلى الطرق البديلة التي تتناسب مع ظروفهم الخاصة، ليندمجوا في المجتمع ويكونوا فاعلين، خصوصاً أن علم النفس واسع، ويساعد على فهم الشخصيات المتنوعة».
وأشارت إلى أن أسرتها ساندتها طوال مشوارها الدراسي، وكذلك فعلت صديقاتها، خصوصاً خلود خالد التي ترافقها في المدرسة، وتعتبر الدليل بالنسبة إليها.
وشددت (نورة) على أن أكثر ما يحزنها أن يشير أحد إلى عجزها عن أمر ما، كأن يقول: «لن تتمكن من ذلك»، أو «لا تقدر»، مضيفة أنها لا تحتمل عبارات الشفقة، إذ إنها لا تتعامل مع نفسها على أنها أقل من غيرها، بل إنها ترى في نفسها أفضلية على آخرين، كما كانت تضيق ببعض المعلمات، ممن لم يكنّ يرغبن في تحميلها شيئاً يعتبرنه فوق طاقتها، وتابعت «أحب دائماً أن أشعر بأنني قادرة على فعل كل شيء».
من جانبها، أكدت الشقيقة الكبرى لـ(نورة)، (أم ريم)، أن شقيقتها لفتت إليها الأنظار، منذ بداية مشوارها في الدراسة، ولاحظت معلماتها أنها تمتلك الشجاعة والجرأة والعبقرية الفذة، والشغف بالعلم، وزوّدت نفسها بذخيرة وافرة من التعابير الأدبية.
وأشارت إلى أن شقيقتها تواجه حالياً بعض الصعوبات، بعد أن توفي والدهم، وأصبح حمد (الشقيق الأكبر)، هو ولي أمرهم، وهو كفيف أيضاً، لافتة إلى أن الظروف المعيشية تغيرت إلى الأسوأ.
إلى ذلك، أفادت مديرة مدرسة الشهامة الثانوية، سعاد الحوسني، بأن نورة انتقلت إلى المدرسة في المرحلة الثانوية، وألحقت بفصل عادي مع طلبة مبصرين، مع مراعاة وضعها الخاص، إذ تم وضع زميلة لتكون مرشدةً لها.
وأكدت أن (نورة) حصلت على المركز الأول في الصفين العاشر والحادي عشر، على مستوى المرحلة الثانوية كلها، وحققت هذا التفوق من دون مساعدة أحد، إذ ترفض بشدة أي نوع من التمييز لمصلحتها، مشيرة إلى أن مجلس أبوظبي للتعليم، ومؤسسة زايد للاحتياجات الخاصة، يتابعانها باستمرار.
وأوضحت الحوسني، أن (نورة) كانت تعاني في السابق تأخر تسلمها المنهاج الدراسي بطريقة «برايل»، لكن مؤسسة زايد زودت (نورة)، منذ ثلاث سنوات، بطابعة خاصة، كلفتها 20 ألف درهم، تحوّل أي نص إلى طريقة «برايل»، وذلك لكونها طالبة متفوقة، يسعى الجميع إلى تشجيعها. وقالت «المشكلة التي تواجه (نورة) حالياً، هي عدم تمكنها من الحصول على جهاز خاص بتحويل الصوت إلى وثائق مكتوبة بطريقة (برايل)، إذ لم نتمكن من توفيره».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news