دراسة أظهرت تزايد عدد الطلاب المواطنين الذين يتجهون إلى المدارس الخاصة. تصوير: باتريك كاستيلو

المـدارس الحكوميـة.. نتائج أعلــى وجاذبية أقلّ

على الرغم من أن ميزان نتائج الثانوية العامة يرجح كفة التعليم الحكومي على التعليم الخاص، فلايزال عدد كبير من الطلاب المواطنين يتجهون إلى المدارس الخاصة.

ويعزو طلاب وآباء وتربويون ذلك إلى أن هذه المدارس تتيح تأسيساً أفضل للطالب في اللغة الإنجليزية، في حين تركز المدارس الحكومية على اللغة العربية.

وبالنظر إلى أوائل الطلبة المواطنين في الفرعين العلمي والأدبي لعام 2010 - 2011 تظهر النتائج تفوقاً واضحاً للتعليم الحكومي، فقد كانت هناك طالبة واحدة فقط من مدرسة خاصة بين 20 طالباً يتلقون تعليمهم في مدارس حكومية على مستوى الدولة.

ويؤكد تربويون يعملون في سلك التعليم الحكوميّ أن المدارس الحكومية قادرة على تقديم مستوى تعليم متميز، بفضل الجهود المبذولة لتطويره، وأن الطالب يجد فيها إمكانات مستمرة للتطوير لا يتوافر ما يوازيها في المدارس الخاصة.

ويستحوذ قطاع التعليم على نسبة كبيرة من الميزانية الاتحادية، إذ بلغت ميزانية وزارة التربية والتعليم أربعة مليارات و600 مليون درهم العام الماضي، وزيدت إلى أربعة مليارات و700 مليون درهم تقريباً للعام الجديد.

وكانت دراسة لهيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، أظهرت، أخيراً، أن هناك تزايداً في عدد الطلاب المواطنين الذين يتجهون إلى المدارس الخاصة، على الرغم من توفير الدولة تعليماً مجانياً لهم في المدارس الحكومية.

وكشفت أن 57٪ من المواطنين يدرسون في مدارس خاصة.

ووفقاً للدراسة، فقد اعتبر 50٪ من الآباء المواطنين أن «المدارس الخاصة ذات مستوى أفضل في التعليم»، ورأى 22٪ منهم أن أبناءهم سيتلقون فيها تدريساً أفضل للغة الإنجليزية.

وأكد آباء طلاب مواطنين يدرسون في مدارس خاصة لـ«الإمارات اليوم» أن ما يهمّهم هو أن يتلقى أبناؤهم التعليم الأفضل، بغض النظر عمّا إذا كان التعليم مجانيا أم لا، لافتين إلى أن التعليم الخاص «أقدر على تأهيل أبنائهم وتطوير قدراتهم، ما يمنحهم فرصاً أفضل لمستقبلهم المهني».

وقالوا إن وجود رقابة مستمرة على المعلم في التعليم الخاص يحفزه على ابتداع أساليب تربوية متطورة، تمنح الطالب فرصاً أكثر للتفوق، في حين يتعامل كثير من المعلمين في المدارس الحكومية كموظفين.

وذكرت فاطمة محمد أن ابنتها كانت تدرس في مدرسة خاصة ذات مستوى جيد جدا، لكنها طلبت منها الانتقال إلى مدرسة حكومية، معربة عن قلقها من تأثر مستوى ابنتها الدراسي سلباً «لأن المدرسة التي كانت تدرس فيها متفوقة من النواحي كافة».

وقالت «أم محمد» إنها قررت إرسال أطفالها إلى مدارس خاصة، بسبب معاناة البحث عن وظائف، التي عاشتها بعد دراستها في مدارس حكومية، مضيفة أن المدارس الخاصة «أفضل في تأسيس الطلبة في اللغة الإنجليزية، وهي مطلوبة في حال أراد الطالب استكمال دراسته العليا في الدولة أو خارجها».

واعتبرت الطالبة فاطمة المرزوقي أن المدارس الخاصة أفضل، لوجود نشاطات فكرية وثقافية كثيرة، يشارك فيها الطالب، مثل يوم الأعمال ويوم الأولمبياد وغيرهما، مضيفة أن «المدرسة تؤسسهم بشكل أفضل في اللغة الإنجليزية، التي تمنحهم فرصاً أكبر لمتابعة دراستهم في الجامعات».

وقالت الطالبة شهرزاد عبدالله إن «اهتمام المدارس الخاصة بالطلبة وتعليمهم أكبر من الاهتمام الذي تظهره المدارس الحكومية، التي لا يهتمّ كثير من المعلمين فيها بالطالب بقدر اهتمامهم بالراتب الذي يحصلون عليه»، مضيفة أن «الانجليزي السبب الأول في تفوق المدارس الخاصة».

مستويات الجودة

أظهرت نتائج تقرير الرقابة الصادر في 2011 عن جهاز الرقابة المدرسيّ في دبي، أن أداء المدارس الحكومية قد «تحسن» خلال الأعوام الثلاثة الماضية، إذ وصل فعلا إلى التميز من خلال ستّ مدارس، وراوحت البقية بين جيد ومقبول، في حين أن مدرسة واحدة قدمت أداء غير مقبول من أصل 79 مدرسة. ولم يصل أداء المدارس الحكومية في 2009 إلى التميز، لكنها راوحت بين جيد ومقبول، وخمس مدارس ذات أداء غير مقبول من أصل 80 مدرسة حكومية. وأظهرت نتائج المدارس الخاصة من أصل 136 مدرسة أن أداء ست مدارس كان متميزاً، في حين كان أداء 16 مدرسة غير مقبول، ولم تختلف النتائج كثيراً عما كانت عليه في .2009 وتحسن تحصيل طلبة المدارس الحكومية «قليلاً» في مادة اللغة الإنجليزية، والرياضيات والعلوم، لكنه لايزال منخفضاً، قياسا إلى المستويات الدولية. وقال إن التطور في المدارس الخاصة تدريجي، إلا أنه ثابت، ويتزايد عدد المدارس الخاصة التي تقدم تعليماً بمستوى «جيد» المتوقع من المدارس كافة في دبي.

وتابعت أن لديها صديقات كثيرات يدرسن في مدارس حكومية، لا يُجدن الإنجليزية، ولا يعرفن حتى أساسياتها، فيما تركز الجامعات، ومن بعدها سوق العمل، على اللغة الإنجليزية. في المقابل، رفض تربويون ما اعتبروه «تقليلاً من الجهود المبذولة في التعليم الحكومي»، مؤكدين أنه خطا خطوات كبيرة، خصوصاً في السنوات الأخيرة.

وأضافوا أن «المدارس الحكومية متفوقة على المدارس الخاصة من حيث كفاءة المعلمين، وتطور المنهاج والرقابة في المدارس». كما رفض وكيل وزارة التربية والتعليم بالإنابة، علي ميحد السويدي، نتائج الدراسة، معتبراً أنها «غير دقيقة»، و«تحتاج إلى توسع لمعرفة النتائج الحقيقية».

وقال إن أنظمة المدارس الحكومية في اختيار المعلمين من حيث المؤهلات والشهادات، ووجود موجهين واعتماد مدرسي لمراقبة المدارس ومتابعتها، تمثل ميزات أساسية لا تتوافر على مثلها المدارس الخاصة التي تدرس اللغة العربية، مؤكداً أن «المدارس الحكومية لها الأفضلية في التعليم».

وشرحت رئيس المشروعات الخاصة في هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، كلثم كنيد، أن البحوث ترتكز على أسس بحثية، إما كمية تعتمد على الاستبيانات والاحصاءات، أو نوعية تناقش الأمور بعمق مع عينة من الفئة المستهدفة، مضيفة أن الدراسة اعتمدت على مجموعة معينة من الآباء والأمهات كعينة ممثلة للمواطنين في دبي. وأوضحت أن الدراسة «ليست دقيقة طبعا، لأننا لم نتحدث إلى جميع المواطنين في دبي، لكن الهدف من نشرها كان زيادة الوعي وإظهار وجهات النظر المختلفة للمواطنين».

أما رئيس جهاز الرقابة المدرسية في هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي جميلة المهيري، فأكدت أن المدارس الحكومية لا تختلف بشكل كبير عن المدارس الخاصة من حيث الرقابة أو الأمن، مضيفة أن «مستوى المحافظة على صحة الطلبة وسلامتهم حالياً جيد أو متميز في 90٪ من المدارس الحكومية، وأصبحت بمستوى جودة جيد في نصف المدارس الخاصة، وبمستوى متميز في ثلثها تقريباً»، لافتة إلى أن تطبيق 13 منهاجاً تعليمياً في مدارس دبي، يحتم على جهاز الرقابة العمل على تطوير إطار عمل موحد لتقييم مدارس الإمارة، الحكومية والخاصة، مع التركيز على المدارس الخاصة.

وقالت وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد لقطاع العمليات التربوية، فوزية حسن غريب، إن وزارة التربية والتعليم تنظر إلى المدارس الخاصة والحكومية بمعايير واحدة، لذا تطبق مستويات الاعتماد المدرسي ذاتها على النوعين، لكنها أكدت أن المدارس الحكومية لم تكن يوماً دون الخاصة، وأن الحكم يكون على مخرجات التعليم، وقائمة أوائل الطلبة.

ودافع مدير مدرسة المعارف للتعليم الثانوي (بنين)، محمد ألماس، عن مستوى التعليم في المدارس الحكومية، مشيرا إلى أن نتائج الطلاب فيها أفضل من نتائج طلاب المدارس الخاصة.

ودعا الآباء والطلبة إلى النظر لمخرجات التعليم في المدارس الحكومية، و«رؤية الفرق الشاسع بينهما».

وأشار ألماس إلى أن المعلم في المدارس الخاصة يحاول أن يعطي الطالب أكثر من حقه حتى لا تستغني المدرسة عن خدماته، في حين أن طلبة المدارس الحكومية يخضعون لنظام صارم في وضع الدرجات.

وذكرت مديرة مدرسة الأميرة هيا بنت الحسين للتعليم الأساسي والثانوي (بنات)، سلامة بوشهاب أن إقبال ذوي الطلبة على المدارس الخاصة، راجع إلى تركيزها على اللغة الإنجليزية، موضحة أن التركيز في المنهاج في المدارس الحكومية ينصبّ على اللغة العربية.

وقالت إن مدارسنا الحكومية أفضل من المدارس الخاصة، سواء من حيث الكادر التدريسيّ أم الرقابة على الطلبة، مشيرة إلى أن المناهج الوزارية بدأت في التغير والتطور خلال السنوات الأخيرة.

ولفت طلبة في مدارس حكومية إلى أنهم يفضلون مدارسهم على المدارس الخاصة، وقال حسن خلفان، طالب في مدرسة دبي الثانوية، إن المدارس الحكومية ليس فيها تلاعب في الدرجات، موضحاً أن الأنظمة في المدارس الحكومية تخدم الطالب وتساعده في عملية التعليم.

لكنه أكد أن المدارس الخاصة أفضل للتعليم العالي، الذي يعتمد على الإنجليزي.

وقال علي إبراهيم، طالب في مدرسة حكومية، إن المدارس الحكومية أفضل من حيث النظام والإمكانات التي توفرها المدرسة، لكثرة اهتمامها بالطالب ودراسته.

وأوضح أن لديه أصدقاء كثيرين في مدارس خاصة غير راضين عن مستوى مدارسهم، ويعتقدون بأن المدارس الحكومية أفضل.

من جانبها، قالت مشرفة قسم البنات في مدرسة المعارف الخاصة، رانيا الخليل، إن تميز الطلبة لا يعتمد فقط على كون المدرسة التي يتعلمون فيها حكومية أو خاصة، لكن ذلك خاضع بدرجة أساسية لخبرة الإدارة التربوية، فهناك إدارات تهتم بالأمور الصغيرة قبل الكبيرة، وتحاول ألا تشعر الطالب بوجود رقابة على سلوكياته، أو أدائه الدراسي، بل تحاول مساعدته على الوصول إلى أفضل مستوى. ونفى صلاح الدقس، مدرس في المدرسة الأهلية الخيرية في دبي، وجود أيّ تلاعب في تحصيل الطلاب في المدرسة، مضيفاً أن أي تغيير في الدرجات من المعلم ستكتشفه إدارة المدرسة، ما يعرضه للمساءلة.

ورأى الدقس أن الجانبين لديهما مساوئهما ومحاسنهما، شارحاً أن التفوق يرجع إلى ضمير المدرس، وطريقة تعليمه، وخلق الدافع لدى الطلبة للارتقاء بمستوياتهم التعليمية.

وأضاف أن بعض الأسباب في تفوق الطلبة في المدارس الخاصة يرجع إلى كونها مدارس مختلطة من جنسيات مختلفة، ما يعرض الطلبة إلى خوض منافسة شديدة لتحصيل الدرجات، في حين أن المدارس الحكومية ليس فيها هذا التنافس. أداء المدارس الحكومية «تحسن» خلال الأعوام الثلاثة الماضية، ووصل إلى التميز.

الأكثر مشاركة