«أبوظبي للتعليم» يؤكد أن المنزل شريـك أساسي في العملية التعليمية
تربويون: الابــن الأول أكثر الطلاب «مشاكسة»
حذّر تربويون وأخصائيون اجتماعيون، من الأفراط في تدليل الأبناء، خصوصاً الأول في ترتيب العائلة، معتبرين أنه أكثر الطلاب «مشاكسة» في مدارس إمارة أبوظبي، مشيرين إلى أن ذلك يفسد التلاميذ، ويؤثر في سير العملية التعليمية، ومستوى تحصيلهم العلمي، بسبب تزعم الطلاب المدللين عمليات إحداث الفوضى في الفصل، عن طريق تكرار السلوك المراوغ الذي يمارسونه مع ذويهم في المنزل.
وأكد مجلس أبوظبي للتعليم، أن المنزل شريك أساسي في العملية التعليمية، ومن دون تفاعل الأب والأم مع المدرسة، لن يحدث التقدم المرجو والمطلوب، مشيراً إلى أنه (المجلس)، يلزم المدارس الحكومية والخاصة بوضع خطط لإدارة سلوك الطلبة، وعمل سجلات للطلاب، تحتوي على بيانات دقيقة خاصة بالحضور في المدرسة، على أن يرفع تقرير عن كل طالب عقب كل فصل من الفصول الدراسية الثلاثة إلى المنطقة التعليمية، وإحالة حالات الغياب المتكرر إلى مدير المدرسة، أو الاختصاصي الاجتماعي، لبحثها ضمن النموذج المدرســي الجديــد.
وتفصيلاً، أكد معلم اللغة العربية، محسن حجي، أن «تساهل الوالدين وعدم تحكمهما في أبنائهما منذ الصغر، واستسلامهما لبكائهم وغضبهم، وعدم تمييزهما بين احتياجات الطفل الفعلية وأهوائه، وخوفهما المفرط من جرح مشاعرهم، واللجوء الدائم إلى أسرع الحلول وأقربها لإرضائهم، يؤثر بصورة كبيرة في رسم مستقبلهم، وتكوين شخصياتهم».
عاطفة فياضة حذر تربويون الأسرة من العاطفة الفياضة التي تجعل الطفل عاجزاً عن الارتباط بأقرانه، إذ إنه يشعر بتشبع شديد من عاطفة الأسرة، فلا يميل إلى الآخرين، وذلك ينمي داخله الوحدة والانطواء، كما أن الطفل المدلل هو طفل قلق بطبعه، يستعجل الأمور، ويحكم على المواقف بسرعة دون تفهم، وعلى مستوى شخصي وليس المستوى الموضوعي المطلوب، وإن اهتمام الأسرة بطفل دون آخر، من شأنه زراعة الغيرة والحقد في نفس الطفل المهمل، وإهانة كبريائه، ومن ثم تتحول طباعه، بحيث تتسم بالشذوذ والغرابة والميل إلى الانتقام من أفراد المجتمع المحيط به، وتسيطر على الطفل المدلل الأنانية وحب السيطرة على إخوته، والعنف في تصرفاته معهم، لإحساسه بالتميز عنهم، فالطفل المدلل لا يستطيع الاعتماد على نفسه، أو مواجهة متاعب ومصاعب الحياة، ويكون معدوم الشخصية. |
وأضاف أن معظم المشكلات التي يعانيها المعلمون داخل الصفوف الدراسية يكون سببها التدليل الزائد للطلاب من قبل ذويهم، واعتيادهم على اخذ كل الأمور ببساطة واستهتار، والإصرار على فرض رأيه وسيطرته على المجموعة المحيطة به، لذا يعتبر الابن الأول أكثر الطلاب (مشاكسة) في الفصول».
وذكرت معلمة التربية الوطنيـة، (أم سلطان)، أن الكثير من الآباء والأمهات، يخلط بين الاهتمام بالطفل والإفراط في تدليله، مشيرة إلى أن الاعتناء بالطفل شيء جيد وضروري لعملية نموه الطبيعية، غير أنه إذا زاد هذا الاهتمام على الحد، أو جاء في وقت غير مناسب، كانت له أضرار بالغة، كأن يتعارض الاهتمام بالابن مع تعليمه الاعتماد على نفسه، وكيفية التعامل مع ضغوط الحياة.
وأضافت «الأطفال يترجمون ردود فعل الوالدين إلى سلوكيّات تمكّنهم من تحقيق ما يريدون، خصوصاً أن هؤلاء الأبناء لم يعتادوا على سماع كلمة (لا) كثيراً»، مشددة على ضرورة التوازن في عملية تدليل الأبناء وتلبية طلباتهم، حتى تختفي ظاهــرة الطــلاب المشاكســين، إذ إن المدرسة لا يمكن أن تقوّم سلوك الطلاب طالما لا توجد مساندة من المنزل».
وشدد الأخصائي الاجتماعي، خلفان الكثيري، على أن التدليل المفرط للأبناء، يفسدهم أكثر مما يصلحهم، ويقضي نهائياً على فرصة تكون الإرادة فيهم، إذ يتعلق الابن بوالديه لدرجة أنه لايستطيعي أن يتخذ أبسط القرارات الخاصة به دون الرجوع إليهما، ويفتقر إلى الثقة بالنفس، ما ينعكس ذلك على تصرفاته مع زملائه في المدرسة، التي دائما ما تتسم بالخشونة وردة الفعل المبالغ فيها، للمداراة على شعوره الداخلي بعدم الثقة»، لافتاً إلى أن هذا ليس معناه أن تكون الشدة هي الضمان الأمثل لنشأة هؤلاء الأطفال نشأة سليمة، فخير الأمور أوسطها.
وأوضح الكثيري، أن الطفل المدلل لا يستطيع الاعتماد على نفسه أو مواجهة متاعب ومصاعب الحياة، لأنه يفتقر إلى المهارات اللازمة للتغلب على المشكــلات اليومية، مشيراً إلى أن الابن المدلل لديه شعور دائم بالقلق، ويستعجل الأمور، ويحكم على المواقف بسرعة دون تفهم.
فيما قالت الاخصائية الاجتماعية، سلوى حافظ، أن 70٪ من مشكلات الطالبات داخل المدرسة تكون بسبب التدليل الزائد الناتج عن ترتيبهن المتقدم بين الأبناء داخل الأسرة، مشيرة إلى أن «الطفل الأول أو الثاني، يحظى دائماً بتوافر أكبر قدر من سبل الرفاهية لديه، ما يزيد من تدليل هؤلاء الأبناء، هذا بالإضافة إلى عدم دراية أو معرفة الوالدين بأسس التنشئة السليمة، والرعاية الصحيحة لحداثة عهدهما بالأطفال، والتي تزداد لديهما مع مرور الوقت، وإنجاب أطفال آخرين».
في المقابل، اتهم والد طالب في الصف السابع (أبويوسف)، النظام المدرسي الحالي بأنه لم يعد مجدياً، ويقتل الإبداع والطموح، بسبب المنهاج الدراسي، وطرق التدريس القديمة التي لا تتماشى مع التقدم وروح العصر، ما يدفع الطلبة إلى سلوكيات عنيفة، بسبب الملل الذي يشعرون به داخل المدرسة.
فيما حمّلت والدة طالب في الصف التاسع، (أم عبدالله)، المدرسة السبب في اكتساب الطلاب عادات كثيرة سيئة، مشيرة إلى أن المعلم لا يقوم بدوره التربوي كما ينبغي، ويكتفي بدوره التعليمي، الخاص بالتزاماته بإنهاء المنهاج في الوقت المحدد.
وأشارت إلى ان دور المدرسة التربوي تراجع، والمعلم الآن لا يقوم بدور الناصح والمرشد، كما كان يحدث في السابق، ويكتفي بتوجيه خطاب إلى ذوي الطالب، كخطوه روتينية لا تساعد على حل أي مشكلة، مطالبة بتعاون اكبر من المدرسة في ضبط سلوكيات الطلاب، إذ انهم يقضون بها وقتا مماثلا لما يقضونه مع ذويهم في المنزل، لذلك هي شريك في اي نجاحات أو اخفاقات تصادف الأبناء.
وأوضح مجلس أبوظبي للتعليم، انه يشدد على المدارس بمراجعة وتحديث خطط إدارة سلوك الطلبة سنوياً، على أن تتضمن الخطط أيضاً الطريقة التي تعاملت بها المدرسة مع البيانات المتعلقة بالحوادث السابقة، بهدف تحديد نقاط القوة والضعف في إدارة المدرسة سلوك الطلبة. وأكد المجلس، ضرورة وضع كل مدرسة من مدارس الإمارة خطتها الخاصة لإدارة سلوك الطلبة، بالتعاون مع الاستشاريين المعنيين، والطلبة والعاملين في المدرسة، والآباء. مشيراً إلى انه يقسم درجات إساءة السلوك لدى الطلبة إلى ثلاثة مستويات، يتطلب كلّ منها اتخاذ إجراءات تأديبية مختلفة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news