20.8 درهماً «أجرة» المعلم عن الحصة.. و«العمل» تؤكد عدم تلقيها شكاوى
تربويون يحذرون من تراجع جودة التعليم الخـــاص بسبب انخفاض رواتب المعلمين
حذر تربويون من انعكاسات تدني رواتب المعلمين في التعليم الخاص على مستوى عطائهم، نتيجة انعدام الاستقرار النفسي لديهم، لافتين الى أن ضآلة راتب المعلم تشغل حيزاً كبيراً من تفكيره، بسبب اضطراره للبحث عن مصادر أخرى لتوفير الضروريات لحياته.
وأضافوا أن هناك مدارس خاصة ترفض إعطاء المعلمين العاملين فيها إجازات مدفوعة الأجر، ما يزيد أوضاعهم صعوبة.
وقال معلمون في مدارس خاصة إنهم يتقاضون رواتب غير مساوية لما يبذلونه من جهد، ففيما يبلغ عدد الحصص التي يقدمونها 30 حصة أسبوعياً، موزعة على ثلاث شعب، لا تتعدى رواتبهم 2500 درهم، وهو ما يعني أنهم يتقاضون نحو 20.8 درهماً عن الحصة الواحدة.
7 حصص يومياً أكد الموجه التربوي أحمد مساعدة أن ضآلة راتب المعلم في المدارس الخاصة تؤثر سلباً في العملية التعليمية والمستوى الدراسي للطالب، «لأن المعلم يظل مشغول البال في توفير الأساسيات الضرورية لحياته، فضلاً عن إحساسه المستمر بأن الجهد الذي يبذله غير مساوٍ للأجر الذي يحصل عليه. وأضاف أن معظم المعلمين في المدارس الخاصة يكون عملهم متواصلاً طوال ساعات النهار، بإجمالي يصل إلى سبع حصص يومياً. |
ويبلغ عدد المدارس الخاصة في الدولة 476 مدرسة، وينص قانون التعليم الخاص الصادر عام 1999 على ألا تقل رواتب المعلمين عن 2000 درهم حداً أدنى.
ويؤكد مصدر تربوي أن معظم المدارس تمنح المعلمين العاملين فيها رواتب تراوح ما بين 2000 و6000 درهم، وأكدت وزارة العمل أنها لم تتلق أي شكوى من المعلمين العاملين في التعليم الخاص بسبب الرواتب، عازية ذلك إلى وجود تراضٍ بين الطرفين (المدرسة والمعلم) في العقد المبرم بينهما.
وتفصيلاً، قالت المعلمة (أم عبدالرحمن)، التي تدرس تربية إسلامية، إنها عملت في إحدى مدارس الشارقة الخاصة قبل 19 سنة براتب 1400 درهم، وبعد سنوات متواصلة من العمل وصل راتبها إلى 3600 درهم، بزيادة سنوية لم تتجاوز 115 درهماً، موضحةً أن «الزيادة تتفاوت من معلم إلى آخر ومن مدرسة إلى أخرى، وهي تمنح للمعلمين وفق اعتبارات عدة، كالنتائج الإجمالية للطلاب، ومدى قدرة معلميهم على تنمية مهاراتهم في الأنشطة المدرسية المختلفة، فيما تعدّ شكاوى الآباء عاملاً سلبياً.
واعتبرت «تدني الرواتب نوعاً من عدم التقدير»، لافتة إلى أن «ذلك يخلق إحباطاً لدى المعلم، ويؤثر سلباً في مستوى عطائه، وجديته، على العكس مما يجده المعلمون العاملون في المدارس الحكومية، إذ يحصلون على رواتب عالية، وامتيازات مختلفة، كالإجازات المدفوعة الأجر وغيرها».
ووافقتها معلمة، رفضت ذكر اسمها، تعمل في مدرسة خاصة بعجمان، وتتقاضى 1800 درهم شهرياً، بعبء دراسي كامل أسبوعياً، شارحة أن إدارة المدرسة تتذرع دائماً بأن الرسوم الدراسية التي تتقاضاها من الطلاب ليست مرتفعة، وأن دخل المدرسة قليل، الأمر الذي يمنعها من زيادة رواتب المعلمين.
أما المعلمة (أم أنس)، فلفتت إلى أن «مجهود المدرسين تضاعف بعد تطبيق نظام الفصول الثلاثة للامتحانات، في حين بقيت الرواتب ضئيلة كما هي، من دون أي زيادة». وتابعت أن «المدرسة لا تصرف للمعلمات بدل ساعات في فترة الامتحانات، لكنها تخصم يوماً من الراتب الشهري إذا تأخرت إحداهن عن الحضور الى المدرسة في الوقت المحدد».
وتتقاضى (أم أنس) 3300 درهم، وتدرس فصول المرحلة الثانوية الثلاثة، وتضطر في فترة الامتحانات إلى البقاء في المدرسة حتى الخامسة مساءً لتصحيح ومراجعة أوراق الامتحانات الخاصة بمدرستي البنين والبنات، وعددها سبع شعب للبنات وثماني شعب للبنين، في كل منها 30 طالباً بإجمالي 450 ورقة. وقال المعلم، أحمد مصطفى، وهو مدرس لغة عربية في إحدى مدارس الشارقة الخاصة، إنه يتقاضى 3400 درهم، ولديه خبرة 10 سنوات في حقل التدريس.
وأضاف: «بدأت براتب 2200 درهم، وزيادتي السنوية لم تكن بمعدل ثابت، لأن آلية زيادة الرواتب في المدرسة مرتبطة باعتبارات مختلفة، كعدد الطلاب المسجلين كل عام، وعدد الفصول الدراسية الملقاة على عاتق المدرس».
وذكر مصطفى أن عدد الحصص الدراسية التي يدرسها يبلغ سبع حصص يومياً، بمجموع 31 حصة في الأسبوع، مضيفا أن «الراتب ضئيل جداً، وهو لا يعين المعلم على تكاليف الحياة الباهظة، فالجزء الأكبر منه يذهب لسداد إيجار السكن، فضلاً عن المصاريف الأخرى، كفواتير الكهرباء والمواد الغذائية وغيرها». وأشار إلى أن «فئة المعلمين في القطاع الخاص من ذوي الدخول المحدودة، لا يقدمون أي شكاوى بخصوص تدني رواتبهم إلى وزارة التربية والتعليم، أو وزارة العمل، لخوفهم من فقدان عملهم».
وأكد الموجه التربوي خالد الشحي، أن رواتب التعليم الخاص تعتبر متدنية بشكل عام، لكنها تتفاوت حسب المنطقة التعليمية في الدولة، محذراً من انعكاس ذلك على مستوى تحصيل الطلبة، نتيجة لانعدام البيئة النفسية الباعثة على الاستقرار.
وأضاف أن «المدرس الذي يدرس 30 طالباً يتعامل مع 30 أسرة مختلفة في الثقافة والتربية، لذلك لابد أن يكون ملماً بجميع عقليات الطلبة الذين يتعامل معهم، ولن يتحقق له ذلك في وجود تشتت وعدم استقرار، ناتج عن تفكيره في كيفية توفير متطلبات الحياة الأساسية».
وتابع الشحي: «في حال تدني راتب المدرس سيصعب عليه توصيل المعلومات للطلبة، وإكسابهم القيم الأخلاقية المرجوة».
وحول العقود المبرمة بين المدارس الخاصة والمعلمين العاملين فيها، أوضح الشحي أنها قد تكون أحياناً عقوداً صورية، فإجمالي الراتب المسجل في العقد يصل إلى 5000 درهم، أما في الواقع فلا يتعدى 2500 درهم. وقال إن هناك فئة من المعلمين يلجؤون إلى العمل في المدارس الخاصة بشكل مؤقت لاكتساب سنوات من الخبرة، ثم يقدمون في وزارة التربية والتعليم للعمل في المدارس الحكومية. وذكر المدير التنفيذي لعلاقات المتعاملين في هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، عبدالرحمن حسن ناصر، أن عقود المعلمين في المدارس الخاصة في دبي تتبع وزارة العمل بشكل مباشر، وتالياً فالوزارة هي المسؤولة عن استقبال الشكاوى والخلافات التعاقدية بين المدرسة والمعلم. وأكد وكيل وزارة العمل حميد بن ديماس عدم ورود شكاوى من المعلمين العاملين في التعليم الخاص بشأن ضآلة الرواتب، عازياً ذلك الى وجود عقد مبرم بين المدرسة والمعلم، بتراضٍ من الطرفين. وأضاف أن رواتب المعلمين في المدارس الخاصة تبدأ بمبلغ محدد، ثم تزداد حسب الخبرة وتقدير صاحب المدرسة. وأشار بن ديماس إلى أن العقود بين صاحب العمل والعامل تكون محددة بحدّ أقصى سنتين، وتعدل بالتخفيض أو الرفع بإرادة الطرفين، لافتاً إلى أن العامل يحق له أن يطالب بتحسين راتبه، لكنه لا يستطيع إلزام صاحب العمل بذلك.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news