دعوا الآباء إلى المشاركة الإيجابية في العملية التعليمية
تربويون يحذرون من معالجـة التعثر الــدراسي بالعنف
حذر تربويون ومختصون من ممارسة العنف الأسري ضد الطلبة على خلفية تدني مستوى أدائهم الدراسي، أو رسوبهم في الاختبارات، لما يترتب على ذلك من آثار نفسية واجتماعية خطيرة، منبهين إلى أهمية تحمل ذوي الطلبة المسؤولية عبر المشاركة الإيجابية في العملية التعليمية.
وأوضحوا أن كثيراً منهم ينقطع عن التواصل مع الإدارة المدرسية، ويتغيب تماماً عن حضور اجتماعات مجالس الآباء والأمهات التي تقام في المدارس بصفة دورية بهدف تقييم أداء وسلوكيات الطلبة، الأمر الذي يترتب عليه شعورهم بالصدمة لدى حصول أبنائهم على نتائج متدنية في الاختبارات ، ما قد تنتج عنه ممارسة أشكال مختلفة من العنف ضدهم.
وطالب نشطاء ومتابعون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تفاعلوا مع قصة الطفل الذي ضربه أبوه أخيراً، حتى الموت على خلفية رسوبه في بعض المواد الدراسية، بتشديد العقوبات على منتهكي حقوق الأطفال، وسن قوانين تضمن توفير بيئة آمنة للأطفال، لحمايتهم من أشكال العنف الأسري كافة.
وكانت «الإمارات اليوم» قد انفردت نهاية الأسبوع الماضي بنشر قصة جريمة قيام أب (مدمن سابق)، بضرب ابنه (الصف الأول الإعدادي) البالغ 12 عاماً، ضرباً مبرحاً، مستخدماً سلكاً كهربائياً لجهاز حاسوب، أسفر عن موته قبل وصوله المستشفى، بدافع تأديبه لرسوبه وانخفاض درجاته العلمية في عدد من المواد الدراسية، فيما ضبطت شرطة أبوظبي، الأب، بعد فراره من منزل الأسرة، الذي وقعت فيه الجريمة. واعتبر رئيس قسم جرائم النفس في إدارة التحريات والمباحث الجنائية في شرطة أبوظبي، المقدم جمعة الكعبي، أن هذه الحادثة تعد حالة عنف أسري نادرة في المجتمع.
متابعة منزلية
المشاركة الأبوية أكدت إرشادات مجلس أبوظبي للتعليم، عبر موقعه الإلكتروني، أن بيئة المنزل التي تشجع على التعليم تعد أكثر أهمية لتحصيل الطلاب من الدخل، أو مستوى التعليم، أو الخلفية الثقافية، مبينة أن هناك ثلاثة أنواع من المشاركة الأبوية في المنزل، ترتبط بشكل وثيق مع إنجازات الطلبة المتفوقين، وهي: - تنظيم ومراقبة وقت الأطفال بشكل فعال. - المساعدة في إنجاز الفروض المنزلية. - مناقشة الأمور المدرسية. ولفتت إلى أن باحثين توصلوا إلى أن مشاركة الوالدين بفعالية في تعليم الأطفال تحسّن أداءهم في المدرسة، وأن المدارس الفعالة هي التي تحظى بمستويات عالية من مشاركة الوالدين والمجتمع، ولا يتمثل المؤشر الأكثر دقة عن تحصيل الطفل في المدرسة في الدخل أو المكانة الاجتماعية، ولكن في مدى توفير مناخ يشجع على التعليم، والتعبير عن توقعات كبيرة بشأن تحصيل أطفالهم، والمشاركة في تعليم الأطفال في المدرسة والمجتمع، ومكافأتهم على الإنجازات الممتازة. |
وحذر الخبير التربوي، طالب عمر، من غياب دور الأسر عن العملية التعليمية، وعدم متابعتها مستوى الأداء الدراسي لأبنائها بصفة دائمة، إذ تترتب على ذلك نتائج سلبية منها ممارسة بعض الأسر أشكالاً من العنف ضد أبنائها عند تدني مستوى درجاتهم أو روسبهم في الاختبارات المدرسية، مؤكداً أهمية زيادة برامج التوعية والتثقيف الموجهة لأولياء أمور الطلبة وحثهم على المشاركة الإيجابية في العملية التعليمية، سواء من خلال التواصل مع الإدارة المدرسية او عبر المتابعة المنزلية للطالب، والتعرف إلى تحصيله الدراسي ومدى قيامه بأداء الواجبات المدرسية على الوجه المطلوب منه.
وطالب عمر بتفعيل درجات للسلوك التربوي في المنظومة التعليمية، بإضافتها للمجموع الكلي للطالب، بحيث تقوم الإدارة المدرسية بمكافأة ومعاقبة الطالب بدرجات استناداً إلى نسبة حضوره وغيابه والتزامه داخل الفصل، وغيرها من الأنماط السلوكية التي تعدّ مؤشراً يمكن لوليّ الأمر التعرف منه إلى مستوى ابنه في المدرسة.
ولفت إلى أن بعض الآباء يشعرون بصدمة كبيرة نتيجة رسوب أبنائهم أو تدني مستوى الدرجات التي حصلوا عليها في الاختبارات، ما يدفعهم إلى معاقبتهم بالضرب بصورة انفعالية، مضيفاً أن لهذا الأمر آثاراً سلبية نفسية وسلوكية واجتماعية عدة، مطالباً ذوي الطلبة باحتواء أبنائهم المتعثرين دراسياً والعمل على حلّ هذه المشكلة بالتعاون مع الإدارة المدرسية، فضلاً عن أهمية متابعة الأسرة للتحصيل الدراسي اليومي للطالب، ومشاركته في المذاكرة والواجبات والتمارين وغيرها، والاطلاع على مستواه الدراسي من معلميه والإدارة المدرسية بصفة دورية.
وأشار إلى أهمية دور الأخصائي الاجتماعي في المدرسة في مرحلة ما بعد إعلان النتائج، إذ يتوجب عليه التواصل مع أهالي الطلبة الراسبين، أو ممن حصلوا على درجات متدنية، ويقع عليه دور مهم في شرح طبيعة المشكلة لذوي الطالب بصورة علمية، وإعطائهم الإرشادات الواجب اتباعها لمعالجة مشكلة تعثر الطالب الدراسي.
وبين عمر أن غياب التواصل الأسري مع المدرسة يشكل العامل الرئيس في تزايد مشكلة التعثر الدراسي، إضافة إلى عوامل أخرى داخلية وخارجية، مثل التفكك الأسري و«الشللية» وأصدقاء السوء، وتردي المستوى الاقتصادي لبعض الأسر، وغيرها.
فجوة كبيرة
من جانبها، أشارت (أم سعيد) مديرة مدرسة في أبوظبي، إلى أن بعض آباء الطلبة يتجاهلون ضرورة حضور مجالس الآباء والأمهات التي تنظمها إدارات المدارس بهدف إشراكهم في العملية التعليمية، ووضع الحلول لمشكلات تواجه أبناءهم، سواء على مستوى السلوكيات أو التحصيل الدراسي، وهو ما يولد فجوة كبيرة في بين المدرسة والآباء.وأكدت أن المدرسة لا تستطع ممارسة دورها التربوي وتحقيق أهدافها التعليمية، من دون مشاركة الأسرة، إذ يقع عليها عبء متابعة الأداء الدراسي للأبناء، ومستوى تحصيلهم، والمساعدة في حلّ المشكلات السلوكية التي قد تواجه بعضهم، لافتة إلى أن أحد الأهداف الاستراتيجية لمجلس أبوظبي للتعليم هو التواصل مع الأهل، وهو ما تقوم على تنفيذه الإدارات المدرسية من خلال مجالس الآباء والأمهات.
وانتقدت (أم سعيد) مبالغة بعض الأسر في ردود أفعالها عقب رسوب أحد أبنائها في بعض المواد الدراسية، مؤكدة أهمية معرفة أسباب المشكلة ومعالجتها، والتواصل مع الإدارة المدرسية بصفة دائمة للمساعدة في حل المشكلات الدراسية والسلوكية التي تواجه أبناءهم الطلبة كافة.
الحوار المتبادل
من جانبه، رفض المستشار الأسري، راشد المنصوري أسلوب الضرب المبرح، في تربية النشء، إذ أكد أهمية التواصل مع الأبناء ومعرفة مشكلاتهم السلوكية والدراسية، والعمل على حلها في إطار من الحوار المتبادل، مشيراً إلى أن قيام آباء بتعنيف أبنائهم على خلفية تعثرهم في الامتحانات، يعدّ دليلاً على غيابهم عن متابعة أدائهم الدراسي منذ البداية، وعدم إلمامهم بمستوى تحصيلهم داخل المدرسة.
وأكد أن بعض حالات تعنيف الطلبة من قبل الأهل لا يكون لها علاقة بتحصيلهم الدراسي، بل ترتبط بضغوط نفسية واجتماعية ومادية تواجه الآباء، ويتم تفريغها في صورة من صور العنف الجسدي أو اللفظي ضد الأبناء، داعياً إلى إعادة تأهيل بعض الآباء، خصوصاً ممن لهم سوابق في الإدمان، على كيفية التعامل مع أبنائهم لضمان عدم تكرار حوادث العنف الأسري، التي قد تؤدي في النهاية إلى القتل.
ودعا أيضاً إلى مراعاة الأسر اختلاف القدرات الذهنية بين الطلبة، والعمل على اكتشاف مواهبهم وتطويرها والاستعانة بأهل الاختصاص والعلم في علاج أوجه القصور، التيي قد تنتج عن التعثر الدراسي لبعض الطلبة، والتواصل مع المعلمين والإدارة المدرسية للاطلاع عن كثب على أدائهم الدراسي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news