نحتاج إلى أب.. أقصد معلماً!
«أبوي.. آسف أقصد أستاذ» عندما تخرج بكل عفوية من فم طالب مخاطباً معلمه هي دليل على مدى متانة العلاقة والثقة التي منحها الطالب لمعلمه، لدرجة ارتقت به إلى منزلة الأب.
ثماني ساعات يومياً يقضيها أبناؤنا في المدارس، بعيداً عن توجيه الأسرة وحنان العائلة.. ثماني ساعات يكون فيها الطالب بكامل حواسه ومشاعره جاهزاً لاستقبال المعرفة والتوجيه والتدريب، يعود بعدها إلى المنزل، ولا يمكن ضمان أن يحصل على ساعة كاملة يكون هو ومن حوله من أفراد العائلة مجتمعين وهم في كامل وعيهم وحواسهم، فقد انهكتهم ساعات الدوام وساعات الانتقال من وإلى العمل أو المدرسة، لذا نجد القلة القليلة من الأسر تحاول المحافظة على ساعة عائلية غير ساعة المذاكرة، تجمع الأسرة لتبادل أطراف الحديث، ومعرفة كل جديد مع أبنائها، وتوجيههم بالشكل السليم.
أبناؤنا يحتاجون إلى من يكسب ثقتهم ويحترمهم، فيكونون بعدها أبناء له، يتقبلون توجيهه، ويستقبلون معارفه. |
أبناؤنا يحتاجون إلى من يكسب ثقتهم ويحترمهم، فيكونون بعدها أبناء له، يتقبلون توجيهه، ويستقبلون معارفه، يلاحظون ويراقبون سلوكه وكل ما يقوم به.
نحتاج إلى معلم وليس حاملاً للمعرفة فحسب، ليس ملماً بكل تقنيات التعليم الحديثة والقديمة فحسب، بل أكثر من ذلك، نحتاج إلى معلم محبٍ لنفسه ومهنته، فخورٍ بما يقوم به، محبٍ لوطنه ولأرضه، فخورٍ بما ورث من أسلافه، محبٍ لدينه وعقيدته، محترمٍ لمناسكه، محبٍ لطلبته وتلاميذه، محترمٍ لمشاعرهم، يهابه الطلبة احتراماً، ويألفونه حباً وعرفاناً.
بذلك نضمن أن عقول وحواس ومشاعر واعتقادات أبنائنا، خلال هذه الساعات الثماني من كل يوم، وخلال أهم أربع عشرة أو أثنتي عشرة سنة من حياتهم هي في أيدٍ أمينة، تعلم.. تطور.. وتوجه. تراعي احتياجاتهم، وتحترم اختلافاتهم، وتدفع بهم نحو التفوق والإبداع والابتكار بكل حب واحترام.
بذلك نكون فعلاً حققنا «أستاذ.. آسف أقصد أبوي» عندما تخرج بكل عفوية من فم ابن مخاطباً أباه!
رئيس الشؤون الطلابية في كلية الإمارات للتطوير التربوي