معجم المتفائلين
وقع في يدي كتاب قيّم، هو كتاب «معجم المتفائلين» للكاتب فلوريان لانجن شايدت، وهو على صغر حجمه، يقدم معنى مختلفاً للحياة على تنوع ظروفها، فمناخ حياتنا لا يدوم على حال، فتكون السماء يوماً زرقاء والشمس مشرقة، وأحياناً تغمرنا بوابل الأمطار ليستحيل الطقس كئيباً، لكن المتفائل لا يتأثر بذلك، فهو يحمل الطقس الجميل في داخله، والمتشائم نقيض ذلك تماماً. والكتاب يمكن أن يكون نواة لتربية إيجابية ونزوع حياتي متفائل، ويتمثل هذا في 66 كلمة من الكلمات المفتاحية، مصحوبة بمواقف جذرية تتسم بالتفاؤل.
المتفائل يحمل الطقس الجميل في داخله، والمتشائم نقيض ذلك تماماً. |
وذكرني الكتاب بقصة قرأتها قديماً تحكي أن تاجراً كان لديه ابن متشائم، ولكي يعلمه التفاؤل أرسله الى حكيم في منطقة نائية، قطع مسافة 40 يوماً ليصل إليه، وحين بلغ قصره وجده فخماً عظيماً. ولما دخل، سأل الحكيم: هل لك أن تخبرني بسر السعادة؟ فرد الحكيم: ليس لدي وقت لأخبرك بالسر، ولكن اخرج وتجول بين جنبات القصر ثم ارجع بعد ساعة، ووضع في يده ملعقة بها قليل من الزيت وأوصاه: احرص على ألا يسقط منها شيء، فخرج الشاب وطاف نواحي القصر ثم رجع، فسأله الحكيم: هل رأيت حديقة القصر الجميلة؟ فأجاب الشاب: لا، فسأله مرة أخرى: هل شاهدت مكتبة القصر؟ فرد الشاب: لا، وكرر الحكيم سؤاله: هل رأيت التحف الرائعة؟ فأجاب الشاب: لا، فسأله الحكيم: لماذا؟ فرد الشاب: لأني لم أرفع عيني عن ملعقة الزيت خشية أن يسقط مني. فقال الحكيم: ارجع وشاهد كل ما أخبرتك به وعد إلي، ففعل الشاب وشاهد الجمال في ما حوله، ثم رجع إليه، فسأله الحكيم: قل لي ماذا رأيت؟ فانطلق الشاب يروي ما رآه من جمال وهو منبهر؛ فنظر الحكيم لملعقة الزيت بيد الشاب فوجد أن الزيت سقط منها، فقال له: هذا هو سر السعادة، فحولنا كثير من نعم الخالق عز وجل لكننا نغفل عنها ولا نقدرها لانشغالنا عنها بهمومنا.. السعادة يا بني أن تقدر النعم وتسعد بها وتنسى ما ألمَّ بك من كروب، مثل ملعقة الزيت التي نسيتها حين تأملت النعم من حولك.
ونحن في النهاية لدينا حرية الاختيار، ونستطيع أن نعيش حياتنا كلها مع تسليط الضوء على الفشل وخيبة الأمل والجوع والحوادث، فنفسد بذلك متعة الاستمتاع بالجمال، كما بوسعنا أن نفرح بلحظات التألق والنجاح، وأن نتزود منها بالطاقة كي نجابه الصعاب ونتغلب عليها.
عميد كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة الحصن