إعلانات الدروس الخصوصية بدأت مبكراً بعروض وخصومات مغرية
رصدت «الإمارات اليوم» عودة إعلانات الدروس الخصوصية في الصحف، وعلى الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى الملصقات على مداخل البنايات، وعلى مواقف الحافلات، وتغري الطلبة وذويهم بعروض وخصومات خاصة، وهي الظاهرة التي اعتبرها تربويون مشكلة تثقل كاهل الأسر، ومغامرة غير مأمونة الجانب، محذرين من مخاطرها. فيما أكد مقرر لجنة شؤون التربية والتعليم والشباب والإعلام والثقافة في المجلس الوطني الاتحادي، حمد أحمد الرحومي، أن اللجنة تبحث إيجاد استراتيجية مناسبة، قد تشمل تقنين الدروس الخصوصية، ووضع آليات وقواعد لنشر إعلانات الدروس الخصوصية.
وتفصيلاً، بدأت إعلانات الدروس الخصوصية في العودة بقوة، حتى أنها تحتل صفحات كاملة في الجرائد الإعلانية، إضافة إلى المواقع الإعلانية على الإنترنت، ومواقع التواصل الاجتماعي، إذ كثّف معلمون ومزاولون لمهنة التدريس كعمل إضافي إعلانات عرض خدماتهم التعليمية الخاصة بالدروس الخصوصية للطلبة، في جميع المراحل الدراسية، ومختلف المناهج التربوية.
حمد أحمد الرحومي:
تقنين الدروس الخصوصية أكد مقرر لجنة شؤون التربية والتعليم والشباب والإعلام والثقافة في المجلس الوطني الاتحادي، حمد أحمد الرحومي، أنه «لا يمكن إنكار وجود حاجة بين كثير من الطلاب لتحسين وتطوير مستواهم الدراسي، ما يتطلب حصولهم على دروس تقوية، ويدفع ذويهم إلى الاستعانة بمدرسين خصوصيين، ولأن هذا العمل غير مشرع أو مسموح به رسمياً، فهم عادة ما يلجأون إلى إعلانات الصحف والمواقع الإلكترونية للبحث عن المعلمين، وهنا تكمن المشكلة، إذ يلجأ كثير من غير المتخصصين لتقديم خدمات الدروس الخصوصية». وأشار إلى أن السيطرة على هذه الظاهرة التي وصفها بـ«التجارة الرابحة»، تتم من خلال السماح بتقنين الدروس الخصوصية وفق ضوابط مشددة وصارمة، تضمن عدم انتحال أي شخص صفة معلم، ومنح تصاريح رسمية من وزارة التربية للمعلمين لمزاولة المهنة خارج المدرسة، بشرط عدم إخلال المعلم بواجباته الأساسية داخل الفصول، وتكون خاضعة لرقابة الوزارة، ومعنية بتطوير مستوى الطلبة بمختلف المراحل الدراسية. ميثاق شرف المعلم نصت اللوائح التنظيمية في وزارة التربية والتعليم ومجلس أبوظبي للتعليم، على منع الدروس الخصوصية، ومعاقبة المعلمين المزاولين لها، ووضعت الوزارة ميثاقاً أخلاقياً للمعلم يحظر عليه إعطاء الدروس الخصوصية، ويشدد على أن أي معلم يعطي دروساً خصوصية للطلاب يعد مخالفاً لقوانين الوزارة وميثاق شرف المعلم. فيما تفيد اللائحة التعليمية، الصادرة عن مجلس أبوظبي للتعليم، بأن العقود المبرمة بين المجلس والمعلمين تمنعهم من إعطاء دروس خصوصية، وتقضي بفصل أي معلم يثبت إعطاؤه دروساً خصوصية، إضافة إلى وجود قرار يحظر على المعلمين التابعين للمجلس تقديم الدروس الخصوصية مدفوعة الأجر لأي طالب يدرس في أي من مدارس أبوظبي. وشددت اللائحة على أن المعلمين ملزمون بالعمل مع طلابهم خارج ساعات الدوام الرسمي لتقديم المساعدة الأكاديمية المطلوبة، وأن المدارس ملزمة بوضع البرامج الضرورية لدعم الطلبة، وحصولهم على المساعدة التي يحتاجونها، لتحقيق المخرجات التعليمية المطلوبة. |
وتضمنت الإعلانات عروضاً عن جديد هذا العام لاجتذاب أكبر عدد من الطلبة، وذكر أحد الإعلانات أن الحصص الخاصة بالفترة التي تسبق الدراسة ستكون مجانية، حتى يتأكد الطالب من مستوى المعلم، ومدى استيعابه لطريقة الشرح، إضافة إلى تأكد المعلم نفسه من جدية الطالب والتزامه.
فيما أوضح إعلان آخر إمكانية تدريس المعلم جميع أفراد الأسرة، مع اختلاف صفوفهم الدراسية، بحيث يكون معلم الأسرة الخصوصي براتب شهري، شاملاً جميع المهام التدريسية التي ستوكل إليه، فيما ذكرت صاحبة أحد الإعلانات أن الدروس الخصوصية للفتيات يومي الجمعة والسبت فقط قبل السابعة مساءً.
من جهة أخرى، حذر معلمون في مدارس حكومية وخاصة من خطورة لجوء ذوي الطلبة إلى إعلانات الصحف للحصول على معلم لمساعدة ذويهم، مشيرين إلى أن معظم أصحاب هذه الإعلانات لا يعملون بمهنة التدريس أساساً، وبعضهم مخالف لشروط الإقامة في الدولة، ويتخذون من هذه الإعلانات وسيلة لزيادة دخلهم، والحصول على أموال من ذوي الطلبة.
وقال المعلمون: سامح نصر، ومحمد فوزي، وعلاء سلامة، وأحمد حسن، إن الدروس الخصوصية أصبحت أحد أساسيات التعلم عند كثير من الأسر، لذلك يجب وضع إطار قانوني وأخلاقي لها، لضمان أن يكون مردودها إيجابياً وليس عكسياً.
وطالبوا بضرورة القضاء على الفوضى الخاصة بإعلانات الدروس الخصوصية، لما لها من مردود سلبي على صورة المعلم ومكانته الاجتماعية، إضافة إلى ما تسببه من تدني قيمته في المجتمع، نتيجة للمخالفات والسلوكيات الخاطئة التي يرتكبها دخلاء على المهنة، مشيرين إلى أن الاستعانة بمعلم من خلال إعلان يُعد مغامرة بفكر الطلبة من جانب أشخاص مجهولين.
فيما ذكرت المعلمات: مديحة حسن، ونجلاء شاهين، وفاطمة سعد، أن معظم المعلمات لا يمارسن الدروس الخصوصية، نتيجة انشغالهن بأسرهن، مشيرات إلى أن انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية يشوه صورة المعلم، ويدفع طلبة إلى التمرد وعدم الالتزام داخل الصفوف الدراسية.
وأكدن أن اعتماد الطلبة على المدرس الخصوصي أدى إلى إهمالهم الحصص الدراسية، وعدم الانتباه أو الإصغاء لشرح المعلم، لأنهم وجدوا بديلاً متى ما يشاؤون، وفي مكان أكثر أريحية لهم من الفصل الدراسي، لافتات إلى أن معظم المدرسين الخصوصيين يماطلون في الشرح، لزيادة الساعات الدراسية.
وطالبن بضرورة اتخاذ الجهات التعليمية خطوات جريئة لمحاربة الدروس الخصوصية، التي أصبحت ظاهرة عامة تنافس المدارس، وتحولت من وسيلة مساعدةٍ ودعمٍ للطلبة إلى تجارة ربحية، تهدف في المقام الأول إلى استنزاف مدخرات الأسر، مع ضرورة مخاطبة وسائل الإعلام بعدم نشر إعلانات الدروس الخصوصية.
في المقابل، أكد عدد من ذوي الطلبة أن أبناءهم ينتظمون في الدروس الخصوصية قبل بداية الدراسة بأسبوع على الأقل، مشيرين إلى أن سعر الساعة الواحدة لطلاب الحلقة الأولى يراوح بين 150 و200 درهم، مقابل 250 إلى 300 درهم للحلقتين الثانية والثالثة.
وأكد ذوو طلبة في مراحل دراسية مختلفة: زين العابدين صقر، ونواف البلوشي، ومعتصم جمال، ومحمد شهدي، أن لجوءهم إلى الدروس الخصوصية يعود إلى رغبتهم في زيادة تحصيل ورفع مستوى أبنائهم، خصوصاً أن الدروس الخصوصية أصبحت تمثل إحدى الوسائل الأساسية للنجاح والتفوق، خصوصاً لطلاب الثانوي، بهدف تحقيق مجموع كبير، والالتحاق بالكليات العلمية.
وأشاروا إلى أن التزامات العمل وضغوط الحياة، بجانب صعوبة بعض المناهج، تدفعهم إلى الاستعانة بمعلمين خصوصيين لأبنائهم، لمتابعتهم وتدارك ما فاتهم في المدرسة أثناء الشرح، لافتين إلى أن «الدروس الخصوصية شر لابد منه».
من جانبه، أكد الرحومي أن تفشي وعشوائية ظاهرة الدروس الخصوصية وسبل مواجهتها تحتل جزءاً كبيراً من النقاشات واللقاءات التي أجرتها اللجنة بشأن سياسة وزارة التربية، لافتاً إلى أن اللجنة ستواصل البحث بمجرد عودتها للانعقاد الشهر المقبل، بهدف إيجاد استراتيجية مناسبة، قد تشمل تقنين الدروس الخصوصية وفق ضوابط صارمة، لتقوية مستوى الطلبة المحتاجين، ووضع آليات وقواعد لنشر إعلانات الدروس الخصوصية، بالتنسيق مع المجلس الوطني للإعلام.
وأفاد بأن اللجنة ستجتمع بمجرد انعقادها مع مسؤولين من وزارة التربية والمجلس الوطني للإعلام، للتباحث حول سبل مواجهة إعلانات الدروس الخصوصية، التي تنتشر بكثافة موسمياً في الصحف والمواقع الإلكترونية، مقترحاً ألّا يتم نشر مثل هذه الإعلانات قبل الحصول على موافقة أو تصريح من وزارة التربية، مثلما يحدث مع المنتجات الصحية والطبية والتجميلية، التي تتطلب موافقة وترخيص وزارة الصحة ووقاية المجتمع قبل الإعلان عنها.