الصداقة
الصداقة مفردة رائعة تكتنز في أبعادها كثيراً من المعاني الصادقة والنبيلة، وهي رباط من المودة والمحبة يقود حتماً إلى الغايات الهادفة، حينما نستثمرها بشكل مثالي، ونوظفها في إطار من المعاني السامية.
انطلاقاً من هذه الأسس، ينبغي علينا أن نعزز دوافع الصداقة بين أبنائنا الطلاب، وننسج خيوط هذه المفردة لنوطد دعائمها.. ونرسخ لحقائقها بين الطلاب، فهي بلاشك سوف ترسم معالم الطريق الصحيح، لتكوين العلاقات الإنسانية في المستقبل.
وفي سياق هذا المنوال، تتداعى الأسئلة عن الطريقة المثلى لنشوء الصداقات بين الطلاب، ومن هنا يأتي دور الإدارات المدرسية والهيئات التدريسية، في خلق أجواء تساعد على بناء الصداقات الصحيحة، من خلال إقامة الفعاليات والورش والأنشطة، وإطلاق المبادرات والبرامج التي من شأنها أن تنمي روح التفاعل والتناغم والتعاون والانسجام بين الطلاب، وينبغي أن يفهم الطالب أن دوره في المدرسة لا ينحصر فقط في نجاحه وتفوقه على المستوى الفردي، وإنما في مساعدة الآخرين، خصوصاً إذا كانوا أبناء صفه، إذ يجب هنا تحفيزهم ليدعموا زملاءهم، الذين يعانون التأخر الدراسي، أو نقصاً في مهارة معينة، ليدركوا أن بفعلهم هذا يقدمون خدمة جليلة لأنفسهم قبل غيرهم، لأن روح التعاون سوف تتأصل في دواخلهم، وستكون جزءاً من سلوكهم. وقديماً قيل: «صديقك من صَدَقَك وليس من صَدَّقك»، لذا تجب مساعدة الطلاب على اختيار الصديق الصدوق في أقواله وأفعاله.
إن أساليب التعليم الحديثة توجه وتؤكد أن يكون التعليم قائماً على أساليب التعاون والفاعلية، وتلاقح الأفكار والعصف الذهني والعمل الجماعي، كل ذلك يقود حتماً إلى تعزيز الثقة لدى الطالب، ويعلمه ضمن الجماعة أن يطرح أفكاره بجرأة، ويكسر حاجز الخجل والخوف من مواجهة المجتمع.
بالقدر ذاته، وبناء على ما سبق يمكن للإدارات المدرسية أن تمد جسور التواصل مع طلابنا وطالباتنا، وتشعرهم بأنهم أصدقاء لهم، وتفتح لهم الأبواب وتستمع لمشكلاتهم الصغيرة والكبيرة، وتجعلهم في حالة من الطمأنينة، عندما يودون أن يطرحوا همومهم ومشكلاتهم.
وللأسرة دور أكبر وأهم في هذا الجانب، من خلال تمكين الأبناء من تكوين صداقات مثالية ومتابعة خطواتهم عن بعد في هذا المسار، والتدخل الإيجابي عند الضرورة، خصوصاً في هذه الأيام، لأن أبناءنا مستهدفون.. و«الصاحب ساحب».
فالصداقة كنز من العلاقات الإنسانية النبيلة الشفافة، لذلك يجب أن ننتبه لأهميتها وفاعليتها في صقل شخصية الأبناء، وبالتالي نسهم في بناء شخصية سوية خالية من العقد والاضطرابات النفسية، وفاعلة في مجتمعها.
نؤازرهم حينما يفشلون ونقف إلى جانبهم، نقدم لهم النصح، نأخذهم في رحلات، ونتشارك معهم ألعابهم وهواياتهم، وحينها سوف نضمن حتماً أنهم لن يخفوا عنا شيئاً، وفي الوقت ذاته يصبحون كتاباً مفتوحاً لنا.
بهذه المعاني وبتلك الروح جميعنا سنكون أصدقاء، نتآزر ونتكاتف ونتعاضد ونعبر بهمومنا وآلامنا ومشكلاتنا إلى بر الأمان، طالما هنالك أصدقاء أوفياء في المدرسة والمنزل.
مستشار تربوي