الهندسة الاحترافية
ترسيخ فكر الهندسة الاحترافي في الإمارات ليس له فوائد على المستوى الشخصي فقط، بل له أثر مجتمعي كبير من حيث تمكين المهندس الإماراتي من العمل في القطاع الخاص في مشروعات دولية، وليست محصورة في المنطقة، ما سيكسبه خبرة دولية، فيصبح المهندس الإماراتي مهندساً مطلوباً في كل أرجاء المعمورة.
ومثالاً على ذلك، خلال عام 2019 تم تكريم الدكتور المهندس عبدالله بلحيف النعيمي، عضو مجلس الوزراء وزير تطوير البنية التحتية، بأهم وأرقى الشهادات الاحترافية التخصصية في الهندسة المدنية، وهي الزمالة الكاملة من نقابة المهندسين المدنيين في المملكة المتحدة، التي أنشئت عام 1818.
وخلال كلمته في مراسم تكريمه في لندن، نوه إلى أهمية الحصول على الشهادات الاحترافية، بجانب الشهادات الأكاديمية، خصوصاً في التخصصات العلمية، مثل القطاع الهندسي. كمهندس محترف أضم رأي إلى رأي الوزير، وأوجه رسالة إلى كل مهندسي المستقبل، بأن الشهادة الأكاديمية وحدها لا تكفي لإعداد مهندس مستعد لسوق العمل في القطاع الحكومي أو الخاص في وقتنا الحاضر، الذي يتزامن مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة.
ومن فوائد الهندسة الاحترافية دورها الكبير في ازدهار ريادة الأعمال في المجتمع، حيث أثبت معظم الدراسات أن رواد الأعمال في المجال الهندسي والتقني يحملون الشهادات الاحترافية أكثر من الشهادات الأكاديمية. وبما أن الإمارات من الدول السبّاقة في توفير البيئة الخصبة لريادة الأعمال والمشروعات الناشئة، فإن عامل الهندسة الاحترافية سيلعب دوراً في ازدهار مجال ريادة الأعمال، خصوصاً بين الشباب.
وأعلنت جمعية المهندسين في الإمارات، برئاسة المهندس محمد المشروم، عن بحث تكوين رابطة المهندسين المحترفين، لترجمة أهدافها في تقديم أفضل الممارسات الهندسية، ونشر وتعزيز مفهوم ثقافة الاحتراف في المجال الهندسي، وتعتبر هذه الخطوة حيوية، حيث تكون رابطة تحت مسمى «المهندسين المحترفين الإماراتية»، تحت مظلة جمعية المهندسين، وستُعنى بتأهيل الكوادر الهندسية، خصوصاً الوطنية، بصورة احترافية، وتعزيز مفهوم ثقافة الهندسة الاحترافية، والنتيجة المترتبة على ذلك هي خلق روح الإبداع والتحدي لدى المهندس.
لكن أرى أن هناك قلة وعي عن الشهادات الاحترافية بشكل عام، خصوصاً في القطاع الهندسي، لذلك أتمنى من الكادر التعليمي، خصوصاً الجامعي، زيادة الوعي بأهمية الشهادات الاحترافية، وذلك بتشجيع الطلبة على الاشتراك مع المؤسسات الاحترافية عن طريق العضويات.
وفي الختام، استشهد برؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عند إعلانه عن إطلاق المدرسة المهنية لشباب الإمارات، في أغسطس الماضي، حيث أشار إلى أنها نقلة نوعية، تؤهّل جيلاً لقيادة المستقبل.
باحث أكاديمي