«كورونا» يؤثر في اختيارات الطلبة للدراسة الجامعية
أكّد طلبة في الصف الثاني عشر أنهم غيّروا توجهاتهم الأكاديمية واختياراتهم للمساقات الدراسية الجامعية، نتيجة ما طرأ على سوق العمل من تغيرات بعد جائحة فيروس كورونا المستجد، مشيرين إلى الحاجة الملحة إلى تخصصات مثل الطب، والصيدلة، والتمريض، والإسعاف، وعلوم الكمبيوتر، والذكاء الاصطناعي.
وأكدت جامعة زايد أنها تشهد زيادة في إقبال الطلبة على العلوم الصحية بنسبة 20% مقارنة بالعام الماضي.
وتستعد كليات التقنية العليا لزيادة عدد دارسي هذا التخصص من 2300 طالب وطالبة، حالياً، إلى 5000 طالب وطالبة حتى عام 2025.
كما ترصد جامعة دبي الاتجاه العام للتخصصات المطلوبة، موضحة أن التركيز ينصب حالياً على دراسة المجالات المتعلقة بإدارة الأزمات والبيانات.
وتفصيلاً، ذكرت الطالبة في الصف الثاني عشر، شيماء الحمادي، أن تحويل الدراسة من المدرسة إلى دراسة عن بعد (افتراضية)، خلال الفصل الدراسي الثالث، بسبب جائحة «كورونا»، أثر في تحديد مساق التعليم الذي ترغب دراسته في المرحلة الجامعية، موضحة أنها كانت متحمسة لدراسة إدارة الأعمال، منذ الصف العاشر، لكن هذا التوجه تغير خلال الفصل الدراسي الجاري بسبب الحاجة الماسة إلى تخصصات معينة، من بينها علوم الكمبيوتر.
وقالت الطالبة في الصف الثاني عشر، عائشة المرزوقي، إن «الأطباء والممرضين شكلوا خط الدفاع الأول للوقاية من انتشار فيروس (كورونا). وقد احتفت بهم قيادتنا ومجتمعنا بشكل كبير. ولهذا وجدت في نفسي ميلاً نحو دراسة التمريض، لأنه رسالة سامية، وأستطيع من خلاله أن أقدم خدمات كبيرة لمجتمعي».
وذكر الطالب في الصف الثاني عشر، محمد أيوب، أنه يرغب في دراسة «الزراعة»، موضحاً أن جائحة «كورونا» وضعت دول العالم أمام تحدٍ كبير، هو حماية «الأمن الغذائي» لشعوبها.
وأضاف: «أظهرت الأزمة أن هناك حاجة ملحة للأمن الغذائي. وهو ما يحتاج إلى أفكار مبتكرة مبنية على الدراسة الأكاديمية للتخصصات التي ترتبط بهذا المجال. ومنها الزراعة والأحياء البحرية»، لافتاً إلى أن «المجال الزراعي ميدان كبير لتوفير فرص العمل».
وقال الطالب في الصف الثاني عشر، وليد زياد، إن «أزمة (كورونا)، أكدت أن رغبتي في دراسة الذكاء الاصطناعي كانت صائبة، إذ ظهرت الحاجة إلى هذا المجال بشكل كبير خلال الشهور الماضية، سواء للتعقيم أو لتوفير احتياجات المصابين بالفيروس دون مخالطتهم، أو للكشف عن حالات الإصابة».
من جانبه، أفاد مدير مجمع كليات التقنية العليا، الدكتور عبداللطيف الشامسي، بأن الجائحة أفرزت متطلبات مستقبلية تتعلق بضرورة استقطاب مزيد من الكفاءات الوطنية للقطاعات الحيوية المهمة، التي أسهمت بشكل فاعل في نجاح الدولة في مواجهة الفيروس، من بينها القطاعان الصحي والتكنولوجي، مضيفاً: «من منطلق الوعي الذي رأيناه في المجتمع بأهمية هذه التخصصات عقب الأزمة، نتوقع تزايداً في أعداد الطلبة الراغبين في دراستها مع انطلاق العام الدراسي المقبل».
وتوقع أن تشهد الفترة المقبلة مزيداً من التوسع في التخصصات الثلاثة، سواء العلوم الصحية، أو التكنولوجيا وعلوم الكمبيوتر الذي يدعم الحاجة إلى البرمجيات والتطبيقات لـ«العمل عن بعد»، و«التعليم عن بعد»، أو قطاع التكنولوجيا الحيوية (بيو تكنولوجي) الخاص بمجال الأمن الغذائي وغيره، مضيفاً «إنها تخصصات موجودة فعلياً في كليات التقنية العليا، ونأمل أن يستفيد منها طلابنا».
وقال الشامسي: «نستهدف في كليات التقنية العليا استقطاب مزيد من الطلبة لتخصصات الرعاية الصحية، حيث تسعى الكليات إلى زيادة عددهم من 2300 طالب وطالبة حالياً، إلى 5000 طالب وطالبة خلال السنوات الخمس المقبلة. وقد بدأنا الاستعدادات في الكليات للتجهيز لاستقطاب أكبر عدد من الطلبة».
وأكد أن سوق العمل ستشهد تغييراً واضحاً في كثير من الوظائف عقب «كوفيد-19»، مستبعداً ظهور مساقات تعليمية جامعية جديدة يمكن طرحها حالياً، حيث إن «هذا الأمر يحتاج إلى دراسة متأنية لمتغيرات سوق العمل، والتعرف إلى احتياجاته التي أنتجتها الجائحة»، مؤكداً الحاجة إلى تخصصات بعينها، موجودة حالياً.
وقال إن الكليات تدرس المستجدات لربط برامجها باحتياجات سوق العمل من التخصصات والمهارات، وضمان الوصول إلى مخرجات لديها من المهارات ما يمكنها من مواكبة المتغيرات الوظيفية والتعامل مع التحديات.
من جانبه، أكد رئيس جامعة دبي، الدكتور عيسى البستكي، أهمية الرؤية المستقبلية للجامعات في توجهاتها الأكاديمية والبحثية بعد الأزمة العالمية الناتجة عن فيروس كورونا المستجد، وأهمية التفكير المستقبلي للكشف عن توجهات وميول وقدرات الطلبة ومهاراتهم، لافتاً إلى أن الجائحة ستؤثر في اختيارات الطلبة والتخصصات المختلفة، خصوصاً أن الاتجاه العام هو التركيز على دراسة المجالات المتعلقة بإدارة الأزمات والبيانات، ودراسة الإبداع والابتكار التقني والتكنولوجي.
وأضاف أن أزمة «كورونا» وما نتج عنها من تحديات علمية وطبية سلطا الضوء أكثر على أهمية التخصصات المتعلقة بالتقنيات الطبية والعلاجية والتي تؤثر في مواجهة أزمات مماثلة. كما سلطت الضوء على دراسة تقنيات المعلومات والاتصالات، التي تتضمن تقنيات الجيل الخامس وعلوم البيانات وانترنت الأشياء، والواقع الافتراضي والمعزز والذكاء الاصطناعي والبلوكتشين، والتعلم عن بعد.
وأوضح البستكي أن الطلبة أصبحوا أكثر ميلاً للتخصصات التي يمكن دراسة معظمها «أون لاين»، وأن الجائحة تلعب دوراً أساسياً في تغيير المنظومة العالمية والمجتمعات. ومن ضمن هذا التغيير النظام التعليمي وضرورة مواكبة التقدم التكنولوجي في المجالات كافة، ومنها تقنيات المعلومات والذكاء الاصطناعي والروبوتات، وتقنيات النانو والتكنولوجيا الحيوية، والعلاقة بين الإنسان والآلة.
ولفت إلى أهمية تطوير نظم التعليم عن بعد وتزويدها ببرامج حديثة تسمح بتطوير التفاعل بين الطالب والجامعة، لتسهم في مرونة تطوير برامج التعلم عن بعد ودراسة التخصصات الجديدة.
وأضاف البستكي أن كلية «الهندسة وتقنية المعلومات» في الجامعة ستبدأ في سبتمبر المقبل بتدريس أول دفعة من طلبة الماجستير في علوم البيانات، وطلبة البكالوريوس في هندسة القوى والطاقة. كما تعمل الجامعة على طرح برامج، منها هندسة الكمبيوتر في مرحلة البكالوريوس وبرامج هندسية جديدة في مستوى الماجستير والدكتوراه خلال السنوات القليلة المقبلة، إضافة إلى مساقات مهنية متطورة من خلال مركز الدراسات المستقبلية الذي تحتضنه الجامعة ومركز التطوير التنفيذي.
وقال نائب مدير جامعة زايد المشارك، رئيس الشؤون الأكاديمية، الدكتور ناجي وكيم: «لا توجد برامج جديدة مخطط لتقديمها لطلبة البكالوريوس، خلال الفصل الدراسي المقبل، ولكن سيتم إطلاق برامج على مستوى الماجستير بعد اعتمادها أكاديمياً، مع بداية الفصل المقبل، وستكون خمسة برامج جديدة، أربعة منها تابعة لكلية العلوم الطبيعية والصحية، ومادة واحدة بكلية الابتكار التقني».
وقال عميد كلية العلوم الطبيعية والصحة في جامعة زايد، الدكتور فارس هواري: «لاحظنا زيادة في القبول بالتخصص الرئيس للصحة العامة والتغذية، لدراسة علم الأوبئة في تخصص الصحة العامة، ومن ثم بلغت نسبة زيادة الإقبال على التخصص 20% مقارنة بالعام الماضي».
ولفت إلى أن مرحلة الماجستير ستشهد طرح مادتين في الكلية بالفصل الدراسي المقبل؛ إحداهما عن إدارة المخاطر، والثانية تقليل أضرار المخاطر.
3 مجالات
قال مدير مجمع كليات التقنية العليا، الدكتور عبداللطيف الشامسي، إن هناك ثلاثة مجالات متوقع أن تحظى بمزيد من الاهتمام على مستوى القطاع التعليمي، هي: العلوم الصحية وعلوم الكمبيوتر والتكنولوجيا الحيوية (بيو تكنولوجي)، بهدف توفير حياة صحية ومواكبة التطورات المستمرة على مستوى التقنيات المتقدمة.