للتعليم وجوه كثيرة
قد يكون النمط الأكاديمي هو النمط المتعارف والشائع بين أفراد المجتمع العربي عن ماهية المنطومة التعليمية، حيث يرى الكثير أن المؤسسات الأكاديمية والتدريسية لها الدور الحصري في إثراء جودة وكمية المعرفة بين مختلف طبقات المجتمع.
استناداً للباحثة فكتوريا في كتابها «التعليم للجميع» هذه الفكرة السائدة «Stereotype» هي نتيجة الموروث المغلوط الذي يتسم بالاتكالية وعدم المشاركة والهروب من القيام بالواجب المجتمعي. لا أحد يختلف أن المؤسسات الأكاديمية تعتبر من أبرز اللاعبين في تطور البعد التعليمي لكن تبقى جزءاً من كل. وكما يذكر خبراء التنمية البشرية أن عملية زيادة عدد خيارات الفرد في انتقاء المجالات المناسبة له في القطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة، هي تمثل النقطة المحورية في الحركة التنموية بشكل عام.
المزيج والمشاركة بين مختلف أنماط التعليم أمر مهم جداً في صقل المكنون التعليمي للشخص، فدائماً كنت أشجع الجميع خصوصاً فئة الشباب على الموازنة بين الحصول على الشهادات الأكاديمية والاحترافية لتقوية الفكر الشمولي الذي يتناسب ويتكيف مع ديناميكية عجلة العلوم في عصرنا الحالي.
في كتابه الجميل «التطوير المهني المستمر: التعلم مدى الحياة للملايين» يعتقد الكاتب اندرو، أن الاستمرارية والتكاملية هما أهم عنصرين للحفاظ والتطوير العام للتعليم وتوفير البيئة الفاعلة التي تتصف بالاستدامة والمرونة، سواء في التعليم المؤسسي أو غيره.
قد يعرف التعليم المستمر المتكامل أنه نظام تعليمي أو تدريبي يبدأ بعد انتهاء مرحلة التعليم الرسمي أو خلالها ولا يقتصر على فئة عمرية محددة، حيث يشمل معارف ومهارات الطالب تماشياً مع التطور العلمي. ففي الفصل العاشر من كتابه ذكر الباحث اندرو، أن حوكمة التعليم قد تمثل التحدي الأكبر للتعليم المستمر المتكامل، حيث يجب أن تخرج من النهج التقليدي الذي تنقصة الهيكلية الدائرية بسبب قلة التغذية الراجعة من مختلف أصحاب المصلحة والعلاقة. ولذلك ينصح الكاتب بأن تكون اللجان المسؤولة عن التعليم تمثل نسيجاً متنوعاً من شريحة المجتمع، تماشياً مع هيئة المحلفين في النظام القضائي في دول غربية عدة.
نبارك أخيراً، لوزارة التربية والتعليم في الإمارات مجهوداتها الكبيرة لدعم آلية التعليم المستمر المتكامل، حيث قامت بافتتاح مراكز عدة للتعليم المستمر في مختلف إمارات الدولة، والتي تطرح عدداً من المساقات لمختلف الأعمار والمستويات التعليمية، من رياض الأطفال إلى تعليم الكبار، ولذلك أرى نفسي متفائلاً في رؤية نمو استراتيجيات التعليم المستمر المتكامل تحت ظل الحكومة. وفي النهاية يجب أن أنوه بأن التعليم هو عبارة عن رحلة مستمرة وليست وجهة، وأن التعليم لا ينتهي بدرجة علمية أو مهنية معينة، وكما ذكر العالم أبراهام ماسلو المتخصص في علم النفس التنموي في نموذجه الهرمي المعروف بمثلث ماسلو للاحتياجات في ورقته البحثيّة «نظريّة الدافع البشري»، أن الحاجة إلى تحقيق الذات تعتبر رأس الهرم، وأن التطور التعليمي من أهم بواباتها.
دكتور بجامعة نيويورك أبوظبي