لأن الهندسة جميلة
جمال الهندسة يكمن في الرحلة وليست الوجهة كما يظن الكثير. الرحلة التي تبدأ وتنتهي بسؤال، حيث السؤال هو المحرك الأساسي لتطوّر البشرية، ولذلك أخذت كل الثورات الصناعية الأربع الطابع الهندسي، ففي الثورة الصناعية الأولى كانت الهندسة الميكانيكية هي العنصر الفعال في اختراع آلة البخار، وفي الثورة الصناعية الثانية كانت الهندسة الكهربائية لها الدور الحيوي في اكتشاف التيار الكهربائي. وأخيراً لعبت هندسة الحاسوب والهندسة الحيوية الدور الأكبر في كل من الثورة الصناعية الثالثة والرابعة.
يُقاس المهندس بالتحديات التي تغلب عليها للوصول إلى الحل الهندسي ولا يُقاس بالمنتج الهندسي فقط، كما يفعل الكثير من الشركات الهندسية بحجة أن الهندسة علم تطبيقي بحت. وللتصحيح، عرفت الهندسة بأنها فن قبل أن تعرف بأنها علم تطبيقي في التاريخ، حيث عرفت الهندسات التقليدية مثل الهندسة المدنية بأنها فن استخدام الموارد الطبيعية لخدمة البشرية.
وقد يكون أوضح مثال على ذلك المنافسة بين أهم رموز الهندسة خلال الثورة الصناعية الثانية، وهم توماس إديسون ونيكولا تسلا، حيث يملك إديسون براءات اختراعات أكثر بكثير من تسلا، ومع ذلك يعتبر تسلا كمهندس أفضل بمراحل من إديسون في معظم كتب التاريخ الهندسي بسبب الظروف والتحديات التي واجهها سواء كانت تقنية أو مادية التي دفعته إلى التفكير خارج الصندوق، ما أثمر عن أيقونته التيار المتردد متعدد الأطوار.
وفي السياق نفسه استشهد بمقولة الصحافي الشهير سكوت آدامز: «أن المهندسين الحقيقيين هم من يحلون المشكلات وإن لم توجد فهم يصنعونها ومن ثم يحلونها». وهذا تماماً يتوافق مع الرسالة التي أريد أن أوصلها، وهي أن الهندسة فن وحدس يتطلب التعليم والتمرين المستمر وليس محصوراً فقط في المساقات الأكاديمية التي تتسم بالغزارة العلمية التي قد تثبط روح الإبداع إذا تم تدريسها بشكل روتيني بحت.
وفي النهاية.. من أهم السمات التي تجعل الهندسة جميلة هي بث وصناعة الأمل. المهندسون هم صناع الأمل على مدى التاريخ، وأنقذوا البشرية من الكثير من التحديات الخطرة خلال تصميم شبكات الصرف الصحي، أو حتى أخيراً من خلال صنع اللقاحات التي لعب فيها مهندسو الهندسة الحيوية دوراً كبيراً.. تذكر أنت مهندس.. أنت صانع أمل، وبذلك تكون الهندسة جميلة.
الهندسة المدنية هي فن استخدام الموارد الطبيعية لخدمة البشرية.
• دكتور في جامعة نيويورك أبوظبي