البحث والتطوير الهندسي
لقد قامت دولة الإمارات، أخيراً، بإنشاء مجلس البحث والتطوير، الذي يُعنى بالحركة البحثية في كل القطاعات الحيوية في الدولة، مثل قطاعات الصناعات والإنشاءات.
القطاع الهندسي في الدولة سيستفيد كثيراً من هذه الحركة البحثية، خصوصاً بما يتميز به القطاع الهندسي من حركة وتطور مستمرين نتيجة لتطور التكنولوجيا في عصرنا الحالي.
قد يعتبر الكثير من الشركات والأفراد البحث والتطوير شيئاً ثانوياً بجانب العمل الإنتاجي، وهذه برمجة مغلوطة، بسبب الاقتصاديات قصيرة المدى.
فمثلاً، أظهرت الدراسات أن أزمة جائحة «كورونا» قد تسببت فعلاً بخسائر كبيرة في قطاع البناء والإنشاءات، وسببت الكثير من الخسائر لكبرى الشركات المخضرمة في عالم الإنشاءات.
لكن المفارقة هنا أن الشركات الناشئة كانت من أكثر الشركات ربحاً خلال هذه الجائحة، من خلال تقديم خدمات رقمية مستحدثة، مثل «التوأمة الرقمية» للإنشاءات، وتفتيش هياكل المباني بواسطة «الدرونز».
إنتاج المعرفة الهندسية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بعملية البحث والتطوير، ولا تعتبر نوعاً من الكمالية أو الرفاهية في مجال سريع الإيقاع مثل الهندسة.
ولذلك فإن دعم وتطوير المجال البحثي في القطاع الهندسي مسؤولية مجتمعية من مختلف القطاعات والأفراد، حيث يسهم القطاع الخاص في معظم الدول المتقدمة هندسياً في أكثر من نصف الميزانية لصندوق البحث والتطوير الهندسي.
وهنا نقطة تجدر الإشارة إليها، وهي أن المخرج الحقيقي للبحث والتطوير هو ليس المنتج الهندسي فقط، بل الإنسان ذو العقلية البحثية، الذي يرى الصعوبات والتحديات كفرص وبوابة جديدة لصنع أمل لتطوير البشرية.
وقد يكون مشروع «مسبار الأمل» أكبر مثال على أهمية البحث والتطوير الهندسي، حيث شارك المهندسون الإماراتيون في مهمة المسبار لاستكشاف الغلاف الجوي للمريخ، وتمت العمليات البحثية التعاونية مع كبرى الجامعات، مثل جامعة كولورادو بولدر، وجامعة ولاية أريزونا، وجامعة كاليفورنيا بيركلي.
وكنتيجة لمشاركة المهندس الإماراتي في هذا الإنجاز المهم من مرحلة التصميم إلى مرحلة الإنجاز والتشغيل، أصبح منتجاً للمعرفة الهندسية، وليس فقط مستهلكاً لها.
الاستثمار في البحث والتطوير هو الاستثمار في عقلية الإنسان التي تقود التغيير لمواكبة متطلبات المستقبل.
يعتبر الكثير من الشركات والأفراد البحث والتطوير شيئاً ثانوياً بجانب العمل الإنتاجي، وهذه برمجة مغلوطة.
دكتور في جامعة نيويورك أبوظبي