مشاعر إنسانية

التقت قلوب الناس في العالم شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً حول مشاعر الإنسان التي ظن لوهلة أنها ولت تحت ضغط الحياة العصرية وإيقاعها المتسارع، الذي أصبح يدفع كل شيء في طريقه إلى الوراء.

في قصة الطفل «ريان» دروس وعبر كثيرة، فقد وجد الإنسان نفسه في مشارق الأرض ومغاربها نفسه على مشاعر واحدة في هذه المأساة الإنسانية التي دخلت القلوب دون نظر لخطاب الكراهية والصراعات التي يشهدها الإنسان في هذا العالم.

فجأة وَحّدَ الطفل «ريان»، مشاعر الإنسان في القرن الـ21، وأثار في داخله جينات الإنسان الواحد الذي خلق لإعمار الكون دون نظر للونه أو جنسه أو عقيدته أو قوميته.

وكأن حالة الطفل «ريان» لحظة إفاقة للإنسان في عصرنا الحالي من صخب الحياة اليومية وروتينها التكنولوجي الذي لا يتوقف على مدار الساعة، وبعيداً عن التفاصيل فإن الدرس الأكبر في هذه القصة هو وحدة الإنسان، هذه الوحدة التي تتجاوز حدود الجغرافيا وكل أساليب التمييز والكراهية والعنف والصراع وتلتقي بقوة نحو مشاعر الإنسان الأصيلة، هذه المشاعر التي يجد فيها الإنسان نفسه في موقف المتعاضد مع أخيه الإنسان، يحزن لألمه، ويفرح لسعادته، ويتطلع بتفاؤل لمستقبل مشرق، ويمد البصر عبر حدود الجغرافيا وتضاريسها نحو الغد بكل ما يحمله من إيجابية وإشراقة، وتفاؤل يرسم للبشرية خارطة طريق في العصر الرقمي الذي يعزز سطوته كل يوم على المشاعر في مختلف مشارق الأرض ومغاربها.

أما الدروس العملية من هذه المأساة الإنسانية، فأولها هو حماية الطفل وتوفير البيئة التي تكفل له هذه الحماية وتعزز وقايته من الحوادث التي قد تقع لسبب أو آخر، وهنا يأتي دور الأسرة والمدرسة والتربويين ووسائل الإعلام ومؤسسات التنشئة الاجتماعية، هؤلاء جميعاً لديهم مسؤولية شاملة حول غرس الوعي لدى الطفل وتوفير المرافق التي تكفل له الحماية وتحافظ على تنشئته بأمان في بيئة يستكشف فيها العالم، ويبدع وهو يتعرف على البيئة بعناصرها المختلفة لعباً وترفيهاً وتعليماً، يحدث هذا كله للطفل وهو ينمو في حاضنة اجتماعية تكفل له الرعاية والنمو الذي يناسب هذه المرحلة العمرية.

ما أجمل أن تلتقي مشاعر الإنسان معززة تكافله وتعاضده وتلاحمه الإنساني مع أخيه الإنسان، بل مع نفسه كإنسان دون نظر للوحة التمييز التي تحاصرنا في هذا العصر بتقنياته المتطورة، التي ظن البعض لفترة طويلة أنها طغت على هذه المشاعر الإنسانية، ولكن جاءت حادثة الطفل المغفور له (ريان) لتفتح صفحة جديدة في مشاعر الإنسان في مختلف ربوع العالم، عنوانها الكبير التسامح والتكافل والمحبة، وهي القيم التي أبدعت فيها دولة الإمارات العربية المتحدة، وأصبحت عاصمة عالمية للتسامح ومشاعر الأخوة الإنسانية في كل مكان.

• ما أجمل أن تلتقي مشاعر الإنسان معززة تكافله وتعاضده وتلاحمه الإنساني مع أخيه الإنسان.

أمين عام جائزة خليفة التربوية

الأكثر مشاركة