هدايا الطلبة للمعلمين: دببة وأقلام وحصالات معدنية
ينشر معلمون ومعلمات في مدارس خاصة وحكومية، على مواقع التواصل الاجتماعي، صوراً لهدايا أو بطاقات موقعة بأسماء طلبة، ويعلقون عليها قائلين إنهم تلقوها من طلبتهم تعبيراً عن الوفاء لهم.
ويؤكد المعلمون أن هذا النوع من الهدايا، على الرغم من بساطته، يترك في نفوسهم أثراً إيجابياً عميقاً، لأن ما يتضمنه من مشاعر صادقة لا يمكن شراؤه بالمال.
إلى ذلك، يستغل ذوو طلبة مناسبات خاصة وعامة للتعبير عن مشاعرهم تجاه معلمي أبنائهم، منها يوم الأم ويوم المعلم والأعياد وغيرها، فيقدمون لهم هدايا ذات قيمة مالية، أو «مظاريف مغلقة».
وفيما يرون أن هداياهم وسيلة للتعبير عن مشاعر الامتنان، لا يستبعد آخرون أن تكون مسوغاً لتمييز طالب عن زملائه في الفصل، داعين الإدارات المدرسية إلى ضبط علاقة ذوي الطلبة مع الكوادر التدريسية.
وأفادت إدارة مدرسة خاصة بأنها وضعت سياسة لتحديد سقف مالي لقيمة الهدايا المقدمة من ذوي الطلبة للمعلمين، بحيث تكون تعبيراً عن التقدير للجهود التي يبذلها المعلم أو المعلمة مع أبنائهم الطلاب.
وتفصيلاً، قالت معلمة حلقة أولى في مدرسة حكومية إنها تلقت هدية رائعة من إحدى طالباتها، عبارة عن لوحة تصورها فيها بطريقة طفولية. وشرحت أن الطالبة أخبرتها بأنها رسمتها لأنها تحبها بشدة. وقالت المعلمة إن هذه الكلمات من طالبتها جعلتها أكثر حماسة للعمل ورغبة في العطاء.
وذكرت معلمة أخرى أنها لم تستطع مقاومة رغبتها الشديدة في مشاركة أقربائها وصديقاتها على «فيس بوك»، السعادة التي شعرت بها وهي تتلقى من أحد طلابها بطاقة ملونة، كتب اسمها في أعلاها. وشرحت أن الطالب استعان بأحد أفراد عائلته ليكتب لها، بخط مميز، بضعة سطور عبر لها فيها عن مشاعر الوفاء والمحبة.
وقال معلمون في مدارس مختلفة إنهم تلقوا هدايا متنوعة من طلابهم، تضمنت «صفائح نوتيلا» و«دباديب» «وأقلاماً» و«قبعة سحرية» و«حصالة معدنية» وغيرها. كما أفاد معلمون بأنهم تلقوا هدايا من ذوي الطلبة، تضمنت ساعات يد ومبالغ مالية، مؤكدين أن مسوغ تقديم هذه الهدايا لهم كان شعور ذوي الطالب بالامتنان نحوهم، لأنهم ساعدوا أبناءهم على التفوق الدراسي.
وقال أحمد الصاوي (والد طالبة)، إن «الهدايا نوع من التعبير عن التقدير للمعلمة التي تدرس ابنتي، وليس المقصود منها أن تخصها بمعاملة مميزة عن بقية الطلبة»، مضيفاً أن ابنته التي تدرس في الصف الثالث تثني باستمرار على معلمة صفها.
وذكرت شيرين صلاح (والدة طالب) أن «الهدية للمعلمة لا تعني أبداً طلب المعاملة الاستثنائية، ولكنها اعتراف من أسرة الطالب بمجهود المعلمة في تعليم أبنائها أو تحسين مستوياتهم التعليمية»، مشيرة إلى أن «الهدية ربما تجعل المعلمة تميل من دون قصد للاهتمام بالطالب، لكنها بالتأكيد لن تتجاهل 35 طالباً وطالبة موجودين في الصف».
ورأت جميلة شعبان (والدة طالبة)، أن «بعض الأمهات يحاولن استمالة المعلمات بالهدايا لتمييز أبنائهن في المعاملة، والاهتمام بتعليمهم أكثر من زملائهم في الصف نفسه»، لافتة إلى أن «اهتمام المعلمة بطالب أو أكثر على حساب الآخرين، قد يترك آثاراً غير جيدة في نفوسهم، إذ إنهم يشعرون بالإحباط من عدم قدرتهم على توفير هدايا مماثلة لحصولهم على الاهتمام المبالغ فيه الذي تبديه المعلمة تجاه أصحاب الهدايا من زملائهم».
وأشار خالد عبدالجواد (والد ثلاثة طلاب)، إلى أن بند مصروفات الهدايا للمعلمين يزيد من الإرهاق المالي لأسرة لديها ثلاثة طلاب في سنوات التعليم الأولى، لأن كل طالب يريد أن يقدم لمعلمه أو معلمته هدية، داعياً إدارات المدارس إلى منع هدايا الأسر للمعلمين، أو جعل الهدية المقدمة من أسرة الطالب إلى معلمه تصل إليه عن طريق الإدارة المدرسية، وليس من الطالب أو أسرته مباشرة.
من جانبها، أكدت المعلمة سماح زهير، أنها تسعد بتلقي هدية من طلبتها، معتبرة أن الهدية هي دليل على تأثيرها في الطلبة بشكل إيجابي. وتابعت أنه «من الأفضل أن تقدم الهدايا للمعلمين في نهاية العام الدراسي، حتى تكون تعبيراً عن التقدير لمجهودهم طوال العام، وحتى لا يكون هناك مجال لتمييز طالب عن آخر بسبب هدية، سواءً بقصد أو من دون قصد».
وأضافت أن «الهدايا المقدمة من الطلبة تكون بسيطة في قيمتها، منها (لوحة صغيرة مكتوب عليها دعاء لي)، أو (دبدوب صغير) أو (قلم)، ولكنها تؤكد عندي معاني عظيمة من الاحترام والتقدير، وتؤكد نجاحي في الأهداف التربوية التي أسعى لغرسها في نفوس أبنائي الطلبة».
وأفاد نائب رئيس التواصل في مجموعة جيمس للتعليم، جوناثان براملي، بأن المجموعة وضعت سياسة خاصة بالهدايا المقدمة للمعلمين، تتضمن تحدد سقف معين لقيمة الهدية التي يقدمها الطلبة أو أولياء أمورهم، بحيث تكون تعبيراً عن الشكر والتقدير للجهود التي يبذلها المعلم أو المعلمة، ومن ذلك تقوم مجموعة من الطلاب في الصف بجمع مبلغ معين لشراء هدية للمعلم تقديراً لتفانيه في عمله.