تربويون: تقنين الدروس الخصوصية يحد انتشارها ويمنــــع «المتطفلين»
اقترح تربويون وبرلمانيون، تقنين الدروس الخصوصية ووضع إطار قانوني لها يمكن من خلاله تنظيمها بإشراف المدارس نفسها، لضمان محاسبة المخطئين، مشيرين إلى أن الدروس الخصوصية باتت جزءاً من العملية التعليمية يحرص عليها الطلبة وذووهم أكثر من المعلمين المزاولين لها.
ودعوا إلى وضع آلية لترخيص الدروس الخصوصية من قبل وزارة التربية والتعليم، لتفادي فتح المجال أمام «المتطفلين» على مهنة التدريس للقيام بدور المعلمين المعتمدين في تدريس الطلبة.
وتفصيلاً، أكد معلمون، وائل حامد، ومحمد زين، ورباب عبدالله، وخلود حسن، أن ظاهرة الدروس الخصوصية مازالت مستمرة، ويزداد الإقبال عليها وانتعاشها قبيل موعد الاختبارات، حيث تكلف الحصة ما بين 200 و300 درهم في الساعة الواحدة، وتزداد ويتضاعف سعرها كلما اقترب موعد الاختبارات، مشيرين إلى أن ظاهرة الدروس الخصوصية باتت جزءاً من العملية التعليمية ومن ثقافة التعلم لدى جميع الأطراف سواء من جانب الطلبة وذويهم أو من جانب المعلمين، والحل لم يعد في محاربتها والقضاء عليها، بل التعامل معها بشكل آخر من خلال تقنينها ووضع أطر واضحة لها والتعامل معها كخدمة تجارية.
فيما أشار معلمون وإداريون ومرشدون أكاديميون، نزار إبراهيم، ونصر حسين، ورشا طنان، وحسام صقر، إلى أن الدروس الخصوصية باتت لا تقتصر على معلم الصف فقط، أو الإعلانات التي يتم نشرها في الصحف الإعلانية أو على شبكة الإنترنت، وإنما انتشرت تطبيقات ذكية يتم تحميلها بكل سهولة ومن خلالها يمكن تحديد المعلم وبلده، واللغة والسعر وكيفية تلقي الدرس «سواء كان حضورياً أو عن بُعد».
واقترحوا تقنين عملية مزاولة الدروس الخصوصية، بعد أن صارت أمراً واقعاً، ويزاولها الجميع سواء من المعلمين أو غير المعلمين، وتلجأ إليها كل الفئات، بمن فيهم الطلبة المتفوقون رغبة في الحفاظ على مستواهم الأكاديمي المرتفع.
وأضافوا أن بعض الطلبة يحتاجون إلى مساعدة خاصة في دراستهم أو إلى مدرس خصوصي، من ذلك الطلبة أصحاب الهمم، والمتأخرون دراسياً.
واقترح المعلمون، عدداً من الحلول أبرزها إعداد لائحة شروط دقيقة وصارمة، يشارك في إعدادها العديد من الجهات ذات الاختصاص، وأن يحصل مزاول مهنة الدروس الخصوصية على ترخيص مزاولة، بحيث لا يمكن لأحد أن يمارس هذه الدروس إلا بالتزامه التام بالشروط التي تفرضها هذه اللائحة.
وشددوا على ضرورة الفصل في التعامل بين اللجوء إلى الدروس الخصوصية كوجاهة اجتماعية، وبين حاجة بعض الطلبة للمساعدة الأكاديمية، بسبب ظروف عملهم أو عدم تمكنهم من مساعدة أبنائهم في الدراسة باللغة الإنجليزية نظراً لعدم إتقانها بشكل كافٍ لتقديم الدعم لهم، أو تأخر مستوى الطالب الأكاديمي وحاجته الفعلية للدعم التربوي.
وأشار المعلمون، إلى إمكانية إشراك المدارس نفسها في تنظيم عملية الدروس الخصوصية، بحيث يكون لدى المدارس سجل بالمعلمين التابعين لها المصرح لهم بممارسة الدروس الخصوصية.
في المقابل، رفض معلمون، محمد سالم، وريهام وليد، وأمنية البلوشي، ومريم سالمين، مقترح بعض المعلمين، الخاص بتقنين الدروس الخصوصية، مشيرين إلى أن هذا المقترح من شأنه أن يضع صبغة قانونية وأخلاقية على ممارسة خاطئة، مشيرين إلى أن خطر الدروس الخصوصية لا يتمثل في التكاليف المادية بقدر ما يزرعه في الطلبة من اتكالية والشعور الدائم بأنه لديه من يقوم بأداء الواجبات عنه، خصوصاً الأطفال في المراحل التعليمية الأولى، بالإضافة إلى احتمالية تعامل الطلبة مع أشخاص غير معروف سلوكهم النفسي نظراً لمزاولة الكثير من غير المعلمين لمهنة الدروس الخصوصية، مشيرين إلى أن محاربة الدروس الخصوصية لابد وأن تبدأ من تغير فهم ذوي الطلبة لها، لتكون خدمة يطلبها من يحتاجها فقط، وليست وجاهة أو تخلياً عن المسؤولية في متابعة أطفالهم مقابل مبلغ شهري.
وأشاروا إلى أن المدارس ملزمة بدعم الطلبة المتأخرين دراسياً، واستسهال بعض أولياء الأمور في دعم أطفالهم من خلال الدروس الخصوصية، يُعد تخلياً عن حقهم على المدرسة، وتخلياً عن مسؤوليتهم التربوية تجاه أبنائهم، حيث يزرعون بداخلهم خصالاً تضرهم كثيراً مستقبلاً، في مقدمتها الكسل والاستهتار والاتكالية.
من جانبه، أكد عضو لجنة شؤون التعليم والثقافة والشباب والرياضة والإعلام في المجلس الوطني الاتحادي، ناصر محمد اليماحي، ضرورة تقنين ظاهرة الدروس الخصوصية، داعياً وزارة التربية والتعليم إلى وضع آلية لضبط ظاهرة الدروس الخصوصية، إذ يمكن تنسيق الظاهرة، بحيث يكون المعلمون الراغبون في مزاولة الدروس الخصوصية، مرخصين من قبلها، إذ إنها أصبحت مهنة في الوقت الحالي لمدرسين يمكن أن نطلق عليهم «المدرسين الخصوصيين» أو «المدرسين المساعدين»، ولذلك من المفترض ترخيصهم، حتى لا يصبح أداؤهم عشوائياً.
وأضاف أن ترخيص هؤلاء المعلمين يتيح متابعتهم بشكل دقيق، سواءً كانوا أفراداً في المنازل أو في معاهد ومراكز مرخصة لهذا الغرض، وهذا يحد من ظاهرة أخرى أشد سوءاً، وهي أن البعض يطرح نفسه عبر منصات التواصل الاجتماعي على أنه مدرس خصوصي، وقد لا يكون مؤهلاً للتدريس. وأكد أن ظاهرة الدروس الخصوصية واقع لا يمكن إنكاره، ويسهم المعلمون القائمون على هذه الظاهرة في العملية التعليمية بشكل ما، فضلاً عن أنهم يساعدون الأسر في تعليم أبنائهم، خصوصاً مع انخراط الآباء في سوق العمل، ما يعيق متابعتهم لأبنائهم تعليمياً بشكل جيد، ولذلك فإن وجود مدرسين خصوصيين مرخصين من قبل الوزارة يُعد الحل الأمثل لهذه الظاهرة، وهذا الترخيص ينطبق على المدرسين كأفراد أو المراكز والمعاهد المتخصصة في هذا الأمر، وذلك بشروط محددة وآلية تطبيق معتمدة لتسجيل المدرسين الراغبين في إعطاء الدروس الخصوصية.
ولفت إلى أن الترخيص يضمن لولي أمر الطالب أن المدرس متخصص وموثوق به وغير «متطفل» على المهنة.
من جهتها، رأت مقررة لجنة شؤون التعليم والثقافة والشباب والرياضة والإعلام في المجلس الوطني الاتحادي، شذى سعيد النقبي، أنه يمكن الحد من ظاهرة الدروس الخصوصية، عن طريق قيام المدارس بأداء دورها المنوط بها بالشكل الصحيح، من خلال تخفيف الكثافة الطلابية في الصفوف، بحيث لا تتعدى 20 طالباً، وإتاحة الفرصة أمام الطالب لأداء التكليفات المدرسية داخل المدرسة وتحت إشراف المعلمين، إضافة إلى تخصيص فترات معينة للطلبة الراغبين في طرح أسئلة حول الجزئيات التي لم يفهموها من الدروس، على معلميهم، لاستيضاحها بشكل أكبر.
وأضافت أن تجربة مدرسة في الشارقة، في رسم اليوم الدراسي للطالب، تُعد تجربة مهمة للحد من ظاهرة الدروس الخصوصية، موضحة أن المدرسة تجعل من ساعات اليوم الدراسي داخل أسوارها فرصة جيدة للطالب لتلقي التعليم المطلوب، بحيث يرجع إلى منزله من دون تكليفات مدرسية، ومن ثم يتمكن من ممارسة حياته الاجتماعية بشكل أفضل.