لماذا نقرأ
هذا السؤال الذي يُطرح دائماً عندما نتحدث عن القراءة فالقراءة عملية معرفية شاملة في التفكير والتأمل والاطلاع على حضارات الآخرين وتجاربهم وأفكارهم وثقافتهم، فالقراءة ليست مجرد اطلاع على تسجيل أو توثيق لثقافات الآخرين بل هي فهم وتأمل وتحليل واستنباط، ثم توظيف لما توصل إليه القارئ من محتوى معرفي يعزز رصيده المعرفي والعلمي، بما يثقل شخصيته سواء على صعيد الحياة اليومية أو المنهج التعليمي الذي يتبعه في حياته.
وقد ربط العلماء دائماً بين القراءة وجسور التواصل مع الشعوب وحضارات من سبقونا منذ بدء الخليقة، وعندما نقرأ، فإننا نغوص في وجدان هذه الحضارات حتى لو لم تتح لنا الفرصة لمواكبة عصورها زمنياً أو جغرافياً، فالقراءة خيال مفتوح ولوحة واسعة من الإبداع الفكري يمارسه البشر عبر التاريخ، وهي معين الحكمة والمعرفة لفهم الحاضر وتأمل الماضي واستشراف المستقبل واستكشاف طرق وآليات جديدة تعزز جودة الحياة.
وقد أكد كثير من العلماء والفلاسفة على دور القراءة كغذاء للروح وبستان للعقل وجسر للمستقبل ومن هنا فإن احتفاء دولة الإمارات العربية المتحدة بشهر القراءة مناسبة طيبة ينبغي علينا جميعاً التفاعل معها والالتفاف حول أهدافها ومقاصدها النبيلة في إثراء الحياة العامة لمختلف فئات المجتمع الذي تطمح إليه قيادتنا الرشيدة مجتمع قارئ متسلح بالعلم والمعرفة، يثري كل فرد فيه مسيرة الإبداع والابتكار التي يشهدها الوطن في جميع المجالات.
وتعتبر الأسرة والمدرسة ركيزتان أساسيتان في إنجاح فعاليات شهر القراءة على المستوى المحلي فالأسرة هي الحاضنة الاجتماعية الأولى التي تهيئ للفرد بيئة محفزة على التأمل والاطلاع والتفكير الموضوعي والنظر إلى الأشياء بشفافية وإعمال العقل، وتوظيف مداركه لفهم ما نقرأ، وكذلك المدرسة التي تسير في الاتجاه نفسه مع الأسرة في بناء شخصية الفرد وتزويده بممكنات الإبداع عند القراءة، والارتكاز على الوعي عندما نقرأ، فالوعي هو الطريق المنير الذي تنهض فيه الأفكار وتزدهر فيه التجارب، ويحفظ لنا الاستدامة الفكرية المنشودة.
إن من واجبنا كتربويين وأولياء أمور أن نضاعف الاهتمام والجهد بشأن غرس موهبة القراءة لدى النشء في مرحلة عمرية مبكرة، وأن ندرب الطفل منذ الصغر على القراءة سواء ورقية أو رقمية، فكلاهما ترتبطان بالمحتوى والموضوع المعرفي الذي نريده للطفل.
شهر القراءة يشهد الكثير من الفعاليات والأنشطة التي تحمل المتعة الفكرية والمعرفية لمختلف فئات المجتمع، وعلينا جميعاً المشاركة الفعالة في هذا الشهر بما يعزز من بهجة الفكر والمعرفة والتأمل ورسم خارطة الغد المشرق.
أمين عام جائزة خليفة التربوية