«ربّات بيوت» يُروّجن لـ «الخدمة» على وسائل التواصل الاجتماعي

ارتفاع رسوم الحضانات يُجــبر أُسراً على اللجوء إلى «الاستضافة المنزلية»

صورة

شكت أمهاتٌ ارتفاع أسعار الحضانات الخاصة، ووصفتها بـ«المبالغ فيها»، حيث تستغل حاجتهن للخروج إلى العمل في زيادة رسوم الحضانات، مشيرات إلى أن رسوم الحضانات للطفل الواحد تبدأ من 20 ألف درهم وتتجاوز 50 ألف درهم في السنة الواحدة، غير شاملة التوصيل أو الوجبات الأساسية للطفل، أو حتى رسوم التسجيل والزي، ما يدفعهن إلى اللجوء لأماكن استضافة غير مرخصة، مطالبات بوضع سقف محدد لرسوم خدمات التعليم المبكر، وتوفير حضانات برسوم مقبولة للأسر محدودة الدخل.

ورصدت «الإمارات اليوم» عودة إعلانات الاستضافة المنزلية بقوة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تُبدي نساء استعدادهن لاستضافة الأطفال في منازلهن خلال فترة عمل الأمهات، ورعايتهم مع تقديم تعليم أولي لهم، فيما أشارت أمهات عاملات إلى اضطرارهن إلى «الاستضافة المنزلية» بسبب ارتفاع أسعار الحضانات النظامية.

وأوضحت أمهات لأطفال في سن الحضانة (دارين حمزة، ويمنى عصام، وسارة خالد) قيام الحضانات بتوفير أنظمة اشتراك متعددة لتسجيل أكبر عدد من الطلبة وزيادة المكاسب، حيث تقسم التسجيل إلى يومين في الأسبوع، أو ثلاثة أيام، أو خمسة أيام، مستغلة حاجة الأمهات العاملات إلى تسجيل أطفالهن، لافتات إلى ضرورة وجود رقابة على رسوم الحضانات، ووضع حد أقصى لها، خصوصاً أن الحضانات لا تقدم منهاجاً تعليمياً.

وقالت أم لطفل يبلغ ثلاث سنوات، ريم وجدي: «المرأة العاملة بحاجة إلى ترك طفلها في بيئة آمنة، خصوصاً عندما لا يتوافر شخص من العائلة يمكنه رعايته، لذلك تلجأ إلى الحضانات، ويعتبر ارتفاع الأسعار عائقاً للكثير من الأسر، ما يدفعها إلى الحضانات المنزلية، حيث يراوح سعرها بين 600 و900 درهم شهرياً».

وأيدتها في الرأي أم لطفلة (عامان)، نرمين حبيب، مشيرة إلى أن أسعار الحضانات الخاصة بالأطفال مبالغ فيها جداً، وتتجاوز الخدمات المقدمة، حيث لا يقل الاشتراك الشهري للحضانة عن 2500 درهم، مشيرة إلى أن أسعار الحضانات المرتفعة تعد استغلالاً واضحاً لحاجة الأمهات والموظفات اللاتي يخرجن للعمل، فبدل أن يجدن الدعم ترفع أسعار الحضانات لأطفالهن.

وأشارت أم لطفل (ثلاثة أعوام)، مريم حسن، إلى أن الحضانات تعلن عن رسوم مخفضة وعند الذهاب للتسجيل والاشتراك يتضح قيامها بتقسيم اليوم إلى ثلاث فترات، تبدأ الأولى من الثامنة صباحاً حتى الـ12 ظهراً، وهذه ما يتم الترويج لرسوم الحضانة بناء عليها رغم أنها لا تناسب أي أم عاملة، والفترة الثانية من الثامنة صباحاً حتى الثانية ظهراً، وتكون أغلى بنحو 750 درهماً عن الفترة الأولى، والفترة الثالثة تكون من السابعة صباحاً حتى الرابعة عصراً، ولا يقل الاشتراك فيها عن 3000 درهم شهرياً.

وأكدت أمهات (نور سليمان، وسحر ندا، وريهام خلف، ومريم نبيل) أن أسعار الحضانات مبالغ فيها، وشهدت ارتفاعاً ملموساً خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً عقب جائحة كورونا، وزيادة الإقبال والحاجة إليها بعد إلغاء العمل عن بعد، ما تسبب في معاناة إضافية للأمهات العاملات اللاتي يدفعن أكثر من 50% من راتبهن لضمان أمن وراحة أطفالهن.

ودعت العديد من الأمهات العاملات إلى إعادة تحديد رسوم الحضانات الخاصة، ونسب الزيادة الدورية، بناء على الخدمة، والعمل على تصنيفها حسب مميزات كل حضانة، وما تقدمه للأطفال من خدمات، حتى يتاح لأكبر شريحة تسجيل أطفالها في حضانات نظامية، وتنتبه الأم العاملة لعملها، ما يعود بالنفع على الإنتاج العام.

وطالبن بتوفير حضانات برسوم مقبولة مخصصة للأسر محدودة الدخل، حيث يلجأن بسبب ارتفاع الرسوم إلى ربات بيوت لوضع أطفالهن لديهن، خلال الفترة الصباحية، مقابل أجر شهري لا يزيد على 1000 درهم حسب المكان وعدد الساعات، لافتات إلى أن ربات البيوت يستقبلن الأطفال من سن شهر حتى خمس سنوات، كما يقمن باستقبال الأطفال الأكبر سناً في فترة الإجازات المدرسية، لافتات إلى لجوئهن إلى هذا الحل على الرغم من معرفتهن بعدم قانونيته، وإدراكهن أن هذه الاستضافة قد تشكل خطراً على الطفل لعدم وجود اشتراطات أمان كافية في المكان، إلا أنهن لا يجدن حلاً آخر.

وأكدت مسؤولات في حضانات خاصة - طلبن عدم ذكر أسمائهن - أن تكاليف إنشاء وتشغيل حضانة «مرتفعة جداً»، وأن «الرسوم التي يتم تحصيلها من الأطفال تغطي مصاريف التشغيل بصعوبة، وفي بعض الأحيان لا تفي بالمطلوب»، مشيرات إلى أن «رسوم الحضانات تكون معتمدة من الجهات المختصة، ويتم تحديدها بناء على المكان والخدمات التي توفرها للأطفال».

وحددت حضانات نظام الاشتراك بالفصل الدراسي (3 أشهر)، لضمان استمرار الأطفال فترة أطول، وراوح متوسط أسعار الحضانات في الفصل الدراسي الواحد (مدة الفصل 3 أشهر)، ما بين 7000 و15 ألف درهم، طبقاً لعدد الأيام الأسبوعية وعدد الساعات التي سيقضيها الطفل في الحضانة، وإذا كان الاشتراك يتضمن النقل ووجبة أم لا.

في المقابل، أكدت دائرة التعليم والمعرفة، على موقعها الرسمي، أن رسوم التسجيل والالتحاق بالحضانات في إمارة أبوظبي تختلف بحسب نوع الحضانة والتجهيزات المتوافرة فيها، مشيرة إلى أنه يُمكن لكل حضانة أن تحدد قيمة الرسوم الخاصة بها حسب اللوائح التنظيمية للقوانين المعمول بها في ما يخص تشغيل دور الحضانة في أبوظبي، مع العلم أنه يجب على جميع الحضانات الالتزام بما ينص عليه القانون عند تحديد الرسوم الخاصة بها ومراعاة تقديم طلبات الموافقة على الرسوم أو زيادتها لدائرة التعليم والمعرفة خلال الفترة من شهر يناير حتى نهاية شهر أبريل من كل عام، وفي حال الموافقة يتم تطبيقها اعتباراً من شهر سبتمبر من العام نفسه.

وأشارت الدائرة إلى أن الحضانات تقوم بإبلاغ أولياء أمور الأطفال بزيادة الرسوم قبل شهر يونيو من كل عام، أي قبل ثلاثة أشهر من تاريخ تطبيق الزيادة على الرسوم، ولا يجوز للحضانات التقدم بطلب رفع الرسوم إلا بعد مرور ثلاث سنوات من إنشائها أو آخر زيادة لها، لافتة إلى أنه في كل الأحوال يجب على جميع الحضانات في أبوظبي الالتزام بأحكام القرار الوزاري رقم (57) لسنة 2016 بشأن منهجية تنظيم رسوم الحضانات.

وحددت الدائرة عدد ساعات العمل في الحضانات بسبع ساعات يومياً من (07:00) صباحاً حتى الثانية (14:00) ظهراً، مشيرة إلى أنه يسمح لدور الحضانة بتمديد ساعات الرعاية لمدة أقصاها أربع ساعات يومياً، من الثانية ظهراً حتى السادسة مساءً، بعد الحصول على موافقة دائرة التعليم والمعرفة حسب الإجراءات المتبعة، ولا يُسمح للحضانات بالعمل أثناء الإجازات الرسمية للدولة وخلال عطلة نهاية الأسبوع.

وشددت الدائرة على أن خدمات التعليم المبكر النوعية تلعب دوراً محورياً في نمو الأطفال وتطوّرهم الأكاديمي، حيث يسجّل الطلبة الملتحقون بالتعليم المبكر تحسناً بنسبة تصل إلى 70% في أدائهم في مواد اللغة والرياضيات، علاوة على تحسين مهاراتهم الاجتماعية وترسيخ الهوية الوطنية بين الطلبة الإماراتيين في سن مبكرة، وتعزيز فرص تعلّمهم للغة العربية، كما تلعب الحضانات دوراً مهماً في دفع عجلة الاقتصاد الوطني عبر توفير فرص العمل للكفاءات الإماراتية في مجال التربية والتعليم، وتمكين أولياء الأمور من التركيز على مسيرتهم الوظيفية وتفعيل دورهم في مختلف القطاعات.

جدير بالذكر أنه وفقاً لآخر إحصاءات صادرة عن دائرة التعليم والمعرفة بلغ عدد الحضانات على مستوى إمارة أبوظبي 244 حضانة، منها 194 حضانة في أبوظبي، تضم 10 آلاف و776 طالباً وطالبة، و43 حضانة في منطقة العين تضم 2681 طالباً وطالبة، وسبع حضانات في منطقة الظفرة تضم 253 طالباً وطالبة.

افتتاح حضانات حكومية

أكدت دائرة التعليم والمعرفة، عزمها على افتتاح 10 حضانات حكومية جديدة على مدى عامين في إمارة أبوظبي، بطاقة استيعابية تبلغ 4000 مقعد، ضمن مشروع «الحضانات الحكومية» الذي اعتمده المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي. وسيتم فتح باب تسجيل الدفعة الأولى من الطلبة في أكتوبر المقبل لاستقبال 2000 طالب وطالبة إماراتيين ممن تراوح أعمارهم بين ثلاثة أشهر وأربعة أعوام، مع منح الأولوية لأبناء الأسر المستفيدة من الدعم الاجتماعي. وأشارت إلى أن الحضانات الحكومية الجديدة ستسهم ضمن المرحلة الأولى في تحقيق تأثير مستدام على معدلات التحاق الطلبة الإماراتيين بمؤسسات التعليم المبكر، إذ ستتمكن من خدمة نحو 10 آلاف طفل إماراتي على مدى السنوات الخمس المقبلة، فيما ستصل خدماتها إلى 32 ألف طفل خلال السنوات الـ10 المقبلة.

تويتر