17 شكلاً للتنمر في المدارس.. ومطالب بـ «علاج مزدوج»

عزا معلمون وإداريون في مدارس حكومية وخاصة في أبوظبي، سلوكيات التنمر بين الطلبة، إلى عدم تطبيق اللوائح والقوانين بشكل صارم لمعاقبة المتنمرين، وعدم تفعيل لجان مكافحة التنمر، أو وضع خطط استباقية لمنع انتشاره بين الطلبة، مشيرين إلى أن لوائح السلوك المدرسي تنص على عقوبات محددة للتنمر.

وحدد المعلمون والاختصاصيون الاجتماعيون، أحمد مجدي، ومارك واصف، ومنال زياد، ورباب عيسى، ونور الشمار، 17 شكلاً للتنمر في المدارس، منها 10 أشكال مباشرة، وسبعة غير مباشرة، مشددين على أنه لا يكاد يمر يوم دراسي من دون أن يتعرض طالب لشكل من هذه الأشكال على الأقل.

وشملت أشكال التنمر المباشر الشتائم، والنقد القاسي، وإطلاق لقب للسخرية، والإيحاءات البذيئة، والتهديد بالنظر، والضرب، وإلقاء الأشياء، والتعدي على المتعلقات وإخفاءها.

أما أشكال التنمر غير المباشر، فتضمنت تحريض الطلبة على توجيه نقد لطالب محدد، والشتم العشوائي، ونشر الشائعات، وإجراء اتصالات وتوجيه رسائل من أرقام مجهولة، والإقصاء، والتحريض على التجاهل، وعلى الاعتداء.

وأشاروا إلى ضرورة تطبيق خطط مزدوجة لمواجهة التنمر، تعتمد على العلاج السلوكي والعقاب في الوقت ذاته، لإيجاد رادع للمتنمرين، وحث ذويهم على الاشتراك مع المدرسة في علاج هذا الخلل السلوكي، خصوصاً أن معظم أسر الطلبة المتنمرين ترفض التعاون، وتعتبر ما حدث من أطفالهم إما رد فعل ودفاعاً عن النفس، أو دعابة بين الطلبة لا تستحق وصفها بالتنمر.

وأكدوا أن حالات التنمر في ازدياد، نتيجة وجود طلبة آخرين شاهدوا الحادث، وقد يرغبون في تقليد ما شاهدوه بسبب علمهم بأنهم لن يعاقبوا.

وتابعوا أن الطلبة «ضحايا التنمر» غالباً ما يكونون سلبيين، ولا يتخذون أي موقف ضد المتنمر، ما يشجع باقية الطلبة على التنمر عليهم، وهو ما يسهم في انتشار هذا السلوك السلبي.

وأفاد الاختصاصي النفسي، الدكتور أحمد السيد، بأن «التنمر يلحق أضراراً بالصحة العقلية لدى الأطفال الضعفاء، قد ترافقهم طيلة حياتهم».

وأكد وجود علامات يمكن من خلالها اكتشاف تعرض الطفل للتنمر، تشمل آثاراً جسدية، وأعراضاً نفسية ومؤشرات عاطفية، وسلوكيات دراسية واجتماعية.

وتتضمن العلامات وجود كدمات وخدوشاً غير مبررة، وتمزقاً في الملابس، وتلف المتعلقات الشخصية وفقدانها، والشكوى من آلام غير محددة، والشعور الوهمي بالصداع، وآلاماً في البطن، وعدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة أو ركوب الحافلة، والطلب المتزايد للنقود، أو سرقتها (لمنحها للمتنمر للكف عن إيذائه)، وعدم الرغبة في الخروج مع الأصدقاء، إضافة إلى تفضيل الوحدة والانطواء، والتلعثم في الكلام.

من جانبها، حددت وزارة التربية والتعليم ستة أنواع للتنمر، تشمل التنمر البدني، والتنمر الاجتماعي، والتنمر اللفظي، والتنمر الإلكتروني، وإتلاف الممتلكات، إضافة إلى التنمر الجنسي. أما أسباب التنمر فتتضمن قلة القدرة على التعاطف مع الآخرين، وضعف تقدير الذات والثقة بالنفس، والرغبة الجامحة في الظهور بمظهر القوي والمقبول اجتماعياً، وتعرض المتنمر للتنمر، والغيرة من الأقران، إضافة إلى الرغبة في جذب انتباه الآخرين.

وحذرت الوزارة في «سياسة الوقاية من التنمر في المدارس الحكومية والمدارس الخاصة التي تتبع منهاج الوزارة»، من أن التنمر له تأثير مزدوج في المتنمر والضحية، حيث يكون لدى المتنمر شخصية معادية للمجتمع، وتعاني من الاضطرابات والقلق مع احتمالية الإدمان، إضافة إلى انخفاض مستوى التحصيل التعليمي والوظيفي.

أما الضحية فيعاني من فقدان التقدير الذاتي، والاكتئاب والقلق والضغط والإحباط، وصعوبة الثقة في الآخرين، وتجنب الذهاب إلى المدرسة، وضعف القدرة على الفهم، وتجنب المشاركة في الدروس والمناقشات.

وأشارت إلى أن إطار الوقاية من التنمر في الدولة يضم أربعة برامج وطنية، تشمل «الميثاق الوطني»، ويستند إلى أسس رؤية الإمارات العربية المتحدة 2070، و«لائحة إدارة سلوك الطلبة»، و«البرنامج الوطني للوقاية من التنمر في البيئة المدرسية»، ومنهج «التربية الأخلاقية»، مشيرة إلى ضرورة قيام كل مدرسة بتشكيل لجنة مختصة بتطبيق وتنفيذ سياسة الوقاية من التنمر في البيئة المدرسية، ويكون من مهامها تحديد المواقع التي تنتشر فيها حالات التنمر بكثرة في البيئة المدرسية، ويتم وضع خطط وقائية لضمان سلامة الطلبة، والإشراف على تنفيذ خطة المدرسة للوقاية من التنمر، وتقييم فعاليتها وتحديد سبل تطويرها وتحسينها، إضافة إلى إعداد وإرسال رسائل موجهة للطلبة، وأولياء الأمور، والموظفين ومواءمتها مع سياسة وزارة التربية والتعليم للوقاية من التنمر، والتأكيد على أن التنمر سلوك غير مقبول نهائياً.

وأكدت الوزارة أن أنواع التنمر، على اختلافها، تحتاج إلى المراقبة والتقييم المستمر للطلبة، لضمان معالجة تأثيرها.

ويتعين على لجنة الوقاية من التنمر تحضير خطة متابعة محكمة لمراقبة سلوك المتنمر، والمراقبة المتزايدة للطلبة ممن انخرطوا في عمليات للتنمر، وعقد جلسات إرشادية فردية وجماعية للطلبة المتنمرين، والإبلاغ عن حالات التنمر مع تقديم الدعم الاجتماعي والنفسي وطمأنة الطلبة بأنه يمكنهم الرجوع إليهم في أي وقت.

وشددت على أهمية إبلاغ أولياء الأمور والأوصياء حول إجراءات المراقبة، وإشراكهم في متابعة أبنائهم في كل من البيت والمدرسة، وإشراك لجان الوقاية من التنمر والاختصاصيين الاجتماعيين والمرشدين الأكاديميين والمهنيين في المدرسة والمستشارين الأكاديميين والأطباء النفسيين، إذا كان هذا ضرورياً، لدعم الطلبة وعائلاتهم.

لائحة السلوك

أكد إداريون في مدارس حكومية وخاصة تفعيل لائحة السلوك الطلابي لضمان انضباط الطلبة والتزامهم بالحضور إلى المدرسة، وتحمل مسؤولية تعلمهم وسلوكهم، واحترام القوانين والقرارات المدرسية، واحترام الآخرين، والمشاركة بفعالية في الحياة المدرسية، واحترام سمعة الآخرين، ومراعاة مشاعرهم، وإظهار التقدير والفهم لثقافة دولة الإمارات وعاداتها وتقاليدها وثقافتها أمام العالم، إضافة إلى العمل على ضمان استدامة البيئة الطبيعية في المدرسة، وتجنب إلحاق الأذى بها، وترشيد استهلاك الماء والكهرباء والنباتات الموجودة فيها.

وأشاروا إلى أن لائحة إدارة سلوك الطلبة تتضمن أربع مخالفات، تشمل:

- مخالفات الدرجة الأولى، «البسيطة»، مثل التأخر عن الطابور أو عدم إحضار الكتب.

- مخالفات الدرجة الثانية، «متوسطة الخطورة»، ومنها التغيب دون عذر مقبول.

- مخالفات الدرجة الثالثة، «الخطيرة»، وتتضمن التنمر بأنواعه وأشكاله المختلفة.

- مخالفات الدرجة الرابعة، «شديدة الخطورة»، مثل استعمال وسائل الاتصال أو التواصل الاجتماعي في أغراض غير قانونية أو غير أخلاقية.

التنبؤ بحالات التنمر

وظفت دائرة التعليم والمعرفة، الذكاء الاصطناعي لإدارة سلوكيات الطلبة والمعلمين ومكافحة التنمر في مدارس الشراكات على مستوى الإمارة، مشيرة إلى رصد الحركة والتعرّف على الوجه والحالة النفسية للطلبة عبر تحليل تعابير الوجه وإدارة حركة الأفراد والحشود، وتطبيقات الواقع المعزز، من خلال الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وطبقت الدائرة النسخة التجريبية من منظومة المدرسة الذكية في مدرسة جبل حفيت في مدينة العين، ضمن جهودها لإرساء بيئة تعليم أكثر سلامة وأماناً في المدارس.

وأكدت ربط أنظمة وبرامج المنظومة الذكية في المدرسة بشبكة معقدة من مستشعرات الحركة، بحيث تتكامل في عملها مع البنية التحتية لكاميرات المراقبة في المدرسة لاستشعار الحالات قبل وقوعها، وإعطاء المعنيين في المدرسة تنبيهات فورية في حال استشعار أي سلوكيات سلبية، أو رصد حالات تنمّر محتملة، لتقييم الحالة واتخاذ إجراءات وحلول استباقية.

وأكدت الدائرة أن المنظومة تعتمد على مجموعة متكاملة من البرامج والأنظمة المترابطة التي تستخدم أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي.

تنمر الكبار.. يستهدف المشاهير والشخصيات العامة

مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، لم يعد التنمر، ظاهرة مرتبطة بالمجتمع الطلابي أو بين الأطفال، فهناك بالغون متنمرون فعلاً.

ويستهدف هؤلاء، عادة، مشاهير وشخصيات سياسية ورياضية وفنية ووطنية وشعوب دول مختلفة وغيرها، مستخدمين التعليقات والصور ومقاطع فيديو مفبركة، مسيئة، ومثيرة للنعرات والعنصرية.

وذكر المستشار القانوني الدكتور يوسف الشريف، أن عقوبة التنمّر الإلكتروني تصل إلى الحبس ما لا يقلّ عن ستة أشهر، والغرامة التي لا تزيد على 500 ألف درهم.

وأوضح أن التنمّر هو أيّ شكل من أشكال الإساءة أو الإيذاء المتعمد، سواء النفسي أو الجسدي أو اللفظي أو الإلكتروني، والتنمّر الإلكتروني هو السلوك العدواني المتمثل بالإساءة أو الإيذاء الموجه إلى شخص معين أو جماعة بعينها من خلال وسيلة من وسائل تقنية المعلومات أو وسائل التواصل الاجتماعي.

ورأى أن التنمّر الإلكتروني يعتبر من أخطر أشكال التنمر، لصعوبة تحديد شخصية المتنمر في معظم الأحوال، بسبب إتاحة وسائل التقنية الحديثة فتح حسابات إلكترونية بأسماء وألقاب مستعارة، وببيانات غير حقيقية، تجعل المتنمر مجهولاً أمام السلطات.

ونص قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، على أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر والغرامة التي لا تقلّ عن 150 ألف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم شبكة معلوماتية، أو نظام معلومات إلكترونياً، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، في الاعتداء على خصوصية شخص في غير الأحوال المصرح بها قانوناً، بإحدى الطرق الآتية: استراق السمع، أو اعتراض، أو تسجيل أو نقل أو بث أو إفشاء محادثات أو اتصالات أو مواد صوتية أو مرئية، أو التقاط صور الغير، أو إعداد صور إلكترونية، أو نقلها، أو كشفها، أو نسخها، أو الاحتفاظ بها، ونشر أخبار أو صور إلكترونية أو صور فوتوغرافية أو مشاهد أو تعليقات أو بيانات أو معلومات، ولو كانت صحيحة وحقيقية. كما يعاقب بالحبس مدة لا تقلّ عن سنة واحدة والغرامة التي لا تقلّ عن 250 ألف درهم ولا تجاوز 500 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم نظام معلومات إلكترونياً، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، لإجراء أي تعديل أو معالجة على تسجيل أو صورة أو مشهد، بقصد التشهير أو الإساءة إلى شخص آخر، أو الاعتداء على خصوصيته أو انتهاكها.

التنمّر الإلكتروني يعتبر من أخطر أشكال التنمر. الإمارات اليوم

علامات تكشف تعرض الطفل للتنمر

التنمر سلوك ناتج عن الفعل ورد الفعل. وكلما حصل الطفل على الأمان في العائلة، كان بعيداً عن اللجوء إلى التنمر. كما أن الانتقاد المباشر، وتوجيه عبارات السخرية له، يؤديان إلى ضعف ثقته بنفسه، وتعريضه لأن يكون فريسة سهلة للمتنمرين.

وحدّد مستشارون قانونيون ونفسيون أربعة أسباب للتنمر، وتسع علامات لكشف تعرض الطفل للتنمر في المدرسة عبر أفعال سلبية متعمدة من جانب تلميذ أو أكثر لإلحاق الأذى بتلميذ آخر، تتم بصورة متكررة، ويمكن أن تكون بالكلمات، مثل: التهديد أو التوبيخ أو السب، كما يمكن أن تكون بالاحتكاك الجسدي، مثل الضرب والدفع والركل، أو تعمد عزله عن المجموعة، أو رفض الاستجابة لرغبته.

ويتضمن علاج التنمر محاور عدة، منها العلاج الأسري والعلاج المدرسي، حيث تعتبر الأسرة البيئة الأولى التي تؤثر في سلوك الطفل.

ولكي يكون التدخل الأسري فعالاً لابد من التروّي وعدم العجلة في الحكم على سلوكه ووصفه بالمتنمر قبل أن تتضح الرؤية.

وفي حال ثبوت التنمر، ينبغي مناقشة الطفل بهدوء وتعقل، لمعرفة الأسباب التي تجعله يسلك هذا المنحى، وتوضيح مدى خطورة سلوكه.

كما يجب على الآباء عدم اختلاق الأعذار للطفل لاسيما أمام المعلمين والزملاء.

والمحور الثاني (العلاج المدرسي) من خلال التعامل الأمثل مع التنمر المدرسي عبر تطوير برنامج مدرسي واسع، يكون هدفه تغيير ثقافة المدرسة، وتأكيد الاحترام المتبادل، والقضاء على التنمر، ومنع ظهوره.

ولكي يكون البرنامج فعالاً لابد من توعية المعلمين والأهالي والطلبة بماهية سلوك التنمر وخطورته، وتشديد المراقبة واليقظة التربوية لرصد حالات التنمر، ووضع برامج علاجية للمتنمرين، بالشراكة مع المختصين في علم النفس، وتنظيم أنشطة موازية تهتم بتنمية الثقة بالنفس، واحترام الذات.

الأكثر مشاركة