التعليم بين التقليد والتطور

الدكتور مراد الرجب*

يستعد الطلاب وأولياء الأمور لبداية فصل دراسي آخر مليء بالتعلم والتطور، لكن مشهد العودة هذا العام يبدو مختلفاً عما ألفناه في السنوات السابقة، حيث نشهد تحوّلاً جذرياً في أساليب التعليم.

أصبح بإمكان المعلمين تخصيص المحتوى التعليمي وفقاً لقدرات كل طالب.

هذا التطور التقني لم يقف عند حدود الصفوف بل تعداها إلى تغيير جذري في نمط التعلم إلى الفصول الافتراضية والهجينة التي تسمح للطلاب بالتفاعل مع المعلمين وزملائهم خارج أوقات الدوام المدرسي، ما يزيد من مرونة التعلم ويسهم في تعزيز فرص التعلم الذاتي والمستقل.

ولكن مع هذه التطورات الكبيرة في التكنولوجيا، ظهرت أيضاً مخاوف جديدة تتعلق بتأثير هذه الأدوات الرقمية على مهارات الطلاب وسلوكياتهم، فقد تؤثر الفصول الرقمية سلباً على تطوير مهارات التواصل المباشر والعمل الجماعي لدى الطلاب، وقد يصبح التفاعل الإلكتروني بديلاً غير كافٍ عن التفاعل الواقعي، كما يثار القلق بشأن اعتماد الطلاب المفرط على التكنولوجيا في أداء الواجبات المدرسية والمشاريع، ما قد يحد من قدرتهم على التفكير النقدي والإبداعي.

ورغم أن الذكاء الاصطناعي يوفر إمكانات هائلة لتخصيص التعليم، فإن أنظمته قد تفتقر أحياناً إلى المرونة الكافية للتكيف مع الظروف الفردية والمتغيرة لكل طالب، وتعتمد هذه الأنظمة بشكل كبير على البيانات المدخلة، ما يجعلها قد تعجز عن التعامل مع التغيرات المفاجئة في سلوكيات الطلاب أو الظروف الخاصة التي يمرون بها.

ولمواجهة هذه التحديات من الضروري أن تتخذ المؤسسات التعليمية إجراءات لتعزيز الاستخدام الأخلاقي للتكنولوجيا من خلال توعية الطلاب بأهمية النزاهة الأكاديمية، وابتكار استراتيجيات جديدة لتعزيز مهارات التفكير النقدي والإبداعي.

التكنولوجيا ليست مجرد أداة لتحسين التعليم بل هي محفز لإعادة صياغة مفاهيم التعلم التقليدي، ومع استمرارنا في استكشاف الفرص الجديدة التي تقدمها الأدوات الرقمية ينبغي أن نحافظ على القيم الإنسانية التي تشجع على التواصل والتفاعل الحقيقي بين الطلاب.

هذا التوازن بين التكنولوجيا والقيم الإنسانية هو مفتاح نجاح التعليم في المستقبل.

وكل عام وطلابنا ومعلمونا بخير، ومن تطور إلى ازدهار وابتكار أكثر.

أستاذ مساعد، قسم علوم الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات، كلية الهندسة، جامعة أبوظبي

لقراءة مقالات سابقة للكاتب، يرجى النقر على اسمه

تويتر