تستقطب خريجين جدداً وباحثين عن عمل بألقاب مستشارين وأخصائيين وخبراء
أكاديميات تدريب «وهمية» تروّج لـ «تطوير مهني» بشهادات مزيفة
حذّر أكاديميون ومسؤولو توظيف، من انتشار مراكز وأكاديميات تدريب «وهمية»، تحمل أسماء مراكز وجامعات أجنبية متخصصة في تقديم خدمات تدريب وتأهيل لمساعدة الأفراد على تطوير حياتهم المهنية، وتغيير مسارهم الوظيفي، والحصول على شهادات خبرة تفتح لهم عالماً من فرص العمل المتنوعة في سوق العمل في مجالات مختلفة دون الحاجة إلى الدراسة الأكاديمية، داعين الطلبة والموظفين إلى عدم الانسياق وراء إعلانات هذه المراكز وخسارة أموالهم ووقتهم.
وقالوا إن مثل هذه الكيانات تبرم مذكرات تفاهم مع أخرى وهمية، للاحتيال على شباب حديثي التخرج، وإيهامهم بأنها أكاديميات علمية كبيرة، مشيرين إلى أن هناك ضحايا مراكز تدريب وهمية يدفعون أموالاً مبالغاً فيها، مقابل الحصول على شهادات هذه الدورات ظناً منهم أنها صادرة عن أكاديميات ذات سمعة دولية وتتيح لهم العمل، لكنها في الحقيقة مجرد أكاديميات مزيفة على شبكة الإنترنت، لا تمتلك أدنى مقومات التدريب.
ورصدت «الإمارات اليوم» عشرات الإعلانات الممولة على مواقع التواصل الاجتماعي تروّج لدورات تدريبية من معاهد وأكاديميات للتدريب، تعلن تنظيم دورات تدريبية يحصل بموجبها المشاركون على شهادات معتمدة من جهات خارجية، تتيح لهم العمل، وأشهرها: علم النفس السلوكي، والعلاقات العامة، والإعلام، وإدارة الأعمال، والترجمة القانونية، والسياحة، وإدارة الفنادق، والقيادة في التعليم، والتسويق، والموارد البشرية، وسلاسل الإمداد والتوريد، وإدارة المستشفيات، وإدارة الجودة، وإدارة المخاطر، مع الحصول على شهادات مصدقة من دول أوروبية.
وتحت عنوان «ابدأ الآن رحلتك المهنية مع شهادات معتمدة عالمياً، تتيح لك العمل في مجالات جديدة»، انتشرت الإعلانات الممولة للترويح لدورات تمنح الحاصلين عليها ما يُسمى بـ«مستشار تحكيم دولي، ومستشار علاقات دبلوماسية، ومستشار في الإعلام والعلاقات العامة، وخبير في الإعلام وميتافيرس، وخبير تنمية رعاية الذكاء والموهبة والإبداع، وأخصائي علم النفس وعلوم السلوك البشري، وخبير تنمية وتطوير الذات»، وتروج هذه الإعلانات أن ذلك عن طريق الحصول على الدبلوم المهني عبر الدراسة لمدة 100 يوم أو لثلاثة أيام حضورياً في إحدى قاعات الفنادق المستأجرة، وأنه سيتم منح الدارسين عند التخرج شهادة معتمدة دولياً تعادل 250 ساعة دراسية.
موارد بشرية
وأوضح مسؤولو موارد بشرية، أحمد عبدالناصر، وريان حافظ، وسعاد السهلي، أن شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، تشهد ارتفاعاً في عمليات الاحتيال، خصوصاً في ما يتعلق بعدم اعتراف مؤسسات الموظفين المنتسبين لتلك الدورات بشهادات حصلوا عليها من تلك المعاهد والأكاديميات. وأجمعوا على أن عدداً كبيراً من مزودي خدمات التدريب يعتمدون على إنشاء مواقع إلكترونية وهمية وبأسماء مراكز ومعاهد عالمية، بهدف استقطاب العملاء.
وقالوا إن هذه الكيانات تعتمد على نشر عناوين وهمية، متضمنة أرقام هواتف متنقلة تنتمي لبعض الأشخاص وليس لمؤسسات، لذلك يتعين على الأفراد المهتمين بالتدريب والتطوير توخي الحيطة والحذر من التعاطي مع الإعلانات عن تلك المؤسسات، خصوصاً التي توفر التدريب أون لاين، حيث يتخذ عدد كبير من هذه المعاهد والأكاديميات من دول خارجية مقراً له، وتمنح شهادات موثقة من جهات غير معترف بها.
أكاديميون
فيما حذّر الأكاديميون، محمد سعدي، ومحمود مراد، ونبيلة عوف، من معاهد وأكاديميات منتشرة على مواقع الإنترنت، باعتبارها لا تستند إلى معايير علمية سليمة، ولا تملك المصداقية في ما تدعيه باستقطابها كوادر تدريب عالمية، وتقديمها منتجاً تدريبياً متميّزاً، ومنحها شهادات موثقة من جهات عالمية، مشيرين إلى أن بعض هذه الكيانات تقوم بتأسيس شركة تجارية وتمنحها اسماً مميّزاً ومن خلالها تروّج لنفسها على أنها أكاديمية تدريب عالمية، وبعد قيام الأفراد بالتسجيل في دوراتها يكتشفون عدم اعتراف جهات التوظيف بالشهادات الصادرة عنها، ما يُعدُّ غشاً وتدليساً واحتيالاً.
وقالوا إن هذه الكيانات تروّج عبر إعلانات ممولة على مواقع التواصل الاجتماعي، لتنظيم دورات تدريبية في فترة محددة، ولا تعلن عن مكان الدورة إلا بعد جمع أكبر عدد من الاشتراكات، ثم تقوم باستئجار قاعة فندقية، وتنظم محاضرات يتم خلالها استعراض معلومات عامة من قبل المتحدثين، مع ورش عمل لا تتسم بالاحترافية، وبالتالي تمنح المشاركين في نهاية الدورة شهادات تفيد بحصولهم على دبلوم تُطلق عليه «الدبلوم المهني أو العملي في التخصص»، ويتفاجأ بعد ذلك خريجو هذه الدورات بأن هذه الشهادة هي ورقة غير معترف بها، ولا تتيح لحاملها ممارسة هذه المهنة.
خريجون جدد
فيما أشار الخريجون، محمد عاصم، وخالد ماجد، وعبدالله الحوسني، وريم صفوت، وعبير فتحي، وسارة خالد، أنهم حصلوا على دورات تدريبية وشهادات اكتشفوا عدم الاعتراف بها، مشيرين إلى أنهم قاموا بالتعرف إلى هذه الأكاديميات عبر إعلاناتها على مواقع التواصل الاجتماعي، وبعد التواصل معها والتسجيل نظمت لهم تدريباً لمدة راوحت بين ثلاثة وخمسة أيام في أحد الفنادق، وتم استكمال التدريب أون لاين لمدد راوحت بين ثلاثة وتسعة أشهر، بحسب نوع الدورة، وبعدها حصلوا على شهادات إتمام دبلوم التخصص، وقد راوحت كُلفة الدورة التدريبية بين 3000 و8000 درهم، إضافة إلى رسوم اعتماد وتصديق الشهادات من مؤسسات تعليم عالٍ في دول عربية وأوربية.
أطباء
وأشارت طبيبتان، مي محمد، ومروة سعد، إلى أنهما سجلتا في دورة تدريبية لعلم المناظير تحت إشراف أكاديمية تحمل اسماً أجنبياً رناناً، وتشير إلى نفسها بأنها متخصصة في تدريب الأطباء على مستوى الشرق الأوسط، وتم الإعلان عن الدورة من خلال على «قروبات الأطباء» بمواقع التواصل الاجتماعي، وتضمن جدول التدريب محاضرات نظرية وعملية، بإشراف استشاريين تم استقدامهم من الخارج بحسب الإعلان، ما شجع الكثير من الأطباء على الاشتراك بها، وعند الحضور في مقر الدورة التي تم تنظيمها بقاعة فندقية، اكتشفتا مع باقي الأطباء أن الدورة نظرية، وأن الجزء التطبيقي بسيط جداً ولا يزيد عن كونه معلومات أولية يدرسها الطلبة خلال سنوات الجامعة، وأن المشرفين على الدورة مجرد أطباء غير أكاديميين يحملون جنسيات غير عربية، والشهادة مجرد ورقة تفيد حصول المشاركين على دورة في علم المناظير لا يمكن الاعتداد بها.
موظفون
وأرجع الموظفون، حمد صالح، ومريم إبراهيم، ونجوى حسن، لجوء البعض إلى أكاديميات التدريب التي تعلن عن نفسها على مواقع التواصل، والتسجيل في دوراتها إلى اشتراطات بعض المؤسسات لحصول موظفيها على الترقية، مثل: تقديم شهادات تدريب وتطوير مهني، ما أسهم في خلق بيئة خصبة لهذه الأكاديميات لاستقطاب الموظفين الراغبين في تحسين وضعهم الوظيفي، مطالبين جهات العمل بتوفير جهات تدريبية محلية أو التعاقد مع جهات ذات مصداقية احترافية في مجال الاختصاص إقليمياً أو عالمياً قبل أن تشرع إجراءاتها للترقية، ما يتيح للموظفين الحصول على تدريب حقيقي، وشهادات خبرة معترف بها.
تغيير المسار الوظيفي
أشار باحثون عن عمل، إلى أن الانضمام إلى هذه المعاهد والأكاديميات، يأتي رغبة من الكثيرين في تغيير مسارهم الوظيفي، إما لعدم حاجة السوق إلى تخصصهم الحالي، وإما لعدم نجاحهم العملي فيه، ما يدفعهم إلى البحث عن مراكز لتدريبهم على تخصص جديد، يمكن من خلاله الحصول على وظيفة، خصوصاً أن هذه المعاهد والأكاديميات تروّج إلى أن هذه التخصصات التي يتم التدريب عليها تحتاج إليها سوق العمل بشدة، كما أن التخصصات التي تعلنها تحمل أسماء جذابة، مثل: دبلوم علم النفس السلوكي، ودبلوم رعاية الكبار، ودبلوم أخصائية حضانات، ودبلوم التحكيم الدولي، وغيرها من التخصصات. ولفتوا إلى أن الكثير من المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي، يلعبون دوراً في الترويج لهذه المعاهد من خلال صفحاتهم والنصائح التي يقدمونها لمتابعيهم حول أهمية الـ«كارير شيفت» أو تغيير المسار الوظيفي، ما يشجع البعض على البحث عن أي أكاديمية تمنحه شهادة تخصص في مجال جديد.
أكاديميون:
العديد من المعاهد والأكاديميات على الإنترنت لا تستند إلى معايير علمية، وتفتقد مصداقية الشهادات والكوادر التدريبية.
أخصائيو موارد بشرية:
يتعين على الأفراد المهتمين بالتدريب والتطوير توخي الحيطة والحذر من التعاطي مع تلك الإعلانات عبر منصات إلكترونية ومواقع التواصل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news