ذوو طلبة يدعون إلى مراجعة ساعات اليوم الدراسي.. و«التربية»: أقل من المعدل العالمي
تربويون: شكاوى طول الدوام الدراسي تؤثّر في مستوى الطلبة
جدّد ذوو طلبة مطالبهم بإعادة النظر في عدد ساعات اليوم الدراسي، واختصار المناهج بما يتناسب مع أعمار الطلبة، خصوصاً مع دخول فصل الشتاء وقصر وقت النهار، فيما أكد تربويون أن تكرار هذه المطالب من ذوي الطلبة لا يأخذ في الاعتبار مصلحة أبنائهم، ويشجع الطلبة على عدم التركيز داخل الحصص، ويؤثّر في مستواهم الأكاديمي.
وتفصيلاً، حدد ذوو طلبة عدداً من التحديات التي تواجه أبناءهم خلال رحلتهم التعليمية، شملت طول المناهج الدراسية، وكثافة المواد، وكثرة التقييمات والاختبارات الأسبوعية والشهرية التي تسبب قلقاً ورعباً للطلبة، وإطالة ساعات الدوام المدرسي التي تؤدي إلى إنهاك الطالب ذهنياً وجسدياً، ما يسبب له ضعفاً في التركيز والفهم، إضافة إلى التكليفات التي تتطلب حل واجبات وتنفيذ أنشطة في المنزل، ما يقضي على حقه في الاستمتاع بوقته في المنزل ووسط أسرته.
وتلقت «الإمارات اليوم» شكاوى من ذوي طلبة، أكدوا فيها أن أبناءهم لاسيما الصغار (رياض الأطفال والحلقة الأولى) يعودون مُنهكين يومياً من المدرسة، ويتعرضون للعديد من المتاعب الصحية، بسبب الإرهاق داخل الفصول الدراسية وخلال رحلتَي الذهاب والعودة بالحافلات، اللتين تستغرقان في كثير من الأحيان أكثر من ساعة بسبب الزحام المروري وبُعد المسافات.
شكاوى متكررة
وأشار ذوو طلبة، محمد البلوشي، وأحمد صلاح، وأميرة شكري، وماجدة أحمد، إلى أن طول اليوم الدراسي في المدارس الحكومية والخاصة، يؤدي إلى إرهاق الطالب، ويزيد من الضغوط عليه في سن مبكرة، ويقلل من شعوره ودافعيته نحو التعلم، ودعوا الجهات التعليمية إلى إجراء استبيانات جادة للأخذ بعين الاعتبار رأي أولياء الأمور في المواد الدراسية وساعات الدراسة التي وصفوها بـ«المرهقة للطلبة وأولياء الأمور»، وتؤثر سلباً في الحياة الأسرية.
كما دعا ذوو طلبة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي وقروبات أولياء الأمور، إلى تقليل عدد ساعات الدوام المدرسي، مشيرين إلى أن طلبة باتوا يعانون الإرهاق والتعب بسبب ساعات الدراسة الطويلة، التي تبدأ باستيقاظهم عند الخامسة فجراً، وتنتهي بالوصول إلى البيت بعد 3:30 عصراً، ليستكملوا يومهم بين أداء الواجبات والمذاكرة وإنجاز المشروعات المطلوبة.
وتساءل أحد المغردين على حسابه بمنصة «إكس»: «كيف تكون حال طفل يستيقظ في الخامسة فجراً ويعود إلى المنزل الساعة الثالثة عصراً مرهقاً لا يقدر حتى على تناول الطعام؟!»، مشيراً إلى أن هذه المرحلة التأسيسية تتطلب شيئاً من المرونة حتى يتقبلها ويحب المدرسة، ما يتطلب تقليل عدد ساعات الدوام، خصوصاً للمراحل الأولى من التعليم.
وأيّدته في الرأي ولية أمر طلبة، نهاد ضاحي، مشيرة إلى أن أطفالها يعودون إلى المنزل قبل الرابعة بقليل، منهكين، بسبب كثرة عدد الحصص الدراسية اليومية ما يؤثر في استيعابهم وتركيزهم، مقترحة أن يتم تقليل فترة الدوام ساعة على الأقل، ومن ثم تكون أمامهم فرصة للعودة مبكراً والنوم ساعة في فترة القيلولة، حتى يستطيعوا تجديد نشاطهم، لمراجعة دروسهم، وقضاء وقت مع أسرهم.
التدريس الحديث
وأجمع ذوو طلبة، على مجموعات أولياء الأمور، على أن العديد من المدارس لا تهتم بحصص الفنون والأنشطة، ما يجعل اليوم الدراسي أكثر إرهاقاً ومللاً على الطلبة، لافتين إلى أن اليوم الدراسي يضم ثماني حصص وفترتين للراحة، ويمكن اختصاره إلى ست حصص وفترة راحة واحدة، وبذلك يتم توفير أكثر من ساعة ونصف الساعة من زمن الدوام المدرسي.
وأشاروا إلى أن الكثير من المدارس الخاصة تهتم بالكمّ على حساب الكيف، خصوصاً في المناهج التي يتم تدريسها لطلبة الحلقة الأولى، وهو ما يمكن تقليصه ليتم توزيعه على عدد ساعات تمدرس أقل مع إتاحة فرصة أكبر للأنشطة الصفية، وتدريب المعلمين على طرق تدريسية حديثة، تركز على إكساب الطالب مهارات التعلم بدلاً من التركيز على الحفظ والتلقين، داعين إلى إعادة تقييم المناهج وحذف غير المفيد منها، وإعادة وزنها من جديد، وتحويلها إلى ساعات وفق الوزن النسبي لكل مادة، وبالتالي يسهم ذلك في تقليل عدد ساعات التمدرس.
من جانبه، حذّر الاختصاصي الاجتماعي، عماد خلف، من أن طول ساعات الدوام له تأثيرات سلبية في استيعاب الطالب، وتحصيله الدراسي، ويصيبه بالإرهاق، مشيراً إلى ضرورة زيادة النشاطات خلال اليوم الدراسي، لاكتشاف وتنمية مواهب الطلبة، وكسر روتين الحصص النظامية، وضمان حصول الطالب على حقه في الأنشطة اللاصفية وفق جدول موضوع ومنظم، ما يحقق الأهداف التعليمية المرجوة.
معايير تعليمية
في المقابل، أكد تربويون في مدارس حكومية وخاصة، عبدالله جمعة، وحمد صلاح، وريم السعيد، ووفاء حسن، أن عدد ساعات الدوام المدرسي مناسب جداً ويتم تحديده بناء على الخطط الزمنية للمناهج والأنشطة الصفية وغيرهما من عناصر العملية التعليمية، مشيرين إلى وجود معايير ومقاييس عالمية لليوم الدراسي، وعدد ساعات التمدرس، وعدد أيام السنة الدراسية، الهدف منها تحسين العملية التعليمية، وضمان مخرجاتها.
ولفتوا، إلى أن ذوي الطلبة يكررون هذه المطالب سنوياً دون الأخذ في الاعتبار مصلحة أبنائهم، وأن ترديد هذه المفاهيم الخطأ تشجع الطلبة على عدم التركيز داخل الحصص، وتمنحهم مبرراً لتراجع مستواهم الأكاديمي، كما أنهم بذلك يستهينون بجهود المعلمين، وما تبذله المدارس لضمان حصول الطلبة على تعليم متميّز.
فيما أوضح نائب مدير قسم المواد العربية بمدرسة خاصة، محمد صقر، أن التعامل مع طول اليوم الدراسي يجب أن يتم بذكاء وكفاءة وفاعلية، واستغلال الساعات الدراسية بالطريقة التي تثري تعلم الطلبة من جهة، وتراعي تلبية احتياجاتهم الجسدية والنفسية من جهة أخرى، من خلال برامج تعليمية وترفيهية وتدريبية تُنمي وتصقل مهاراتهم العقلية والعملية والحياتية، مشدداً على أن سياسات تقييم التعليم في المدارس تعتمد على جودة المحتوى المُقدم للطلبة، خلال ساعات التمدرس بعيداً عن الحشو والإطالة.
المعدل العالمي
وجددت وزارة التربية والتعليم تأكيدها السابق في ردها على «مقترح برلماني» أخيراً، حول تقليص اليوم الدراسي «ساعة» لحماية الطلبة من الإرهاق، قائلة، «إن عدد ساعات اليوم الدراسي للطلبة في الدولة يبلغ 5.4 ساعات يومياً، بإجمالي 1015 ساعة دراسية سنوياً، وهو أقل من المعدل العالمي البالغ 1246 ساعة دراسية سنوياً، مشيرة إلى أنها سبق أن أعادت توزيع عدد ساعات الدراسة بسبب تقليص الدوام الأسبوعي إلى أربعة أيام ونصف اليوم، بدلاً من خمسة أيام، ومن ثم تم العمل على ترحيل الساعات المتبقية من دوام نصف يوم الجمعة إلى بقية الأيام الأربعة الأخرى».
صحة الطالب
أكدت أخصائية طب الأطفال، الدكتورة آية ناصر، أن العلاقة بين كثرة عدد ساعات التدريس وجودة التحصيل الدراسي لم يتم إثباتها علمياً أو نفسياً، مشيرة إلى أن قضاء الأطفال 40% من ساعات اليوم داخل الحافلات والفصول الدراسية، يُعدُّ أمراً مرهقاً لهم، وقد يسبب لهم إرهاقاً جسدياً وعصبياً، وضعفاً في التركيز والانتباه، إضافة إلى إمكانية أن يتأثر الطالب نفسياً بسبب كثرة المتطلبات الدراسية والواجبات التي تشكل عبئاً نفسياً على الطالب، وتزيد من شعوره بالإرهاق، ويترتب على كل ذلك عدم أخذ الجسم كفايته من الراحة.
• اختصاصي اجتماعي يقترح زيادة النشاطات المدرسية وكسر روتين الحصص.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news