سارة باقر المواطنة الوحيدة في المركز. تصوير: مصطفى قاسمي

200 مريض على قائمة انتظــار «دبي للتوحّد»

قالت منسقة وحدة خدمة المجتمع في مركز دبي للتوحد سارة أحمد باقر، إن تكلفة رعاية المتوحدين مرتفعة، إذ تصل إلى نحو 130 ألف درهم سنوياً لكل متوحد، بينما يتقاضى المركز رسوماً سنوية تقدر بـ25 ألف درهم، مشيرة إلى أن مصروفات المركز الشهرية تقدر بـ400 ألف درهم.

وطالبت الجهات الحكومية بتقديم دعم مستدام للمركز والتكفل بجزء من مصروفاته الشهرية للتمكن من التوسع والانتشار، خصوصاً أن 35 مواطناً متوحداً ينتظرون دورهم لدخول المركز من بين 200 متوحد على قائمة الانتظار.

وأشارت إلى عدم وجود شواغر في المركز، الذي يحتضن 45 متوحداً، منهم 21 مواطناً، على الرغم من إعطاء الأولوية للمواطنين، مبينة أن إدارة المركز عاجزة عن الانتقال إلى المبنى الجديد الذي يستوعب 150 متوحداً بسبب عدم وجود سيولة مالية، خصوصاً أن عدد الموظفين في مراكز التوحد يفوق أعداد الطلبة.

وأكدت أن مواطنين يبقون أولادهم المتوحدين في منازلهم، لعدم قدرتهم على سداد تكاليف العلاج التي تصل إلى 15 ألف درهم شهرياً في المراكز الخاصة، وعدم وجود شاغر في مراكز التوحد العامة.

ضائقة مالية

وقالت باقر إن أموال التبرعات كانت تغطي المصروفات الإضافية للمركز، وتحول دون وقوعه في حالة عجز، غير أن إفرازات الازمة المالية العالمية اضعفت التبرعات، ما جعل المركز يعاني ضائقة مالية شديدة حرمته فرصة الانتقال إلى مبنى جديد جاهز بكامله. وشرحت باقر أن أعداد المشرفين في مراكز التوحد تفوق أعداد الطلبة لوجود مشرف مسؤول عن كل متوحد، فيما عدا الأخصائيين والإداريين، الأمر الذي يجعل الانتقال إلى المركز الجديد بحاجة إلى 200 موظف لرعاية 150 متوحداً، بينما يسيّر المركز أموره اليوم بـ60 موظفاً يرعون 45 متوحداً.

وأكدت حاجة المركز إلى الدعم المستدام وأن تتولى جهة حكومية الإنفاق عليه، خصوصا أجور العاملين، مبينة ان المركز عاجز عن إرسال خبراء للمؤتمرات العالمية للتواصل مع احدث الطرق في علاج التوحد، وهو الاضطراب الذي تتزايد أعداد المصابين فيه بسرعة بالغة.

وكشفت أن المركز ألغى حملة التوعية السنوية لعدم وجود السيولة المالية، لأن تبرع شخص بمليون درهم على سبيل المثال يكفي المركز شهرين، علماً أن تكاليف مراكز التوحد معروفة عالمياً، لأن صفوف التوحد لا تزيد على أربعة طلاب لكل منهم مشرف خاص.

كما أن برامج المركز تلائم المتوحدين حتى بلوغهم سن الـ،14 ويحتاجون بعدها إلى تدريب مهني متخصص، ومنفرد بوجود مدرب لكل متوحد وفق ميوله، وغيرها من عوامل التوحد، وهذا الأمر غير موجود في الدولة، مشيرة إلى وجود متوحد في المركز بلغ سن الـ21 عاماً، وسيخرج العام المقبل لأن المركز غير قادر على تقديم المزيد له.

وتابعت أن مراكز عاملة في الدولة ترفض استقبال الأطفال المتوحدين دون خمس سنوات لعدم جاهزيتها، ما يفقدهم جدوى التدخل المبكر الذي يبدأ منذ بلوغ الطفل عامين، وأن أطفالاً متوحدين كانوا يقصدون المركز يومياً من مناطق بعيدة، الأمر الذي يرهقهم بدنيا وعصبيا ويجعلهم غير قادرين على الاستيعاب السليم بسبب عدم وجود مراكز مجهزة بشكل فعلي في إماراتهم.

مرض ذكوري

تشير إحصائية أميركية إلى أن التوحد مرض ذكوري، إذ أن واحداً من كل أربعة أطفال مصاب بالتوحد، مقابل واحدة من كل 57 فتاة. وبينت دراسة في السعودية أن عدد المتوحدين عام 2008 بلغ 120 ألف حالة في المملكة، بينما كان 60 ألفاً عام ،2004 ولم يتجاوز 6000 حالة عام ،1999 ما يشير إلى ارتفاع كبير في أعداد المصابين.

توظيف

حاول مركز دبي للتوحد الاتفاق مع جهات حكومية وخاصة على توظيف متوحدين برفقة مشرف من المركز، غير أنهم لم يحصلوا على الموافقة. وعرضت مؤسسات خاصة توظيف متوحدين من الثامنة صباحاً حتى الخامسة عصراً، ووافقوا على تقسيم وقت الدوام بين متوحدين، غير أنهم تراجعوا بعد زيارة المركز لخوفهم من تصرفات المتوحدين وانفعالاتهم.

دور الأهل

وركزت باقر على دور الأهل في علاج طفل التوحد من خلال الاعتراف بالمشكلة في بداية الأمر وتشخيص الحالة، والعمل وفق الارشادات السليمة، موضحة أن المركز يستقبل الاطفال بين الثامنة صباحا والواحدة والنصف ظهراً، بينما يقضون بقية الوقت مع عائلاتهم التي بإمكانها زيادة إيجابية الجرعات المقدمة بتطبيق الخطة التي تسلم لهم من المركز، فيما عدا إغلاق المركز شهرين في كل عام وإعطاء الاهالي خطة عمل للشهرين. وأكدت أن أهالي متوحدين يعيقون علاج أبنائهم بتعنتهم وتأكيدهم على سلامة أطفالهم المشخصين بالتوحد، الأمر الذي يسيء إلى سلوك الطفل ويجعله يتراجع يوما بعد آخر.

مشيرة إلى أن توجيهات المركز بسيطة وتعتمد على الاستمرارية والدقة، لأن طفل التوحد بعيد عن الجرعات الدوائية، غير أن متوحدين مصابين بفرط الحركة يعطون بعض الأدوية لا علاقة لها بالتوحد ولا تقدم داخل المركز، لعدم وجود أخصائي معالجة دوائية.

وأعلنت عن عزم المركز إقامة ندوة تعريفية وتدريبية على التعامل مع المتوحدين لأهالي الأطفال المتوحدين في المركز نهاية الشهر الجاري.

وكشفت عن ارتفاع نسب التوحد العالمية دون وجود إحصائية واضحة لعدد المتوحدين في الدولة، لافتة إلى أن المركز كان يشخص 40 حالة سنوياً عام ،2007 بينما وصل عدد حالات التشخيص إلى 90 حالة العام الماضي، 95٪ منها أثبتت الاحتبارات توحدها.

وقالت إن 64 طفلاً ينتظرون على قائمة التشخيص، منهم 22 مواطناً، والعدد في تزايد يومي، موضحة ان المركز يشخص نحو خمس حالات اسبوعيا بما يجعل المسجلين في القائمة ينتظرون أربعة أشهر للتشخيص وحده، علماً أن تشخيص التوحد يكلف 3000 درهم في المركز و5000 آلاف خارجه، كما افتتح المركز عيادات للتدريب المسائي بكلفة 250 درهماً للساعة، بينما يكلف خارج المركز 350 درهماً، لأن الفترة المسائية تعود للطبيب وليست اشتراكاً يتحمل عبأه المركز.

غير قابل للشفاء

وأوضحت أن تشخيص اضطراب التوحد يبدأ عند بلوغ الطفل ما بين عامين وثلاثة أعوام، لأن المشكلات اللفظية تبدأ في الظهور لدى الطفل في عمر سنتين، وارتباط التوحد بتشخيص النطق بصورة كبيرة، مضيفة أن التوحد غير قابل للشفاء، غير أن التدخل المبكر يحسن من سلوك المتوحد ويغير من طريقة استجابته للمؤثرات، والعوامل الخارجية من خلال تعويده تصرفات بديلة عند الشعور ببعض العوامل، فضلاً عن أن العلماء لم يتمكنوا بعد من بيان سبب حصول الاضطراب، خصوصاً ان الطفل يولد طبيعيا باستجابات طبيعية، ومن ثم ينتقل إلى التوحد، غير ان الدراسات تتجه إلى علم الوراثة.

وأكدت باقر عدم ملاءمة اختبارات التوحد الأجنبية مع البيئة المحلية، وغياب العنصر المواطن عن العمل في مجالات التوحد إلا ما قل وندر، مشيرة إلى عدم وجود تخصصات أكاديمية في جامعات الدولة تتناول مجال التوحد والتربية الخاصة إجمالاً.

وقالت إن الأطفال المتوحدين يحتاجون إلى اختصاصيي نطق يجيدون اللهجة المحلية، الأمر الذي تضطر معه المراكز إلى الاستعانة باختصاصيين من دول عربية لهجتها المحكية قريبة من اللهجة الإماراتية، لعدم وجود مواطنين مؤهلين، فضلاً عن وجود أسئلة محرجة لا تلائم المجتمع المحلي في مقياس ملاحظة تشخيص التوحد، الذي يسأل عن وجود ما يسمى «بوي فريند» و«جيرل فريند»، على سبيل المثال، لمعرفة درجة التواصل الحسي عند المتوحد ومدى تمييزه العاطفي بين أسرته وأصدقائه، وغيرها من العلاقات.

الأكثر مشاركة