(محمد) مواطن مصاب بالتوحّد يتلقى العلاج منذ 14 عاماً في مركز أقامه والده في الأردن. الإمارات اليوم

«التوحّد» يغرّب محمد 14 عاماً

ترك والد مصاب بمرض «التوحد» ابنه المعاق يعيش في الأردن بعيداً عن أسرته، منذ 14 عاماً ولايزال، بسبب ما يصفه بـ«عجز مراكز التوحد في الدولة عن استيعاب ابنه»، وعرض الأب المواطن بناء مركز متطور يؤمّن الإقامة الدائمة للمستفيدين في الإمارات، وطلب دعمه من الجهات المختصة.

ولجأ (أبومحمد) إلى فتح مركز لعلاج التوحد في الأردن لتأمين علاج مناسب لابنه المتوحد، بعد أن حالت التكاليف المالية وندرة المختصين دون تحقيق مسعاه في الدولة، وأوضح لـ«الإمارات اليوم» أن مراكز التوحد في الدولة «تعتمد على الدوام الجزئي، ولا تتوافر فيها إقامة داخلية، فضلاً عن تدني مستوى خدماتها»، مشيراً إلى أن المراكز الجيدة تعتمد اللغة الإنجليزية في تدريب وتأهيل المرضى، ما يراه منافياً للثقافة المحلية.

وأشار إلى أن «ما واجهه من صعوبات خلال بحثه عن مركز يلائم ابنه، قاده إلى إنشاء مركز في الأردن لعلاج التوّحد ليحظى ابنه (محمد) وأقرانه فيه بالرعاية اللازمة والمتكاملة، واختار للمركز اسم (التحدي) لأنه يتوافق ورؤية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي أطلق على المعاقين لقب (ذوو التحدّيات الخاصة)».

وتساءل عن «مصير ذوي الإعاقة الذين لا يملك ذووهم القدرة المالية على إيداعهم مراكز التأهيل ذات الكلفة المرتفعة، فضلاً عن مصير هؤلاء في حال فقدان معيلهم، وما سيواجهونه من صعوبات الحياة، كونهم غير مؤهلين مهنياً لكسب لقمة العيش، وهو التساؤل الذي بدأ يواجهه حيال ابنه المقيم في الأردن».

ولفت إلى أن ابنه (محمد) فقد صلته بوطنه الإمارات، وصار أردنيّ الهوى يتحدث بلهجة الأردنيين، حتى إنه لا يفهم بعض الكلمات التي يردّدها والداه عند زيارته، ويحب أكلهم وشربهم وعاداتهم، بعد أن قضى 14 عاماً هناك.

وطالب الجهات المعنية بدعم مراكز التأهيل المحلية، لتتمكن من تقديم الخدمات اللازمة لمرتاديها، «من خلال تحسين كفاءة المراكز لتأهيل المستفيدين مهنياً، وإدخالهم سوق العمل»، وكشف أن جهات رفضت دعمه لتأسيس مركزه في الدولة، بدعوى عدم وجود نظام يسمح بذلك.

وقال (أبومحمد) إنه يحلم بتأسيس مركز بحثي، ومدينة للمتوحدين تشمل مرافق متكاملة، وتوفر تأهيلاً متكاملاً لهم، مشيراً إلى التكاليف المرتفعة التي تتطلبها تلك المراكز، نظراً إلى خصوصيتها التي يعجز عنها الأفراد العاديون».

وفي المقابل، رأت مديرة إدارة رعاية وتأهيل المعاقين في وزارة الشؤون الاجتماعية، وفاء حمد بن سليمان، أن الممارسات العالمية في مجال التربية الخاصة وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة، لا تسمح بإيداع المعاق مراكز إيواء دائمة أو مؤقتة، «إذ يتنافى ذلك مع مفهوم دمج المعاقين في الأسرة والمجتمع»، مشيرة إلى أن الأسرة هي المكان الطبيعي للمعاق.

وأوضحت أن مراكز الإيواء تقتصر على حالات الإعاقة الشديدة التي تحتاج إلى خدمات تمريضية ورعاية طبية دائمة على مدار الساعة، لافتة إلى أن التوجهات الحديثة تنصبّ على تقديم الخدمات إلى تلك الفئات في منازلها.

ولفتت بن سليمان إلى أن حال الشاب المشار إليه ليست شديدة، إذ إنه يعتمد على نفسه ويتكلم ويقوم بعدد من الأنشطة الحياتية اليومية، مشيرة إلى أنه لا حاجة إلى إيداعه مراكز الإيواء داخل الدولة أو خارجها، والأفضل له العيش ضمن أسرته وتلقّي خدمات التأهيل والعلاج والتعليم التي كفلها القانون الاتحادي رقم (29) لعام .2006

وقالت إن «الأنظمة المعمول بها في الدولة تكفل تلقّي المعاق أو أسرته مساعدات مالية من إدارة الضمان الاجتماعي وفق ضوابط خاصة تتعلق بدخل الأسرة، ومدى حاجة المعاق إلى خدمات ورعاية خاصة في المنزل»، لافتة إلى أنه «بذلك تدعم الدولة أولياء الأمور، وتمكّنهم من تأمين الرعاية اللازمة لأبنائهم داخل المنزل». وأشارت إلى وجود نحو 35 مركزاً خاصاً لرعاية المعاقين، وأن الإدارة لم ترفض ترخيص أي مركز توحّد منذ ست سنوات في حال مطابقته الشروط، مؤكدة عدم فرض الوزارة رسوم ترخيص على المراكز.

الأكثر مشاركة