عن قرب
منال تبدّد ظلام الفقراء
قبل أسابيع قليلة، عادت الطبيبة المواطنة منال تريم من كل من غانا وبوركينا فاسو ومناطق شديدة الفقر في أعماق القارة الإفريقية، بعد أن شاركت في إجراء جراحات مجانية لآلاف المكفوفين، والمعاقين بصرياً.
وتريم، هي المدير التنفيذي لمؤسسة «نور دبي»، المعنية بعلاج مرضى العيون والمصابين بالعمى، في المناطق الفقيرة في أنحاء العالم.
ومنذ توليها إدارة شؤون «نور دبي»، تطوف هي وفريق المؤسسة دولاً عدة، تبعد آلاف الأميال عن الإمارات، وتخوض مناطق وعرة ونائية في باكستان وأفغانستان والسودان والكاميرون ومالي وغانا، لتصل إلى المرضى في منازلهم، وتقيم مخيمات ومستشفيات ميدانية لعلاجهم من العمى.
وخلال رحلاتها الإنسانية، عاشت وفريقها الطبي أياماً شديدة الصعوبة، إذ تعرضت لمياه السيول الجارفة وعواصف قوية في باكستان، أطاحت بمخيم المؤسسة، وكادت أن تصيب أطباءه بإصابات بليغة، لكنها تمسكت بالبقاء في المنطقة حتى توفر العلاج لأكبر عدد من المرضى، ولا تخذل من تعلقت آمالهم بالمخيم لمحو ظلام عيونهم.
وفي إفريقيا، كانت تريم والأطباء المرافقون، يجوبون بسياراتهم قرى في قلب الصحراء وأعماق الغابات للوصول إلى المرضى، والسفر بسيارات لساعات تزيد على الـ،10 وسط طرق غير مرصوفة للوصول إلى فقراء يعانون مرض العمى النهري والمياه البيضاء والتراكوما.
وكان بإمكان الدكتورة منال أن ترفق بنفسها، وتبقى في دبي لتزاول تخصصها النادر في جراحة شبكية العين، لكنها اختارت الطريق الصعب والوصول للمرضى في القرى النائية في إفريقيا وآسيا، لأنها «تشعر بسعادة لا تقابلها سعادة حين تسهم في إعادة البصر إلى شخص معدم، عاش سنوات طويلة في ظلام».
وتقول إن العمل في «نور دبي» يؤثر في النفس ويحفز على العطاء، وأصعب المواقف التي نواجهها حين نستقبل حالات نعجز عن علاجها، خصوصاً المصابين بالأمراض الوراثية، أو الأمراض التي تصل إلى مراحل متقدمة، وتؤدي إلى فقدان البصر الكلي، وهي لحظات تصيبنا بالألم والحزن الشديدين لشعورنا بالضعف أمام الإعاقة البصرية. والتحقت تريم بكلية دبي الطبية للحصول على بكالوريوس الطب والجراحة، وتخرجت فيها عام ،1997 ثم التحقت بهيئة الصحة في دبي، وحرصت على إتمام دراستها في مجال طب وجراحة العيون، واختارت تخصص جراحة الشبكية لعدم وجود الكوادر المواطنة في هذا التخصص المطلوب في الدولة، وحصلت على البورد الألماني في طب العيون، ثم أتمت تخصصها وحصلت على درجة الزمالة في جراحات الشبكية.
وفي عام 2007 تم انتخابها رئيساً لشعبة العيون في جمعية الإمارات الطبية، ما أتاح لها فرصة تمثيل دولة الإمارات في مؤتمرات إقليمية وعالمية، وشاركت في تنظيم مؤتمرات دولية، ودورات تعليمية، إلى جانب مؤتمر الإمارات لطب وجراحة العيون.
وأخيراً، تم تعيين تريم عضواً في مجلس الأمناء، والمدير التنفيذي لمؤسسة نور دبي.
وإقليمياً، تشغل الدكتورة منال مناصب عدة، منها عضو مؤسس والأمين العام لجمعية الشرق الأوسط وإفريقيا لأخصائيي الشبكية، وعضو مجلس إدارة مجلس الشرق الأوسط وإفريقيا لطب العيون.
وعالمياً، تولت منصب نائب رئيس المؤتمر العالمي لطب العيون، المقرر عقده في أبوظبي في شهر فبراير المقبل، وهي بذلك أول إماراتية تشغل مثل هذا المنصب في أقدم مؤتمر طبي في العالم، كما أنها عضو في اللجنة العلمية للإعداد للمؤتمر.
وحصلت الدكتورة المواطنة على جوائز عدة تقديراً لجهودها في مسيرتها العملية والمهنية، إذ نالت جائزة راشد للتفوق العلمي في دورتي 1997 و،2006 وحصلت على جائزة دبي للأداء الحكومي المتميز عام 2006 عن فئة الموظفة الحكومية المتميزة. وعن عائلتها تقول: «حرص والدي محمد عمران تريم على إرشادنا إلى طلب العلم والمعرفة، ومنحنا حرية التفكير واختيار ما يناسب رغباتنا وميولنا العلمية، وكان لتشجعيه الكبير لي ولإخوتي، الأثر الكبير في نجاحي، أما والدتي الدكتورة موزة الشحي وهي نائبة رئيس الجامعة الأميركية في الشارقة، فقد أكملت دراستها وتعمل في التدريس، إضافة إلى مهمتها في تربيتي وأشقائي الأربعة، لتثبت لنا وللجميع أن الإنسان الطموح يتخطى الصعاب نحو تحقيق أهدافه.
وعلى الرغم من أن «نور دبي» قدمت خدمات طبية لنحو ستة ملايين شخص في 10 دول إفريقية وآسيوية، منذ انطلاقها عام ،2008 إلا أن تريم تؤكد أنها وأعضاء فريق المؤسسة يطمحون للوصول إلى ملايين آخرين من المرضى في كل قرية فقيرة في العالم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news