واجهن حوادث كبرى.. وشكّلن فريقاً نسائياً محترفاً في دبي

3 مواطنات يُسرعن إلى الإسعاف والإنقاذ

من اليمين: مريم عبدالله وزينب جمعة وجود محمد. تصوير: أسامة أبوغانم

كل مساء تخرج المواطنة جود محمد من منزلها تاركة أطفالها الستة، وتتوجه إلى مقر مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف، لتتولى قيادة سيارة إسعاف من الساعة التاسعة مساءً وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، تتنقل بها إلى مواقع الحوادث، وتسهم في إنقاذ مصابين، وأحياناً تشارك في إجراء جراحات توليد لنساء حوامل.

وجود، واحدة من ثلاث مواطنات اخترن مهنة سائق سيارة إسعاف، وأصبحن فريقاً نسائياً محترفاً في هذه الوظيفة، وعلى الرغم من صعوبتها، إلا أنهن يؤدّينها «بكفاءة عالية»، وفق مسؤولين في المؤسسة.

وتقول جود لـ«الإمارات اليوم»، إنها كانت تعمل موظفة خدمة عملاء في هيئة حكومية، لكن الوظيفة المكتبية لم ترضها، فعلمتْ أن مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف تستقبل المواطنات وتوظفهن في مختلف المجالات، بما فيها الوظائف العملية.

وأضافت «استقبلني مسؤولون في الإسعاف وطرحوا عليّ وظيفة سائقة، خصوصاً أني أجيد القيادة منذ أكثر من 11 عاماً، وهناك حاجة إلى سائقات، ودون تردّد وافقت». وتعزو جود موافقتها إلى أن «هذه المهنة إنسانية، وما أروع أن تكون وظيفتك إنقاذ المصابين والمرضى».

وتتابع أنها لم تجد معارضة من أبنائها، الذين رحبوا بهذه الوظيفة الإنسانية، وهم لا يمانعون أن تتركهم ساعات الليل بمفردهم، لأنهم يعلمون أنها تسهم في إنقاذ أرواح مرضى ومصابين، وفقاً لها.

ومرت جود بأوقات «شديدة الصعوبة أثناء أدائها وظيفتها»، فقد انتقلت قبل أسابيع قليلة إلى موقع تدهور حافلة، ورأت عدداً كبيراً من المصابين بإصابات بليغة يفترشون الأرض، فاقدي الوعي.

ولا تنسى أول بلاغ تحركت له، وكان لامرأة منتحرة ألقت بنفسها من طابق مرتفع، ومنظرها كان مؤثراً جداً، ولا تنسى أيضاً، حين انتقلت لتلبية بلاغ بوجود امرأة في حالة وضع داخل سيارة خاصة، فتولت المسعفات نقلها إلى داخل سيارة الإسعاف للتعامل معها، بينما تولت جود حمل الرضيع في أول لحظات حياته.

أما البلاغ الذي تأثرت له جداً، فكان من موظفين عاملين في جمع القمامة، اكتشفوا وجود طفل رضيع، وبفحصه من قبل المسعفين تبين أنه مات قبل أيام عدة، وملامحه بدأت تتلاشى في القمامة.

أما زميلتها مريم عبدالله، فتعتبر أن «قيادة سيارة إسعاف، ليست بالأمر الهين، وليس كل من يقود سيارة قادراً على التحرك بمركبة إسعاف»، موضحة أن «قيادة الإسعاف تحتاج إلى تركيز شديد، وفي الوقت نفسه التحرك بسرعة للوصول إلى المصابين في عدد قليل جداً من الدقائق».

وتضيف «أكثر ما يواجهنا أثناء أداء مهمتنا، تعمّد البعض السير بسياراتهم أمام سيارة الإسعاف، أو خلفها، وهو ما يحتاج منا إلى مهارة عالية في القيادة».

أما زميلتهما زينب جمعة، فتفخر بأنها صاحبة لقب «أول سائقة إسعاف في الدولة»، إذ تشغل هذه الوظيفة منذ عام ،2007 وأظهرت كفاءة عالية في مهام عملها على مدار الأعوام الخمسة الماضية، ما أهّلها للفوز بجائزة دبي للأداء الحكومي المتميز.

وتقول: «نتعرض لكثير من المواقف الصعبة أثناء عملنا، ونتوجه إلى إسعاف إصابات بليغة جداً، لكننا نتماسك، ونخالف طبيعتنا النسائية، حتى نستطيع نقل المصاب إلى المستشفى من دون تعريضه لأي مضاعفات».

إلى ذلك، قال المدير التنفيذي لمؤسسة خدمات الإسعاف، خليفة بن دراي، إن «المؤسسة حريصة على توظيف المواطنات في كل المهن عملاً بسياسة حكومة دبي بدعم المرأة، وكان تحدياً كبيراً أن يتم توظيفهن في مهنة صعبة جداً مثل مهنة سائق إسعاف».

ويكمل «تولى فريق من الكادر التدريبي في المؤسسة تدريب المواطنات الثلاث على أسس القيادة السليمة، وكيفية التحرك في الزحام، والوصول في أقل وقت ممكن إلى موقع البلاغ، كما تم تدريبهن على أسس الإسعافات، ليشاركن في بعض مهام الإسعاف إذا تطلب الأمر»، مشيراً إلى أهمية هؤلاء السائقات «إذ تفضل مريضات ومصابات أن يتم التعامل معهن من قبل مسعفات وسائقات».

ويخطط بن دراي لزيادة عدد النساء في مهنة قيادة سيارات الإسعاف، ومجالات الإسعاف الأخرى، بما فيها مجالات التعامل مع الحوادث الكبرى والكوارث، مؤكداً اقتناعه الشديد بأن «المواطنات قادرات على تحمّل مسؤوليات كل الوظائف».

تويتر