ذوو الإعاقة يحتاجون إلى نظام متكامل من الخدمات يتكون من أربعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة أجزاء أو مراحل. تصوير: أسامة أبوغانم

«نمو الطفل»: وجود وحدة تشخيـــصية للتوحد ضروري

أكدت مديرة مركز دبي لتطوير نمو الطفل، التابع لهيئة تنمية المجتمع، الدكتورة بشرى الملا، أن هناك حاجة ملحة لوجود منظومة متكاملة تضمن التشخيص الصحيح لحالات التوحد، وعدم التأخر في تقديم العلاج لها، مشيرة الى عدم توافر البرنامج الحديث المستخدم عالمياً في تشخيص التوحد، المعروف باسم ايدوس IDOS في الإمارات، فضلاً عن الافتقار إلى وجود مشخصين مؤهلين لاستخدام البرنامج في حال توافره، مشيرة إلى تشخيص بعض الحالات وفقاً لبرنامج معتمد، إلا أنه ليس الأدقّ أو الأحدث حالياً، في وقت يبقى فيه عدد من الحالات غير مشخص.

وقالت الملا لـ«الإمارات اليوم» بعد جولة في مرافق المركز للتعرف إلى وظائفه وإمكاناته، إن هناك قائمة انتظار مكونة من 116 حالة من ذوي الإعاقة، مختلفة الأنواع، تسعى الهيئة إلى تسجيلهم لتلقي العلاج بالتنسيق مع عدد من الجهات، من بينها مركز الشيخة ميثاء في حتا، مشيرة الى أن مركز دبي لتطوير نمو الطفل يعمل على تدريب مقدمي الخدمة في مركز الشيخة ميثاء، ومساعدته ليتمكن من بدء تطبيق برامج التدخل المبكر.

واوضحت الملا أن القائمة تشمل 58 حالة توحد، إضافة الى 27 حالة لديها «متلازمة داون»، مضيفة أن هناك عدداً من الحالات المسجلة لم تذكر عددها، ليست مشخصة، نتيجة لعدم توافر الأداة المطلوبة والبرنامج المستخدم في عمل التشخيص.

تشخيص التوحد

واعتبرت الملا، أن ندرة وجود مشخّصين مؤهلين، تمثل مشكلة على مستوى العالم وليست على صعيد الإمارات فقط، إذ إن هناك ضرورة لتوفير وحدة تشخيصية متكاملة لتشخيص التوحد، تكون مزودة بمشخصين مؤهلين يحملون شهادات علمية وعملية، ومرخصين لممارسة التشخيص من جهات معتمدة، لافتة الى وجود مشخصين عاملين في الدولة إلا أنهم غير مؤهلين.

وأضافت الملا أن إحدى المشكلات الأخرى التي تواجه المعنيين في هذا المجال، تتعلق بعدم وجود أدوات وآليات لإجراء المسح الذي يكشف عن احتمال إصابة الطفل بالإعاقة، الأمر الذي يؤخر التعرف إلى إصابات التوحد، ويؤدي إلى تأخر تلقي المصابين العلاج المطلوب.

وأشارت الى أن الأرقام تظهر أن طفلاً من بين 499 في الإمارات مصاب بمتلازمة داون، وذلك وفقاً لإحصائية أجريت في الدولة، مضيفة أن أحدث إحصائية على مستوى العالم تؤكد أن طفلاً واحداً من بين كل 88 طفلاً لديه توحد، وهو ما ينطبق على الإمارات التي تعتمد الرقم المشار إليه في الإحصائية العالمية.

ولفتت الملا الى ضرورة توافر نظام متكامل من الخدمات المقدمة الى ذوي الإعاقة يتكون من أربعة أجزاء أو مراحل، تبدأ بالمسح، ثم التشخيص، ومن بعدها يتلقى خدمات التأهيل، ليتم أخيراً دمجه في المجتمع ومؤسساته، موضحة أن الإمكانات الحالية لا تقوم على توفير الخدمات المطلوبة المكونة لأركان ذلك النظام، بشكل كامل ومتناسق، بما يضمن تقديم العلاج والدعم المطلوب لذوي الاعاقة.

واعتبرت الملا أن هناك ضرورة كبيرة لوجود مسح على مستوى الدولة للكشف عن حالات التوحد، آسفة لعدم توافر آليات وأدوات للمسح في وقت ترتفع فيه أرقام المصابين بحالات التوحد محلياً وعالمياً بشكل غير مبشر.

ولفتت إلى المسح النمائي الذي تمكن المركز من إجرائه في عام 2009 على الحضانات في دبي، والذي اقتصر على 131 طفلاً. وأوضحت أن هذا النوع من المسوحات يقارن قدرات الطفل بالأطفال من العمر نفسه، معتبرة أن المسح الذي أجراه المركز على الرغم من أنه إنجاز مهم إلا أنه خطوة متواضعة وغير كافية في ظل ما توصي به الأكاديمية الأميركية لأطباء الأطفال بوجوب استخدام المسوحات على الأطفال بين عمر 16 و18 شهراً، خلال زيارتهم للمراكز الصحية الأولية لأخذ التطعيمات المطلوبة في ذلك العمر، مشيرة إلى أن المسح يتطلب تعبئة استبيان لا يستغرق أكثر من 10 دقائق، لكنه يحدد ما إذا كان الطفل لديه بعض المؤشرات إلى إصابته بالتوحد أو قابليته للإصابة به.

دمج الأطفال

وتابعت الملا أن عدد الأطفال الذين تمكن المركز من دمجهم خلال العام الدراسي 2010-2011 بعد تأهليهم بلغ 17 طفلاً ممن لديهم إعاقات مختلفة، حيث دمجوا في 11 مدرسة، فيما تمكن المركز من دمج 33 طفلاً في 26 مدرسة، مقابل دمج أربعة أطفال خلال العام نفسه في الحضانات.

وأكدت أن مركز دبي لتطوير نمو الطفل يعمل على ضمان بدء خدمات التدخل المبكر في الوقت المناسب للأطفال المصابين أو المعرضين لخطر الإعاقة، مضيفة أنه يطبق برامج على الأطفال من ذوي الإعاقة بهدف زيادة مكاسبهم النمائية والتعليمية.

وتابعت أن تطوير قدرات العائلة، وتحويلها إلى شريك في تنفيذ البرامج المطلوبة لتعزيز تطور الطفل، يعد من أهمّ أهداف المركز، لافتة إلى أن المركز يسعى إلى رفع مستوى المعايير الخاصة بخدمات التدخل المبكر، ورفع مستوى التوعية المجتمعية في مجال الخدمات والبرامج التي تقدم لذوي الاحتياجات الخاصة.

وشرحت الملا أن التدخل المبكر يمثل نظاماً من خدمات التدخل التي تقدم للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو المعرضين للتأخر النمائي في مراحل متقدمة من حياتهم، قد تبدأ منذ الولادة حتى سن السادسة من العمر، أي سن الالتحاق بالمدرسة.

وأوضحت أن الخدمة تهدف بشكل أساسي إلى العمل في أولى مراحل النمو على الحدّ من الآثار السلبية الناتجة عن التأخر النمائي، لأنه كلما حصل التدخل في وقت أبكر، زادت المنافع العائدة على الطفل، وقلّت حاجاته إلى الخدمات، مؤكدة أن الأطفال الذين يتلقون خدمات التدخل المبكر يصبحون أقل اعتماداً على التعليم الخاص والخدمات التأهيلية في مراحل لاحقة من حياتهم.

القرار السليم

ودعت الملا الآباء والأمهات الى اتخاذ القرار السليم والشجاع في حال ملاحظتهم أي أعراض على أطفالهم، بعرضهم على اختصاصيين للتأكد من حالاتهم، وتقديم المساعدة لهم في الوقت المناسب.

وأشارت الى أن أنواع التدخل المبكر وطبيعته تختلف باختلاف غاياته، فقد يكون التدخل علاجياً هادفاً إلى معالجة المشكلات الحالية، أو وقائياً هادفاً إلى تجنب وقوع مشكلات محتملة. كما انه قد يتركز حول العائلة أو الفرد، وفقاً لأولويات الأسرة وتفضيلاتها.

وقالت ان ما يميز مركز دبي لتطوير نمو الطفل عن غيره من المراكز، انه يحرص على تقديم الخدمة للأطفال في بيئتهم الطبيعية، إلا في بعض الاستثناءات التي تتطلب تقديم الخدمة في المركز، مثل حاجة الطفل إلى بعض الأدوات العلاجية التي لا يمكن توفيرها في المنزل، أو نتيجة ظروف أسرية معينة تمنع تقديم العلاج في المنزل.

وأوضحت ان العمل وسط بيئة الطفل الطبيعية يشجع على مشاركة العائلة في عملية التدخل المبكر، ما يزيد من المنافع العائدة على الطفل، ويساعد في الوقت نفسه على إكساب العائلات تقنيات واستراتيجيات التدخل المكتسبة من الاختصاصيين، وإدراجها في نشاطات الطفل اليومية.

وأضافت أن مركز دبي لتطوير نمو الطفل يتعامل مع كل طفل وحدةً كاملةً لا تتجزأ، إذ يقيم جميع مجالات النمو الإدراكية، والحركية الدقيقة، والحركية الكبيرة، والنمو الاجتماعي الانفعالي، والتواصل الاجتماعي والعناية بالذات لدى الأطفال من عمر الولادة حتى السادسة.

وتابعت أنه إذا كان الطفل في المدرسة فإن المركز يتعاون مع الأهل بالتنسيق مع فريق عمل المدرسة المعني من معلمي الطفل، والمساعدين، والإدارة، حيث يتم تقييم الطفل واستخلاص خطة تدخل مناسبة يتولى اختصاصيو المركز تطبيق الخطة وفق الأهداف الموضوعة في إطار البيت والمدرسة، بحيث يستمر التواصل ما بين أعضاء فريق المركز والمدرسة على أساس منظم ودائم.

وتجدر الاشارة إلى أن مركز دبي لتطوير نمو الطفل الذي تأسس بمبادرة من هيئة تنمية المجتمع يوفر الخدمات المقدمة للأطفال من ذوي الإعاقة وأسرهم لمن يحملون الهوية الإماراتية ويقطنون في إمارة دبي، بشكل مجاني.

خدمات

يقدم مركز دبي لتطوير نمو الطفل عدداً من الخدمات إلى العائلة والمجتمع تتضمن:

التقييم الأولي

بعد أن تتصل العائلة بمركز دبي لتطوير نمو الطفل طالبةً للخدمة؛ يلتقي اختصاصي تنسيق الخدمات مباشرة بالعائلة والطفل. ويجري خلال هذا اللقاء تقييماً أولياً يشمل دراسة الحالة ليستخلص منها معلومات على الصعيد النفسي والاجتماعي والصحي والنمائي، وتقييم احتياجات وهموم وموارد الأسرة، ورسم صورة أولية عن نقاط قوة الطفل واحتياجاته، وتقييم المحيط الذي يوجد فيه.

التقييم المنهجي

يطبق فريق من الاختصاصيين تقييماً شاملاً يحدد فيه مهارات الطفل ونقاط القوة والاحتياجات في المجالات النمائية، مثل درجة الإدراك، والقدرة على التواصل واستخدام اللغة، ثم يبدأ بالتحضير لوضع الخطة الفردية للخدمات العائلية المعروفة باسم (IFSP) أو الخطة التربوية الفردية الخاصة بالطفل (IEP).

التقييم التشخيصي

يقوم التقييم التشخيصي، وهو تقييم معياري، على مقارنة أداء الطفل مع مجموعة أطفال من الفئة العمرية نفسها، بغية تقييم طبيعة التأخر في النمو وحدته.

التدخل المبكر

يقدم الاختصاصي، أو مجموعة من الاختصاصيين، خدمات التدخل المبكّر وفقاً لخطة الخدمات الموضوعة للطفل والعائلة. ويحصل هذا التدخل ضمن بيئة الطفل الطبيعية في المنزل والمدرسة وفي مركز دبي لتطوير نمو الطفل في بعض الحالات.

الأكثر مشاركة