«نبضات» تعيد الحياة لقلوب 40 طفلاً في السودان
وقفت السودانية (أم أيوب) أمام فريق من الأطباء الإماراتيين، تشكرهم بحرارة، بعد أن أنقذوا ابنها (تسعة أعوام) من تشوهات شديدة في القلب، جعلته حبيس منزله منذ ولادته.
(أيوب) واحد من 40 طفلاً سودانياً، أجرى لهم الفريق الطبي الإماراتي جراحات معقدة في مركز طبي سوداني، لإنقاذهم من تشوهات بالغة في القلب، كانت تهدد حياتهم بالموت.
والفريق الذي يعمل ضمن مبادرة «نبضات» لعلاج قلوب الأطفال، اختار السودان ليبدأ منها رحلته لعلاج التشوهات القلبية للأطفال في مختلف الدول العربية والمناطق الفقيرة مجاناً.
المبادرة تنظمها هيئة الصحة في دبي، بالتعاون مع مؤسسة محمد بن راشد للأعمال الخيرية والإنسانية، وتسعى من خلالها إلى مساعدة الأسر التي رُزقت بأطفال يعانون تشوهات قلبية، وتعجز عن علاجهم، خصوصاً أن معظم الدول العربية تفتقر إلى أطباء متخصصين في جراحات قلوب الأطفال.
وكان الطفل السوداني (أيوب)، يعاني تشوهاً رباعياً في القلب، جعل حركته محدودة في المنزل، وحرمه اللعب مع أصدقائه، ومنعه من الذهاب إلى المدرسة على الرغم من أن عمره وصل إلى تسعة أعوام.
وأجرى الفريق الإماراتي جراحة «شديدة التعقيد» للطفل، انتهت بنجاح كامل، وغادر الطفل غرفة العناية المركزة، وأصبح قادراً على ممارسة حياته بصورة طبيعية والالتحاق بمدرسة.
ويقول استشاري جراحة القلب والصدر بهيئة الصحة في دبي رئيس الطاقم الطبي المشرف على المبادرة، الدكتور عبيد محمد الجاسم، لـ«الإمارات اليوم»، إن الفريق ضم أطباء من مستشفى دبي، وتعاون معهم فريق طبي سعودي وآخر سوداني، موضحاً أن مبادرة «نبضات» وضعت خطة لإجراء جراحات قلبية للأطفال في مختلف الدول العربية، وبدأت من السودان، كونها تضم العشرات من الأطفال الذين يعانون تشوهات القلب. وأضاف أن «السودان يعاني وجود جراح واحد في الخرطوم يجري جراحات قلبية للأطفال، ما خلّف قائمة انتظار طويلة للأطفال المرضى، وتسبب في إصابة عدد كبير من هؤلاء الأطفال بمضاعفات صحية شديدة».
ويشير الجاسم إلى أن «فريق المبادرة اكتشف أن معظم الأطفال المرضى يعانون ارتفاعاً شديداً في الضغط الرئوي، نتيجة لتأخر إجراء جراحات قلبية لهم، ما تسبب في إلحاق ضرر بالرئة بعد تأثر القلب»، لافتاً إلى أن «هذه المضاعفات زادت من صعوبة الجراحات، واحتاجت إلى مجهود مضاعف ودقة شديدة لإنقاذ هؤلاء الأطفال».
ووفقاً له، أجرى الفريق جميع الجراحات بنسبة نجاح 100٪، وخرج الأطفال من غرف العناية المركزة بعد تحسن حالاتهم الصحية، وعادوا إلى منازلهم بصحة جيدة.
وذكر أن الفريق أمضى أسبوعاً في السودان، وتحديداً في بلدة «ود مدني»، على بعد 200 كيلومتر جنوب الخرطوم، وأجرى 15 جراحة قلب مفتوح، و24 جراحة قسطرة تشخيصية وعلاجية لأطفال من عمر ثلاثة أشهر إلى ثماني سنوات.
وعانى طاقم المبادرة الارتفاع الشديد في درجة الحرارة بالسودان، إلى جانب بعض الصعوبات المعيشية، لكنه تجاوز تلك العقبات، وأمضى الأطباء ما يزيد على 14 ساعة في غرف العمليات، يومياً، لاستيعاب أكبر عدد من الأطفال المرضى.
ومن الحالات الصعبة التي واجهها الفريق، يقول الجاسم، حالة طفلة مريضة كانت تعاني تشوهاً نادراً جداً في القلب، تمثل في ثقب كبير في الشريانين الرئوي والأبهر، كان يهدد حياتها.
ووضع أطباء المبادرة خطة علاج وجراحة دقيقة، انتهت بإصلاح هذا الخلل القلبي، وخرجت الطفلة من المستشفى بصحة جيدة.
وأكد الجاسم أن النجاح الكبير للمبادرة، وحالة الفرح التي شاهدها أعضاء الفريق الطبي في عيون آباء وأمهات الأطفال المرضى، حفزاهم للعودة مجدداً إلى السودان، خلال العام الجاري، لعلاج مزيد من الأطفال مصابي التشوهات القلبية، وإنقاذهم من مضاعفاتها المهددة للحياة.