النورياني يتوسط الفريق الطبي. تصوير: أشوك فيرما

النورياني يجري جراحات قلب معقدة بـ «الروبوت»

تحوّل مستشفى القاسمي في الشارقة إلى مركز ذي شهرة عالمية في مجال القسطرة وجراحات القلب، بعد أن أدخلت إدارته أول روبوت طبي يجري جراحات قلبية في الشرق الأوسط.

وعلى الرغم من مرور أشهر قليلة على إدخال هذا الروبوت في المستشفى، إلا أنه نجح في إجراء عشرات من العمليات الجراحية لمرضى مواطنين ومقيمين، بنسبة دقة فائقة.

6200 جراحة قلبية

أجرى استشاري ورئيس قسم أمراض القلب في مستشفى القاسمي، الدكتور عارف النورياني، أكثر من 6200 عملية جراحية لمواطنين ومقيمين كانوا يعانون أمراضاً قلبية صعبة.

وحصل النورياني على عديد من الجوائز التقديرية لتطويره عمليات القلب في وزارة الصحة، لكنه يرى أن أهم جائزة حصل عليها في حياته هي كلمة شكر من مريض أجرى له عملية قلب معقدة أنقذت حياته.

 النورياني يداوي قلوب المرضى إلكترونياً. تصوير: أشوك فيرما

ثورة في عمليات القلب

وصفت وزارة الصحة إدخال الروبوت في عمليات القسطرة الطبية بأنه «ثورة في عمليات القلب».

وذكرت في تقرير أنه تم البدء في تركيب الجهاز بمستشفى القاسمي في شهر يونيو الماضي، وإجراء أول عملية قسطرة باستخدام هذا النظام الآلي في يونيو بمشاركة خبراء من الولايات المتحدة الأميركية.

واستمرت ورش العمل التدريبية للمختصين في هذا المجال حتى شهر أغسطس، وتم إجراء جزء من التدريب في نيويورك، وحالياً يجري الطاقم الطبي بوحدة القسطرة في مستشفى القاسمي العمليات باستخدام النظام من دون الحاجة إلى أي خبرات أجنبية، وتكللت جميع العمليات بنجاح تام وبدقة عالية.

وأفاد التقرير بأن الروبوت يتميز بمميزات عدة منها الدقة الشديدة في زراعة الدعامات التي يصل طولها إلى 1 ملم أو أقل، ما يقلل من احتمالية إعادة القسطرة ومن ثم المحافظة على سلامة المريض، والتقليل من عودة الانسدادات.

ويتولى الإشراف على هذا الابتكار الطبيب المواطن الدكتور عارف النورياني، الذي أسهم مع فريق الأطباء بالمستشفى في إدخال أحدث التقنيات العالمية في عمليات القلب.

ورغم أن النورياني هو المدير التنفيذي لمستشفى القاسمي، إلا أنه لا ينسى أنه استشاري جراحة القلب، ويومياً يخلع رداء المدير ويدخل إلى وحدة جراحات القلب ليتولى إجراء عمليات معقدة يتم من خلالها شق القلوب إلكترونياً ويدوياً لمرضى من أنحاء الدولة.

ويؤمن النورياني بأن الطب مهنة إنسانية في المقام الأول، وإذا كان منصبه مديراً للمستشفى يشغل حيزاً كبيراً من وقته، الا أن الحيز الأكبر يوجهه لإنقاذ مرضى القلب، الذين يحتاجون إلى خبرته الممتدة عبر 25 عاماً، وهو لا يبخل بها عن أي مريض في أي وقت لإنقاذ حياته، ما دعا كثيرين إلى وصفه بأنه «الأب الروحي لمرضى القلب».

ولكونه متميزاً في مجال عمله، وصفه سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، بأنه «نموذج تفتخر به الإمارات».

وقال سموه في القمة الحكومية الأخيرة إن ادخال الروبوت في عمليات القلب في مستشفى القاسمي، دليل على التطور العلمي والتكنولوجي في القطاع الطبي بالدولة، خصوصاً أن الروبوت صنع منه 21 جهازاً، منها 20 جهازاً في الولايات المتحدة، وجهاز وحيد خارج أميركا في مستشفى القاسمي.

وأضاف سموه أن «وجود هذا الجهاز يبعث على الفخر، لكن نفتخر أكثر أن هذا الجهاز يجري العمليات تحت اشراف الطبيب المواطن عارف النورياني».

وقال النورياني لـ«الإمارات اليوم» إن العمليات التي تُجرى من خلال الروبوت تحقق نجاحاً كبيراً، وأسهمت في إنهاء معاناة عشرات المرضى مع أعراض قلب مستعصية.

ويتميز النوع الأول من روبوت القلب بأنه يجري القسطرة القلبية، ويخفف نسبة التعرض للإشعاع للمريض والطبيب بنسبة 95%، ما يخفض معدل الإصابة بالأمراض الخبيثة.

ولفت إلى أنه يقلل المضاعفات التي تؤثر في الكلى بنسبة 40%، ويقلل استهلاك الدعامات بنسبة 10%، إلى جانب تقليل فترة اقامة المريض في المستشفى، ما يحقق فوائد نفسية للمريض واقتصادية للمستشفى.

وأوضح أن النوع الثاني من روبوت القلب يجري جراحات قلبية دقيقة، ومن خلاله أجرى مستشفى القاسمي أول جراحة آلية في الشرق الأوسط، وهو بديل للعمليات التقليدية التي يتم خلالها شق منتصف الصدر.

وذكر أن الجهاز يقلل من المضاعفات القلبية والالتهابات والتعرض للتلوث والنزف بنسبة 75%، ويخفض كلفة اجراء الجراحة القلبية من 300 ألف دولار إلى 30 ألف دولار.

وأضاف: «يتميز الروبوت الطبي بأداء مهام دقيقة من دون أن ترتعش أصابعه، كما يحدث إذا أصيب الطبيب البشري بالإرهاق»، موضحاً أن «للروبوت الجراح ذراعاً حساسة جداً تستطيع التحرك بحذر داخل جسم الإنسان، مع إحداث أقل أضرار ممكنة للخلايا والأنسجة الكثيرة أثناء إجراء العملية».

وتابع: «يقلل الروبوت الجراح من درجة الألام التي يعانيها المريض أثناء خضوعه للعملية الجراحية، وتالياً يقلل من المضاعفات ويزيد من سرعة شفائه».

والنورياني بدأ حياته العملية مطلع التسعينات في مستشفى القاسمي، بعد أن عاد من ألمانيا التي درس فيها اختصاص القلب، وحصل على شهادة البورد الألماني.

ومنذ دخوله المستشفى وهمه الأكبر تطوير خدمات عمليات القلب، بما يلبي احتياجات المرضى من المواطنين والمقيمين، وفي عام 2003 دشن وحدة قسطرة صغيرة للقلب بممرضة واحدة وثلاثة فنيين، ومنذ ذلك التاريخ يعمل مع إدارة المستشفى ووزارة الصحة على تطوير هذه الوحدة حتى صارت مركزاً متقدماً عالمياً للجراحات القلبية، أجرى 12 ألف عملية قسطرة بينها 4000 جراحة لمواطنين.

ونال المركز في عام 2012، جائزة سمو الشيخ حمدان بن راشد للعلوم الطبية، بوصفه «أفضل مركز لجراحات القلب على مستوى المنطقة».

الأكثر مشاركة