الطبيب يبعد مسافة 4 أمتار عن المريض عند إجراء العملية بالروبوت. من المصدر

«دافنشي» يحد من عمليات القلب المفتوح وقص القفص الصدري بنسبة 50%

أكد أطباء واستشاريون لأمراض القلب والجراحة والمسالك البولية لـ«الإمارات اليوم»، أن استخدام الروبوت «دافنشي» لأول مرة داخل الدولة في 27 نوفمبر الماضي، لإجراء عمليات جراحية في مستشفى القاسمي، يعد عاملاً مهماً في التحول نحو الطب الذكي، موضحين أن الروبوت سيحد من عمليات القلب المفتوح وقص القفص الصدري للمرضى بنسبة 50% خلال خمس سنوات، لكنهم بينوا أن استخدام الروبوت لن يغني عن الجراحة التقليدية، فهناك عمليات لا يمكن استخدامه فيها.

وأشار الأطباء إلى وجود مشكلة كبرى تعوق انتشار الروبوت في مستشفيات الدولة، هي عدم وجود كوادر طبية مؤهلة لاستخدامه في العمليات الدقيقة، لأن تدريب الأطباء على «دافنشي» يستغرق وقتاً طويلاً، وخطوات متعددة، خصوصاً أن خطأ واحداً في إجراء العملية يمكن أن يودي بحياة المريض.

وتفصيلاً، ذكر رئيس قسم جراحة القلب في مستشفى القاسمي في الشارقة، الدكتور رفيق أبوسمرة، أن المستشفى يجري عمليات قلب يراوح عددها بين 130 و140 عملية سنوياً، لا توجد بينها أي حالات وفاة، مضيفاً أنه أجرى 12 عملية قلب ناجحة بنسبة 100% باستخدام الروبوت منذ 27 نوفمبر الماضي.

وقال إن إجراء عمليات القلب باستخدام الروبوت أفضل من إجرائها عبر الجراحة التقليدية، لأسباب عدة، منها أن إجراءها بالروبوت لا يتطلب فتح القفص الصدري للمريض في عملية تبديل الشرايين وعمليات القلب المفتوح، وأن المريض يفضل دائما ألا يقص الطبيب عظم القفص الصدري لمسافة 30 سنتيمتراً تتطلبها عمليات القلب المفتوح بالطرق التقليدية، كما أن مدة إقامة المريض في المستشفى تختصر من أسبوعين إلى ثلاثة أيام في عمليات الروبوت، إضافة إلى أن المريض يحتاج إلى فترة راحة إضافية في منزله تصل إلى شهرين قبل العودة إلى العمل وممارسة حياته بشكل طبيعي بعد العمليات التقليدية.

وتابع أن التهابات الجروح التي تحدث لمرضى السكري في العادة بعد إجراء عمليات القلب تكون شبه معدومة في العمليات التي تتم بواسطة الروبوت، فضلاً عن أنه لا يستخدم فيها القلب الصناعي والرئتان الصناعيتان أيضاً، على عكس العمليات التقليدية.

وأوضح أن المرضى يفضلون الروبوت على الجراحة التقليدية ويرحبون به، وأن كل المرضى الذين أجريت لهم عمليات بالروبوت كانوا راغبين في إجرائها بالطريقة الحديثة، لأنها لا تسبب لهم مشكلات كبيرة أو آلاماً أثناء العملية وبعدها. لكن المشكلة أنهم لا يملكون معلومات طبية كافية حول الجهاز وإمكاناته الحقيقية. كما أن المستشفى الوحيد الذي يستخدمه حالياً في الدولة هو مستشفى القاسمي. ولفت الى أن عدد الأطباء المؤهلين لاستخدام الروبوت «دافنشي» في العمليات الدقيقة محدود جداً، ولا يتجاوز ستة أطباء في العالم، هو أحدهم، وقد أجرى نحو 1500 عملية قلب باستخدام الروبوت في بولندا من عام 1998 حتى 2013.

 

كلفة عمليات «دافنشي»

وذكر أبوسمرة أن كلفة عمليات القلب باستخدام الروبوت في الولايات المتحدة الأميركية تصل إلى 150 ألف دولار، مقابل 90 ألف يورو في أوروبا، أما كلفتها في الدولة فتقدر حالياً بـ30 ألف درهم في مستشفى القاسمي، وهي تقريباً كلفة عملية القلب بالطرق التقليدية، والمستشفى حدد هذه الكلفة المنخفضة دعماً لفكرة نشر التكنولوجيا والتقنيات الحديثة والتحول الذكي في العمليات، وجذب المرضى وتعريفهم بالفوائد الكبيرة لهم والعائدة من استخدامه، على الرغم من أن كلفة الأدوات المستخدمة في عمليات الروبوت تزيد على 30 ألف درهم.

وأكد أن المستشفى في انتظار تحديد كلفة العمليات من الوزارة، متوقعاً أن تكون 80 ألف درهم تقريباً شاملة مصروفات الإقامة في المستشفى.

وتابع أن «مستشفى القاسمي يعمل حاليا على تدريب عدد من الأطباء على استخدام الروبوت، لكن المسألة ليست سهلة، فلو حدث أي خطأ فهو يمكن أن يودي بحياة المريض».

 

الحد من عمليات القلب المفتوح

أفاد استشاري أمراض القلب في مستشفى القاسمي بالشارقة الدكتور لؤي موسى بأن استخدام الروبوت في العمليات الجراحية أفضل من الجراحة بالطرق التقليدية، فهو أقل خطورة وتشويهاً لجسد المريض، وتحديداً في عمليات القلب المفتوح، والمسالك البولية، وجراحات النساء.

وتوقع أن يحد الروبوت من عمليات القلب المفتوح وقص القفص الصدري بنسبة 50% خلال خمس سنوات. وحول نقص عدد الأطباء الذين يستطيعون التعامل مع الروبوت بكفاءة داخل الدولة، أكد أن «استخدام الروبوت مسألة وقت، وبالتدريب المتواصل للأطباء وزيادة عدد الروبوتات سيكون هناك كوادر مجهزة بشكل أكبر في المستقبل للتعامل معه».

وأضاف أنه «ليس للروبوت مخاطر، لكنه لا يصلح لكل حالة مرضية». من جانبه، أكد المدير التنفيذي لمستشفى القاسمي في الشارقة الدكتور عارف النورياني، أن هناك خطة لتدريب أطباء المستشفى كافة على كيفية التعامل مع الروبوت واستخدامه في العمليات المختلفة.

وحول الكلفة المالية لاستخدام الروبوت في العمليات مقارنة بإجراء العمليات بالطرق التقليدية، قال النورياني إن «ثمن الروبوت دافنشي يقدر بـ14 مليون درهم، ولا يجب النظر إلى الكلفة، إنما إلى الاستفادة التي يمكن أن تتحقق من استخدام الطرق الحديثة في المستقبل».

وتابع أن الكلفة للروبوت ستكون أقل من الطرق التقليدية، على المدى البعيد. صحيح أن كلفة العملية بالروبوت أعلى من كلفتها بالطرق التقليدية، لكن الروبوت سيوفر على المريض في المقابل أشياء كثيرة، مثل تقصير مدة إقامته في المستشفى، إذ يمكنه الخروج بين 24 و48 ساعة بعد إجراء العملية، وتقليل حدوث التهابات ومضاعفات للمرضى بعد العمليات، وجعل العملية أقل آلاماً للمرضى.

وأوضح النورياني أن هناك حماية للأطباء الذين يستخدمون الروبوت مما ينجم عن التعامل المباشر مع جسم المريض، ما قد يعرض الطبيب لمرض مُعدٍ.

وقال أخصائي جراحة عامة ومسالك بولية في مستشفى القاسمي، الدكتور يونس الشمسي، إن استخدام الروبوت في العملية أفضل بكثير من الطريق التقليدية، لأنه يوضح صورة كل شيء داخل جسم المريض بنسبة وضوح تفوق صورة المناظير التقليدية بـ20 مرة، لافتاً إلى أن صورة الروبوت ثلاثية الأبعاد، ما يمكن الطبيب من إجراء العملية بشكل سلس، لأن الروبوت يتمتع بسبع زوايا لحركة الأذرع، ما يمكن الطبيب من إجراء العملية بشكل أكثر كفاءة.

الأكثر مشاركة