أطفال يراجعون «الجليلة» للعلاج من سلبيات الإدمان على الأجهزة اللوحية
التنمّر، والسمنة، والتأخر الدراسي، أبرز ثلاثة أمراض واضطرابات نفسية يواجهها أطفال ويافعون، بسبب إدمان الأجهزة اللوحية، وحذّر أطباء مختصون الآباء والأمهات من السماح لأبنائهم بالإفراط في استخدام التقنيات الحديثة، لحمايتهم من مخاطر كثيرة أثبتتها الدراسات والأبحاث الطبية يوماً بعد يوم.فيما استقبل مستشفى الجليلة حالات لأطفال تعاني هذه الأمراض، واضطرابات أخرى ناتجة عن إدمان الأجهزة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي.
علاج إدمان التقنيات الحديثة أكد الطبيبان عمار البنا، ومشعل سلطان، أنه حتى الآن مازال السؤال حول ما إذا كان إدمان الأجهزة الإلكترونية والألعاب الإلكترونية مرضاً نفسياً في حدّ ذاته، أو لا، وأن ذلك قيد الدراسة من قبل الباحثين، كما أنه حتى الآن لا توجد برامج علاجية متخصصة لعلاج إدمان التقنيات الحديثة، وإنما تنصب كل الجهود العلاجية على التعامل مع الاضطرابات والآثار الناتجة عنها، باختلاف أنواعها ودرجاتها، وحسب الأعمار المختلفة. |
وأكد استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين رئيس مركز التميز للصحة النفسية في مستشفى الجليلة للأطفال، الدكتور عمار البنا، أن الآثار المترتبة على إفراط الأطفال في استخدام الأجهزة الإلكترونية تتفاوت حسب عوامل مختلفة، فمثلاً انشغال الطفل عن أنشطة أكثر أهمية، كاللعب مع أقرانه والتفاعل مع الأنشطة العائلية، قد يصيبه بأمراض مثل السمنة، كما يؤثر في تطورهم النمائي المتعلق بالتواصل الاجتماعي والتخاطب.
وأظهرت دراسات حديثة أن الأجهزة الإلكترونية تعرض الأطفال واليافعين إلى ظاهرة التنمّر الإلكتروني، خصوصاً أن الشبكة الإلكترونية تتيح إخفاء شخصية المستخدم على الطرف الآخر، وبالتالي قد توفر فرصة لتوجيه كلام غير لائق لا يستخدم عادة في التواصل المباشر، وفق البنا، الذي أوضح أن الشاشات الإلكترونية عند استخدامها في الفترة المسائية، تؤثر في الإنتاج الطبيعي لهرمون الميلاتونين، وبالتالي من الممكن أن تؤثر في جودة النوم وعدد ساعاته لدى الأطفال واليافعين بشكل خاص، وتمنعهم من الحصول على الفترة الكافية من النوم العميق اللازم لمنحهم النشاط البدني والذهني.
كما أظهرت الدراسات أيضاً أن الأطفال الذين يستغرقون أوقاتاً طويلة أمام التلفاز أكثر عرضة للسمنة، خصوصاً الذين يشاهدونه بمعدل أكثر من خمس ساعات يومياً، إذ تزيد نسبة تعرّضهم للسمنة خمس مرات مقارنة بالذين يشاهدون التلفاز من صفر إلى ساعتين يومياً، كما أن هناك دراسات علمية وطبية ترتبط بشكل مباشر بين وجود جهاز التلفاز في غرفة نوم الطفل، وزيادة في معدل إصابته بالسمنة.
الرأي ذاته أيّده، استشاري الطب النفسي للأطفال والمراهقين في مستشفى الجليلة للأطفال، الدكتور مشعل سلطان، الذي أردف قائلاً إن الأطفال الذين يستخدمون الأجهزة المحمولة، وينخرطون في المتابعة المفرطة لوسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً قبل النوم، لا يحصلون على الوقت الكافي من الراحة، ومن ثم يتعرّضون للتدهور في الأداء المدرسي والاجتماعي، كما أن هناك مخاطر عامة للأجهزة الإلكترونية، مثل التعرّض لأفكار سلبية وغير منسجمة مع البنية الثقافية والاجتماعية، خصوصاً أن الأطفال في سنّ المراهقة عرضة للتأثر الاجتماعي أكثر من غيرهم.
ونشرت المجلة العلمية للجمعية الأميركية لطب الأطفال، أخيراً، دراسة حديثة، أكدت عدم وجود إحصائية دقيقة تظهر مدى انتشار إدمان الألعاب الإلكترونية عند الأطفال والمراهقين، ولكن من الممكن أن تقارب النسبة بين 1 و9%، فيما تتغير هذه النسبة بتغير العمر وعوامل أخرى، كما لا تتوافر حالياً دراسة علمية تشير إلى أسباب انتشار هذه الظاهرة أو وسائل العلاج.
وحدّد الطبيبان عمار البنا، ومشعل سلطان، وصفة مثالية لحماية الأطفال من الآثار والأمراض الناتجة عن إدمان التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي، أبرزها عدم تعريض الطفل تحت عمر السنتين نهائياً لشاشات الأجهزة الإلكترونية، إلا في حالة التواصل الاجتماعي مع الأهل، عن طريق المكالمات المصوّرة، أما الأطفال بين سنتين وخمس سنوات، فيجب ألا تزيد الفترة عن ساعة واحدة، وذلك في برامج ذات جودة عالية وهادفة، وتشمل ذلك الألعاب الإلكترونية، ومشاهدة التلفاز، والبرامج والألعاب على أجهزة النقال أو اللوحية وغيرهما، كما ينصح بأن يتابع الأهل ما يشاهده الأطفال، لضمان جودة ونوعية البرامج.