أسماء المسماري: «كورونا» أعاد إلى مهنة التمريض مكانتها الحقيقية
أسماء درويش المسماري أحد أبطال الظل، فرسان الجيش الأبيض، الذين ظلوا يعملون في صمت، إلى أن ظهر وباء «كورونا» في العالم، فكشف للجميع عن دورهم الحيوي والأساسي في التصدي للجائحة.
كما أظهر المكان الرفيع الذي حجزته بنت الإمارات في خط الدفاع الأول، لتلعب من خلاله دوراً فاعلاً في خدمة الوطن، فهي أول من يستقبل المريض بابتسامة تغرس في نفسه الأمل، وآخر من يودعه بابتسامة تنشر في داخله الطمأنينة.
تعمل أسماء مديراً بالإنابة لوحدة الطوارئ، في مدينة الشيخ خليفة الطبية. ومنذ انتشار فيروس كوفيد 19، قبلت التحدي، وصممت على قهر الظرف الاستثنائي الذي يعيشه وطنها، كما العالم، والتغلب عليه، لحماية المجتمع، على الرغم مما فرضه ذلك عليها من صعوبات متعلقة بتعريض نفسها لالتقاط العدوى، وبطول ساعات العمل، فضلاً عن اضطرارها للبقاء بعيدة عن أسرتها.
وقالت أسماء لـ«الإمارات اليوم»: «أعمل ممرضة طوارئ. وهذا يستلزم أن أكون في الخط الأول للدفاع عن المجتمع والوطن، وأن أعمل بوتيرة سريعة في الصفوف الأمامية لتقديم الرعاية اللازمة للمرضى. هذا ما دفعنا إلى وضع خطة استعداد متكاملة لمواجهة المرض، قبل ظهور أول إصابة بالفيروس في الدولة. وهو ما يستدعي أيضاً الاستمرار في مراجعة الخطط كافة، وترتيب المسؤوليات والأدوار، وعقد الاجتماعات، والدورات التدريبية المكثفة، لرفع الجاهزية إلى أعلى مستوى. ولهذا نجحنا في كسب ثقة الجميع، ونجحنا في إعادة مهنة التمريض إلى مكانتها الحقيقية».
وأضافت: «نحن مستعدون للتضحية بأنفسنا في سبيل سلامة الوطن وكل من يعيش على أرض الإمارات الغالية. أعلم منذ الصغر، وقبل التحاقي بتخصص التمريض في الجامعة، أن مهنة التمريض هي الأكثر خطورة. ومع بداية ظهور فيروس كورونا المستجد، شعرت بشيء من الخوف، ولكن عندما وصفتنا قيادتنا بأننا خط الدفاع الأول، زال من نفسي ونفس كل ممرض أو طبيب أي شعور بالخوف، وتحول الأمر إلى تحد لإثبات استحقاقنا هذا الوصف وهذه الثقة الغالية، وبتنا مُصرين على تقديم الأفضل».
وتابعت أسماء: «أعيش مع والدي ووالدتي، فأنا العائل الأساسي لهما، لكنني لم أرهما منذ أكثر من أسبوعين، بسبب خوفي عليهما في حال إصابتي بالعدوى، فهما كبيران في السن. لا أنكر أنني تأثرت ببعدي عنهما، إلا أن تفهمهما لطبيعة عملي، ومدى حاجة المرضى حالياً لمجهودنا دعمني بشكل كبير. لهذا أضع كامل طاقتي في العمل، إذ أعمل أكثر من 12 ساعة يومياً، حتى تمر هذه الفترة على خير، ويعود المجتمع، ونحن جزء منه، لممارسة الحياة بشكل طبيعي».
وذكرت أسماء أن الكادر الطبي يحرص على الالتزام بالحجر المنزلي طوال فترة وجوده خارج العمل، لضمان سلامة عائلته والمحيطين به.
وتابعت: «فخورة جداً بوصف قيادتنا لنا بأننا خط الدفاع الأول. منذ أن كنا صغاراً كنا نحلم بأن نكبر ونردّ جزءاً من جميل الوطن. وهذا الوضع، على الرغم من كل شيء، يتيح لنا الفرصة لذلك».
وحول العمل مع المرضى منذ ظهور فيروس كورونا عالمياً، أكدت إجراء الفحص المبدئي (الوقائي) لجميع المترددين على الطوارئ.
وشرحت أنها توجه لهم عدداً من الأسئلة الاحترازية. وإذا كانت إجاباتهم إيجابية، يتم تحويلهم إلى الطبيب لإجراء فحص «كورونا» لهم، وإعطاؤهم الإرشادات الطبية الخاصة بضرورة البقاء في المنزل (الحجر المنزلي)، وعدم مخالطة الآخرين، إلى أن تظهر نتيجة الفحص.
وقالت: «الإجراءات الوقائية التي نتخذها في الطوارئ تشدد على التعامل مع كل مريض على أنه حالة إيجابية، إلى أن يثبت عكس ذلك، إذ نطبق أعلى المعايير الاحترازية بناءً على الإرشادات الصادرة من دائرة الصحة في أبوظبي، كما نرتدي الزي الواقي والكمامات والقفازات».
وتابعت أسماء: «دورنا ليس طبياً فقط، بل إنساني في المقام الأول، خصوصاً أن المريض يأتي إلينا محملاً بهواجس ومخاوف كثيرة، نتيجة ما يسمعه عن مرض كورونا وانتشاره عالمياً، وعدم اكتشاف علاج له. وغالباً ما تكون المخاوف المصاحبة للمريض مرتبطة بأسرته، سواء والده ووالدته أو زوجته وأبناؤه، فنبادر بطمأنته، والحديث معه عن نسب الشفاء، وإمكان السيطرة على العوارض المرضية. ونؤكد له أننا سنكون معه على مدار الساعة، لمساعدته، وتنفيذ الخطة العلاجية التي ستحدد له إلى أن يشفى ويغادر المستشفى سليماً معافى».
وأشارت إلى أن «كورنا وباء عالمي تواجهه دول العالم كافة، والإمارات باستشرافها المستقبل أعدت الاحتياطات اللازمة قبل ظهور أول حالة إصابة في الدولة. ونحن كأطباء وممرضين جاهزون لمواجهة التحدي. ما نحتاجه هو تعاون المجتمع، والتزامه بالإجراءات الاحترازية المعلنة من وزارة الصحة ووقاية المجتمع والجهات ذات الاختصاص لوقف انتشار العدوى، وذلك عبر بقائهم في المنازل».
مهنة أساسية
أكدت أسماء المسماري أن مهنة التمريض من المهن التي لم تأخذ حقها كوظيفة فنية أساسية في المجتمع، وأنها واجهت العديد من الصعوبات والتحديات، لأنها لم تكن مقدرة اجتماعياً، بسبب جهل كثيرين بطبيعة الدور الذي يؤديه الممرض، مشيرة إلى أن «أزمة كورونا أعطت المهن الطبية المساعدة مكانتها الاجتماعية المستحقة، إذ بات الناس يعرفون أهمية الممرض، وما يقوم به من أجل شفاء المرضى».
وقالت إنها اختارت مهنة التمريض عن قناعة، فعلى الرغم من تخطيها الثانوية العامة بمجموع يؤهلها للالتحاق بكلية الطب، إلا أنها قررت الالتحاق بكلية العلوم الصحية، تخصص التمريض، في جامعة الشارقة.
وأضافت أنها تخوفت من اختيارها، في البداية، لكنها تأكدت، من خلال الدراسة والتدريب، أنه الخيار السليم.
- «الإجراءات الوقائية، التي نتخذها في الطوارئ، تشدد على التعامل مع كل مريض على أنه حالة إيجابية».
- «تفهم والديّ لطبيعة عملي، ومدى حاجة المرضى، إلينا دعمني بشكل كبير».