تراجع ملحوظ في عدد الاستشارات النفسية مقارنة بالعام الماضي
مختصون: التطعيم وعودة الحياة لطبيعتها يقودان التعافي من آثار «كورونا» النفسية
أفاد أطباء مختصون بأن المجتمع بدأ في مرحلة التعافي النفسي من التداعيات التي سببتها جائحة «كورونا»، وأرجعوا ذلك إلى نحاج حملة التطعيم الوطنية، التي شملت أغلبية المواطنين والمقيمين بالدولة، وبدء عودة الحياة إلى طبيعتها، من حيث تخفيف القيود على السفر والحركة، وشعور الجميع بالطمأنينة.
وأكد استشاري الطب النفسي، المدير الطبي لمستشفى الأمل للصحة النفسية، التابع لمؤسسة الإمارات للخدمات الصحية الدكتور محمد عبدالمقصود لـ«الإمارات اليوم»، رصد تراجع ملحوظ في عدد استشارات الصحة النفسية المتعلقة بـ«كوفيد-19»، خلال الربع الثاني من العام الجاري، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، والتي تقدمها المستشفى من خلال خدمة «تحدث لنسمعك» عبر وسائل الاتصال «المكالمات الهاتفية - البريد الإلكتروني- واتس أب»، الأمر الذي يؤكد تراجع عدد المتأثرين من تداعيات الجائحة، وبدء مرحلة التعافي للمتأثرين خلال عام 2020.
وأوضح أن المجتمع خلال الأشهر الأخيرة شهد إجراءات ومستجدات إيجابية كثيرة، خصوصاً مع بدء حملة التطعيم الوطنية ضد «كوفيد-19»، ومرور المرض على كثير من أفراد المجتمع دون أعراض مقلقة، وارتفاع نسب التعافي والشفاء، إضافة إلى العودة التدريجية للحياة الطبيعية، والخروج من المنزل دون خوف، ما أدى إلى تراجع معدلات الخوف والتوتر والقلق لدى أفراد المجتمع، وأسهم بشكل كبير في تعافيهم نفسياً من تداعيات الجائحة.
من جهته، قال أستاذ الطب النفسي في كلية الطب في جامعة رأس الخيمة استشاري الطب النفسي في مستشفى «راك»، الدكتور طلعت مطر، إن المصابين بمشكلات نفسية خلال الجائحة ينقسمون إلى قسمين، الأول يعانون الخوف التفاعلي الطبيعي، وهذه الفئة بدأت في مرحلة التعافي الكامل مع الإجراءات التي نفذتها الدولة للسيطرة على الوباء، فيما يتمثل القسم الثاني في الفئة التي تعاني الخوف المرضي، يرجع هذا النوع عادة إلى أسباب وراثية، تخص الشخص نفسه، وهذه الفئة يتطلب علاجها بعض الوقت إلا أنها أيضاً بدأت في مرحلة التعافي، متأثرة بتحسن الوضع العام للجائحة، والاستقرار الصحي في المجتمع.
ولفت إلى أن جميع أفراد المجتمع كان لديهم خوف وقلق مشروع مع بداية الجائحة، والأخبار السلبية التي كانت تسيطر على العالم بشأن الوباء، إلا أنه زاد لدى بعض الأفراد، حيث أشارت إحصاءات ودراسات عالمية إلى ارتفاع نسب الإقبال على الكحول في بعض المجتمعات، كذلك تضاعف استهلاك الأدوية المخدرة، وذلك مقارنة بعام 2019.
وأكد أن الثابت حالياً أن الآثار النفسية السلبية لجائحة «كورونا»، بدأت في مرحلة الانحسار لدى أغلبية أفراد المجتمع، تزامناً مع شعور الناس بالطمأنينة بعد الحصول على اللقاحات، كذلك عودة الحياة تدريجياً إلى ما كانت عليه قبل الجائحة.
من جانبها، ذكرت المستشارة النفسية والأسرية والزوجية، ناعمة خلفان الشامسي، أنه كما كان لجائحة «كورونا» تداعيات سلبية لدى بعض أفراد المجتمع بسبب خوف الناس على أنفسهم وأحبائهم، كانت أيضاً لها آثار إيجابية أبرزها تعزيز التلاحم الأسري بالمجتمع، حيث فرض قيود الجائحة على الأسر البقاء في المنزل لأطول فترة ممكنة، الأمر الذي عزز علاقة أفراد الأسرة ببعضهم بعضاً.
وتابعت: «ساعد التعليم عن بُعد الذي فرضته الجائحة أيضاً الأمهات على تولي مهمة مساعدة أبنائهم، وعزز التواصل بينهم، ما زاد من اللحمة الأسرية، وأثر إيجاباً على المجتمع ككل».
وأضافت: «بعد نجاح حملة التطعيم الوطنية، وتخفيف القيود على السفر، أصبح الجميع بإمكانه السفر، والذهاب إلى الشواطئ والفنادق والمنتجعات، ما يعتبر تحسناً كبيراً وملحوظاً في الصحة المجتمعية».
وأشارت إلى أن ما مر به الجميع خلال الجائحة، جعلهم يدركون قيمة وأهمية نعم الحياة التي كانوا يتمتعون بها، بعدما فقدوها لفترة خوفاً من المرض، حيث بدأت الناس تتنازل عن كماليات الحياة تدريجياً، والآن بدأوا في استعادتها.
وأكدت أن الإمارات تميزت عالمياً في إدارة الجائحة، الأمر الذي عزز الاستقرار الصحي بالدولة، ومن ثم الشعور بالأمان والاستقرار النفسي.
وأفادت الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، بأن الدولة رصدت خلال الفترة الأخيرة انخفاضاً في عدد الإصابات، تأكيداً على نجاح استراتيجية الدولة للتعامل مع متغيرات ومستجدات الأزمة حيث يتم اتخاذ الإجراءات المناسبة بناء على المعطيات، ما يعكس المرونة العالية وضرورة التعايش مع طبيعة الوضع الحالي.
وذكرت خلال الإحاطة الإعلامية الأخيرة أن عيد الأضحى الماضي كان مختلفاً عن الأعياد التي سبقته في زمن الجائحة، حيث لوحظ التكامل والتلاحم المجتمعي من خلال التفاعل، والالتزام بالإجراءات الاحترازية، ما أسهم في قضاء إجازة العيد بأمان، وكان موازياً لذلك التعاون والتنسيق مع قطاعات الدولة كافة.
ضغوط نفسية
أكد مختصون نفسيون أن الخوف من الإصابة بالمرض خلال الأشهر الأولى من جائحة «كورونا» دفع أشخاصاً إلى عزل أنفسهم في المنازل، وعدم مغادرتها منذ بداية الجائحة، كما شكّل الخوف من فقدان أشخاص لوظائفهم بسبب الجائحة، ضغوطاً نفسية كبيرة، وكان القلق والاكتئاب والوساوس أبرز الأعراض النفسية للجائحة.
• الإمارات تميزت عالمياً في إدارة الجائحة، الأمر الذي عزز الاستقرار الصحي بالدولة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news