مرضى يعالجون السرطان وأمراضاً مستعصية بالرقية والطب الشعبي.. وأطباء يحذّرون

أفاد أطباء ومختصون بأن مصابين بالسرطان وأمراض خطرة ومستعصية يلجأون إلى العلاج بالطب الشعبي والأعشاب والرقية، ولا يتجهون للعلاج بالطب، والتدخلات العلاجية العلمية المعتمدة، كما يتجهون لإعلانات مضللة، يروجها أشخاص ومراكز تمارس العلاج بالطب الشعبي، الأمر الذي فاقم حالاتهم الصحية، وأدخلهم في مراحل متقدمة من المرض، أدت ببعضهم إلى الموت.فيما أكدت اللجنة العليا للمسؤولية الطبية بالدولة أن من يعالجون السرطان والأمراض الخطرة بهذه العلاجات يقعون تحت المسؤولية القانونية.

وأكد أطباء لـ«الإمارات اليوم» أنهم استقبلوا مرضى في عياداتهم، يعانون أمراضاً خطرة في حالات متأخرة، بسبب ترددهم في التداوي بالعلاج المناسب، ولجوئهم إلى الرقية والحجامة والأعشاب، محذرين من هذه الممارسات التي لا تنفع مع كثير من الأمراض، مثل السرطان بأنواعه، والجلطات، وأمراض القلب، والضغط، وكثير من الأمراض الباطنية، حيث تتطور حالاتهم إلى الأسوأ، ويصعب علاجهم في ما بعد، نظراً لتفاقم حالاتهم، بسبب تأخرهم في اتباع العلاجات العلمية المعتمدة لهذه النوعية من الأمراض.

وتفصيلاً، أكد رئيس اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، الدكتور عبدالرزاق المدني، أن الأشخاص والمراكز التي تعالج السرطان والأمراض المستعصية بالرقية والطب البديل والشعبي، يقعون تحت المسؤولية القانونية، حيث ينبغي عليهم دفع هذه الفئة من المرضى إلى التداوي بالطب الحديث المعتمد، والفعال معها، خصوصاً أن ادعاء أن هذه النوعية من العلاجات توفر الشفاء، يعد نوعاً من الخداع والوهم.

وذكر أن اللجنة تلقت شكاوى من مرضى، تعرضوا لمضاعفات وأضرار صحية، بسبب التعامل مع أشخاص ومراكز علاجية بعد اتباعهم لإعلانات مضللة، تدعي أنها قادرة على علاج هذه النوعية من الأمراض الخطرة.

وقال رئيس جمعية الإمارات للأورام، بروفيسور الأورام في جامعة الشارقة، حميد الشامسي، إنه استقبل حالات كثيرة من مرضى السرطان في مراحل متأخرة، ثبت أنهم لجأوا إلى العلاج بالرقية الشرعية والحجامة والكي والأعشاب، وأنواع أخرى من الطب البديل والشعبي، بسبب اعتقاد بعضهم فيها، ووقع البعض الآخر ضحايا لإعلانات مضللة.

ولفت الشامسي أن من الأسباب أيضاً خوف بعض مرضى السرطان وترددهم في بدء العلاج الكيماوي، بسبب تأثيراته الصحية، مؤكداً أن أخذ المريض علاجه في بداية اكتشاف المرض يعد أهم أسباب الشفاء والتعافي منه، وكذلك يحجّم العلاج المرض في مراحله الأولى، ويمنع دخول المريض في مراحل متقدمة منه.

وشدد على ضرورة فهم المرضى لطبيعة أمراضهم، والعلاجات الأنسب لها، حيث توضع خطط علاجية مبنية على أسس علمية مثبتة، لكل مريض حسب حالته، ومدى تمكن المرض منه، ولا يمكن تجاهلها واللجوء إلى علاجات بديلة قد تضاعف مخاطر المرض.

وأضاف: «يعد عامل الوقت من أهم وأبرز أسباب تعافي المريض، ومنع انتشار المرض بشكل أكبر»، مشيراً إلى أن العلاجات البديلة المذكورة يمكن الاعتماد عليها كعلاج موازٍ وليس بديلاً، وتحت إشراف الطبيب المعالج.

من جهته، حذّر استشاري علاج الأورام، نائب رئيس جمعية الإمارات للأورام، الدكتور فلاح الخطيب، مرضى السرطان والأمراض العضوية المستعصية من اللجوء إلى أي علاج غير علمي مثبت أثره في الشفاء، مشيراً إلى أنه على مدار 36 عاماً من العمل طبيباً للأورام استقبل عشرات الحالات، التي ذهبت إلى الطب البديل والعلاج بالرقية، وإلى أشخاص ومراكز ادعوا قدرتهم على علاجهم، إلا أنهم عند عودتهم إلى العلاج العلمي يكون حلم الشفاء قد ذهب، وأصبح من الصعب أن يعود المريض إلى حالته الصحية السليمة، ومنهم من أدت بهم هذه الممارسات وتأخره في الحصول على العلاج المناسب إلى الوفاة.

وعزا الخطيب لجوء هؤلاء المرضى إلى هذه النوعية من العلاجات إلى ضعف الوعي، والإعلانات المضللة للأشخاص والمراكز التي تدعي قدرتها على علاج كل الأمراض، دون أي دراسات علمية تثبت ادعاءاتهم.

بدورها، أكدت أخصائية طب الأسرة، عضو شعبة الإمارات لطب الأسرة، الدكتورة ابتهال مكي، أن كثيراً من المرضى يوقفون علاجهم الدوائي المعتمد، ويلجأون إلى علاجات شعبية، وبعضهم يلجأ إلى الحجامة والرقية الشرعية، ظناً منهم أنها علاج بديل عن الدواء، وبعضهم راجع المستشفيات مصابين بجلطات حادة، وأمراض خطرة في أجهزة الجسم، نتجت عن العلاج الخاطئ، رغم إصابتهم بالسكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض أخرى تتطلب الالتزام بالأدوية المعتمدة، والمثبتة فاعليتها، والتي تتطلبها حالاتهم الصحية بشكل ضروري.

ولفتت إلى فئة أخرى من المرضى، اتبعت طرقاً علاجية مضللة، كالامتناع عن أكل اللحوم أو السكريات، بناءً على معلومات مضللة، تفيد بأنها توقف نمو الخلايا السرطانية، وعزوفهم عن البدء في العلاج الكيماوي، الأمر الذي زاد حالاتهم الصحية سوءاً، وفاقم مرضهم، وذهب بهم إلى مرحلة يصعب معها العلاج.

وشددت على ضرورة الالتزام بالعلاج المثبت علمياً، الذي خرج إلى النور بعد دراسات وأبحاث وتجارب علمية موثقة، ثبت فاعليتها وأثرها في شفاء هذه الأمراض.

• «العليا للمسؤولية الطبية»: المراكز التي تعالج الأمراض المستعصية بالطب البديل تقع تحت المسؤولية القانونية.

• «إفتاء دبي»: السرطان والأمراض المستعصية يحكمها الطب.. وعلاجها بالرقية نوع من الابتزاز.

الحداد: الأمراض العضوية تحتاج تشخيصاً طبياً وعلاجاً موضعياً

أفاد كبير مفتين ومدير إدارة الإفتاء في دبي، الدكتور أحمد عبدالعزيز الحداد، بأن الأمراض العضوية، لاسيما المستعصية، كالسرطان وأمراض القلب والباطنية، تحتاج تشخيصاً طبياً وعلاجاً موضعياً بما يقتضيه الطب الحديث، فمثل هذه الأمراض ينبغي التوجه فيها إلى الطب الحديث، الذي تحكمه قواعد الطب وقوانينه وضوابطه، وعليه رقابة صحية وحماية رسمية، والنفع منه متحقق غالباً إذا شاء الله تعالى، ولا ينبغي أن يُلجأ فيها إلى الاسترقاء إلا على سبيل التبرك، لأن الدعاء ينفع ما نزل بالمرء وما لم ينزل، والمزايدة بالاسترقاء في هذا النوع تُعدُّ نوعاً من الابتزاز في الغالب، وتُعدُّ كذلك تخذيلاً للناس عما ينفعهم، وعلى العاقل أن يعي ما ينفعه وما يضره، فهو على نفسه بصيرة.

وذكر الحداد أن الرقية الشرعية ثابتة بالكتاب والسنة الشريفة، ونافعة بإذن الله تعالى، وكذلك الحجامة في أوقاتها.

وأكد أن ذلك لا يعني أنه لا علاج طبي حديث أو طب عربي لها، بل يوجد الكثير من ذلك، وكثير منه يحقق نفعاً كبيراً بإذن الله تعالى، لكن لا يُنكر على الاسترقاء بما ثبت، وعند من عُرف بالنفع والصدق مع الله ومع الناس».

الأكثر مشاركة