اختلال «الساعة البيولوجية».. أزمة الطلبة مع اقتراب العام الدراسي
مع اقتراب انطلاق العام الدراسي، يواجه طلبة المدارس تحدياً كبيراً، هو إعادة ضبط ساعتهم البيولوجية حتى تتناسب مع مواقيت الدراسة.
ويواجه أغلب الطلبة هذا التحدي بعد إجازة الصيف، التي تستمر لأكثر من شهرين، لا تخضع مواعيد النوم والاستيقاظ، خلالها، لأي نوع من الضوابط.
وحثت مختصة صحة عامة، ذوي الطلبة على البدء بوضع خطة، لضبط مواعيد نوم واستيقاظ أبنائهم تدريجياً، لافتة إلى أن «إنجاز هذه المهمة يتطلب ما لا يقلّ عن أسبوعين».
وتفصيلاً، قالت استشاري الصحة العامة، الدكتورة بدرية الحرمي، إن الفهم الخطأ للإجازات المدرسية، يرتبط لدى كثير من الآباء والأمهات بإعطاء الطفل الراحة التامة حتى يستمتع بإجازته الصيفية، مثل السهر والنوم والاستيقاظ بلا ضوابط، والأكل في أوقات غير منتظمة، لكن هذه السلوكيات تؤدي إلى اختلال الساعة البيولوجية للجسم، وتؤثر سلباً في كثير من وظائفه الحيوية.
وذكرت أن حاجة جسم الإنسان إلى النوم توازي حاجته إلى الهواء والطعام، مشيرة إلى أهميته، لتمكين الجسم من العمل في أفضل حالاته.
كما أكدت أن النوم في ساعات متأخرة من الليل، أو قلة النوم، يؤثران سلباً في صحة الطالب العقلية والنفسية والجسمية، ويؤديان إلى ضعف الذاكرة وقلة التركيز وعدم القدرة على التعلم، فضلاً عن ضعف المناعة تجاه الأمراض، وزيادة الوزن، وازدياد خطر الإصابة بالأمراض المزمنة، مثل داء السكري وأمراض القلب.
وقالت، إن عدم الحصول على عدد ساعات نوم كافٍ، قد يتسبّب في حدوث اضطرابات في عمل الهرمونات، وارتفاع مستويات القلق والتوتر، وشعور الطالب بالنعاس والكسل والخمول خلال الحصص الدراسية، حيث إن الطلبة الذين لا يحصلون على نوم كافٍ أثناء الليل يكون أداؤهم الأكاديمي أقل من زملائهم الذين ينامون ساعات كافية.
وأضافت أن «الساعة البيولوجية تعمل في جسم الإنسان، للتأكد من أدائه لمهامه الوظيفية على أكمل وجه. وتعتبر المتحكم في إفراز مواد مثل هرمون النوم (الميلاتونين) خلال الليل، والهرمون المحفز على الحركة والطاقة (الكورتيزول) خلال النهار».
وشرحت أن ابتعاد الجسم عن نمط النوم المعتاد لفترة طويلة، يفقده القدرة على استعادة نمط النوم المعتاد، لافتة إلى ضرورة ضبط الساعة البيولوجية للطلبة قبل بداية العام الدراسي بوقت كافٍ.
وقالت إن المدة التي يحتاج إليها الجسم لضبط مواعيد النوم والاستيقاظ تعتمد على عوامل عدة، مثل العمر، ونمط النوم السابق، ومدى التأثر بتغييرات الجدول الزمني خلال الإجازة الصيفية.
وحددت خطوات لإعادة ضبط الساعة البيولوجية بشكل تدريجي للطلاب، والتي تتمثل في وضع ضوابط للسهر، وتحديد مواعيد ثابتة للنوم والاستيقاظ حتى خلال عطلة نهاية الأسبوع، والتقليل من النوم نهاراً قبل أيام من بداية العام الدراسي، ليتمكن الطالب من النوم ليلاً بسهولة، ومساعدة الأبناء على الاستعداد لفترات النوم، ففي كل ليلة ينبغي أن ينام مبكراً أكثر من اليوم السابق، وفي كل صباح يستيقظ أبكر من اليوم السابق أيضاً.
وقالت: «بهذه الطريقة يتمكن الطالب من الاعتياد على النوم المبكر في الموعد المحدد».
وأكدت ضرورة جدولة استخدام الأجهزة الإلكترونية، والتخفيف منها، كونها تؤدي إلى السهر وقلة النوم، لأن الضوء المنبعث من شاشاتها يمكن أن يعيق إفراز هرمون الميلاتونين الذي يساعد على النوم الجيد.
وحثت ذوي الطالب على تهيئة بيئة نوم هادئة، مع الحرص على أن تكون غرفة النوم مظلمة، وذات درجة حرارة مناسبة للمساعدة على النوم بشكل أفضل.
كما يجب تجنب اللعب والترفيه خلال ساعات الليل المتأخرة، والحرص على ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم خلال النهار، لأنها تساعد الطالب في الاسترخاء ليلاً.
ونصحت بالاستحمام الدافئ والقراءة قبل النوم، والاهتمام بالتغذية الجيدة، وتنظيم مواعيد تناول وجبات الطعام، خصوصاً الإفطار، والتقليل من المشروبات التي تحتوي على المنبهات مثل الشاي والقهوة، أو مشروبات الطاقة، واستشارة الطبيب في حال عانى الطالب اضطرابات في النوم على الرغم من كل محاولات إعادة ضبط الساعة البيولوجية.
النوم ليلاً أكثر فائدة
أكد أخصائي التوعية الصحية، الدكتور أسامة كامل اللالا، أن السهر، وعدم انتظام ساعات النوم، يؤثران سلباً في قدرات الطالب العقلية وصحته النفسية، فضلاً عن ضعف مناعته تجاه الأمراض.
ولفت إلى وجود دراسات بحثية تؤكد أن نسبة كبيرة من الطلاب يضعف تركيزهم واستيعابهم خلال أسبوعين على الأقل من بدء العام الدراسي، نتيجة اختلال مواعيد النوم والاستيقاظ أثناء الإجازة الصيفية. وأكد أن من ينامون عدد ساعات يراوح بين 8 و10 ساعات يومياً يكون تركيزهم وأداؤهم الدراسي أفضل بكثير ممن ينامون أوقاتاً أقل، مشيراً إلى أن «النوم ليلاً أكثر فائدة للصحة العقلية والبدنية من النوم نهاراً».