ترى أن المرأة مؤهّلة أكثر لسرد الحكايات الشعبية

غاية الظاهري ذاكرة تروي تراث الإمارات

الظاهري: رواية التاريخ في الإمارات ارتبطت بالمرأة منذ زمن طويل. تصوير: جوزيف كابيلان

لا ترى غاية خلفان الظاهري في عملها راويةً للتراث والحكايات الشعبية ما يمثّل خرقاً للمألوف، مؤكدة أن رواية التاريخ في الإمارات، ارتبطت بالمرأة منذ زمن طويل، بينما لم تعرف المنطقة الصورة التقليدية للراوي الرجل الذي يجلس في صدارة المجلس أو المقهى الشعبي ممسكاً بآلة موسيقية تقليدية، ومتغنياً ببطولات أبوزيد الهلالي والزناتي خليفة وسيف بن ذي يزن، وغيرهم من أبطال العرب.

توضح الظاهري، لـ«الإمارات اليوم»، أن «مهنة الراوية في الإمارات اكتسبت منذ بداياتها طابعاً نسائياً، وقليلاً ما كان للرجل حضور واضح فيها، ذلك أن الراوية أو (الحداة) كانت هي وسيلة التسلية قبل ظهور التلفزيون، وفي تلك الفترة كانت الأسرة الممتدة هي النمط الاجتماعي السائد في الإمارات، إذ تجتمع أكثر من أسرة في بيت واحد كبير، وفي الأمسيات تجتمع الأسر حول الجدة أو إحدى النساء كبيرات السن في الحارة، لتستمع إلى حكاياتها الشيّقة.

وتلفت إلى أنه نادراً ما كان هناك حيّ يخلو من راوية، «بل في بعض الأحيان كان (الفريج) يضم أكثر من راوية، وفقاً لمساحته وعدد السكان فيه». وتضيف «لا أذكر أنني رأيت خلال طفولتي ونشأتي راوياً رجلاً، وقد تكون هناك حالات، ولكنها نادرة. فالمرأة بشكل عام تهتم بالتفاصيل، وتمتلك خيالاً واسعاً خصباً، كما أنها أكثر التصاقاً بالموروث الشعبي وطقوس الحياة الاجتماعية كالزواج والخطبة والإنجاب والنذور وغيرها، إضافة إلى اعتيادها قصّ الحكايات لأبنائها وأحفادها، كل هذه الأمور أدت إلى ارتباط مهنة الراوية بالمرأة في المجتمع الإماراتي».

وتذكر الظاهري، التي لم تقتصر رواياتها القصص والحكايات الشعبية على اللغة العربية فقط، بل تروي حكاياتها باللغة الإنجليزية أيضاً، أن ثمّة مواصفات لابد من توافرها في الراوية، أهمها الأمانة في نقل المعلومة والحضور الاجتماعي والشخصية القوية التي تستطيع اجتذاب انتباه الناس وإقناعهم بما ترويه من حكايات، والقدرة على الحفظ، إلى جانب امتلاك الخيال الخصب، والإلمام بالثقافات الأخرى، موضحة أن الراوي هو بمثابة فريق عمل متكامل، فهو المعد وكاتب السيناريو والمخرج لكل ما يقدّمه، وهذا ما يجعل عمله صعباً على الرغم من اعتقاد البعض سهولته.

وذكرت الظاهري أنها قامت بتقديم حكاياتها في إنجلترا وألمانيا خلال فترة إقامتها هناك، حين كانت ترافق زوجها أثناء دراسته، كما صوّرت 24 حلقة لقناة «بي.بي.سي» البريطانية.

عن حكاياتها؛ تؤكد الظاهري أنها تمزج بين الماضي والحاضر في الحكايات التي ترويها، فهي تلجأ إلى تضمين القصص القديمة أحداثاً معاصرة، وتقول: «يلعب الراوي دوراً مهماً في إحياء التراث ونفض الغبار عنه، فالحكاية بالنسبة له مثل النبتة الصغيرة التي يتعهّدها بالرعاية، ولكن يظل تدخّله فيها محدوداً، بما يكفل الأمانة وتحقيق الإفادة»، مشيرة إلى أن «هناك قصصاً شعبية ارتبطت بمجتمع الإمارات وتتمتع بشهرة واسعة مثل حكاية (صقر أبوالشامات) التي تتحدث عن الشجاعة و(الفزعة) ونجدة الناس، وحكاية (الرجل الحكيم)».

وتتابع «هناك أيضاً حكايات أخرى تلعب المرأة بطولتها مثل (عليا والفارس)، و(زليخة والصياد)، و(صانعة القهوة)، و(إخوان شما)». معتبرة أن نشأتها في مدينة العين الثرية بالتراث، وعملها باحثة وثائق في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث تهتم بالدقة وتسعى خلف توثيق المعلومة، وتخصّصها بالبحث في المفردات المحلية، إلى جانب قراءاتها المتعددة والغزيرة، كلها شكّلت روافد مهمة لعملها راويةً وتميّزها فيه.

تجد الظاهري أن الحكاية الشعبية لاتزال تمتلك البريق الكافي لجذب الجمهور، وهو ما يعكسه الإقبال الكبير على الفعاليات التي تقام لها، ومن أبرزها مشاركتها في معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الماضية، وتقول: «لا يمكن أن نتّهم الشباب بالابتعاد عن الموروث الشعبي، فالشباب يمثّل جزءاً كبيراً من جمهوري، كما تتم استضافتي من قبل العديد من الجامعات والمدارس، وخلال هذه اللقاءات أحرص على تدوين ملاحظات الجمهور وتساؤلاته للاستفادة منها».

تويتر