«العدل» تدرس زيادة نسبة الحضور بالمحاكم.. وقانون جديد لمزاولة المهنة
قانونيون يحذّرون من تداعيات «الكـفيل النائم» على مهنة المحاماة
حذّر قانونيون من انتشار ما يعرف بـ«الكفيل النائم» في مهنة المحاماة، إذ يمنح بعض المحامين المواطنين حق استغلال رخص مكاتبهم القانونية لمحامين غير مواطنين، بهدف الانتفاع المالي، مطالبين بوضع ضوابط للإشراف السلوكي على مكاتب المحاماة، للتأكد من ممارسة أصحابها المهنة بأنفسهم.
وكشفت وزارة العدل أنها انتهت من إعداد قانون جديد لمزاولة المهنة، قالت إنه «سيضع ضوابط رقابية تحد من ظاهرة (الكفيل النائم)».
وأضافت أنها «تدرس زيادة النسبة الإلزامية في حضور جلسات المحاكم للمحامين المواطنين ليتجاوز كشف حضور جلسات المحاكم نسبة الـ25٪ المطبقة حالياً، للتأكد من أنهم يزاولون المهنة بأنفسهم».
ويشترط قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 23 لسنة 1991 على المحامي غير المواطن، أن يزاول المهنة من خلال مكتب أحد المحامين المواطنين المقيدين في جدول المشتغلين، أي في المكتب ذاته، ولا يجوز لمحام مواطن أن يقيد محامياً غير مواطن من خلال مكتبه، ليستقل بعمله في مكتب خاص.
كما أنه يتطلب من المحامي الذي يطرأ عليه سبب مانع من ممارسة المهنة أن يطلب إلى لجنة قبول المحامين خلال 30 يوماً نقل اسمه إلى جدول المحامين غير المشتغلين، وإلا تعرض للمساءلة التأديبية، وله عند زوال هذا المانع طلب إعادة قيد اسمه في جدول المحامين المشتغلين، وبالتالي يتوجب عليه إخطار الوزارة مباشرة، وتقديم طلب نقل قيده إلى جدول المحامين غير المشتغلين. كما يجوز للمحامي فتح مكتب آخر في أي إمارة من إمارات الدولة بشرط تعيين محام مواطن في المكتب الجديد.
تعديل تشريعي قال المحامي إبراهيم الملا إن مهنة المحاماة في الدولة تحتاج إلى إجراء تعديل تشريعي على قانون مزاولة المهنة لسد القصور في الضوابط التي تحكم عملها، إضافة إلى توفير الآليات لتنفيذ هذا القانون بصورة عملية. وأضاف أن الضوابط الموجودة حالياً بشأن متابعة عمل المحامين غير كافية، ومن المهم أن تكون هناك جهة أخرى تشارك وزارة العدل في الإشراف السلوكي على ممارسي المهنة، «لأن دور وزارة العدل يكاد يقتصر على قبول وقيد المحامين وتلقي الشكاوى بشأنهم»، مقترحاً تشكيل لجنة فرعية منبثقة عن لجنة قيد المحامين في وزارة العدل، يناط بها الإشراف على المهنة. |
تجارة رائجة
وأكد محامون لـ«الإمارات اليوم» انتشار ظاهرة (الكفيل النائم) في أوساط المشتغلين بمهنة المحاماة عبر شراكات وهمية تهدف إلى التحايل على القوانين المنظمة، إذ يشتري محامون غير مواطنين حق استغلال رخص مزاولة المهنة من محامين مواطنين مقابل مبالغ مالية سنوياً.
وقالت محامية، تحفظت على ذكر اسمها، إن مندوباً غير مواطن يعمل لدى أحد مكاتب المحاماة استوقفها ذات مرة عارضاً عليها «شراكة وهمية» عبر استغلال رخصتها المهنية مقابل 50 ألف درهم سنوياً، على سند أن القانون يسمح للمحامي المواطن بفتح أكثر من مكتب، شريطة أن يكون في إمارة أخرى».
وأضافت أن هذا النوع من الشراكات الوهمية انتشر خلال الفترة الأخيرة، بسبب غياب الرقابة والضوابط، بما يستدعي تشديد الرقابة على المكاتب المخالفة وإغلاق رخص مزاولة المهنة لمن يثبت تورطه من أصحابها، وذلك للحفاظ على كيان المهنة وسمعتها ومكانتها.
وأكد المحامي الدكتور إبراهيم الملا أن المحاماة، بحسب قانون مزاولتها، مهنة حرة، تؤدي خدمة عامة، وتشارك السلطة القضائية في تحقيق رسالة العدالة، وتأكيد سيادة القانون وكفالة حق الدفاع عن الحقوق والحريات.
وتابع: «استناداً إلى هذا التعريف، فإن المشرع وضع المهنة ضمن المنظومة العدلية التي تشمل القضاء والنيابة، إضافة إلى المحاماة، نظراً لأهميتها في المجتمع».
غياب الضمان
وقال الملا مسلطاً الضوء على الأسباب التي أدت إلى انتشار ما يعرف بـ«الكفيل النائم» في مهنة المحاماة، إن من مسببات هذه الظاهرة عدم وجود مظلة ضمان اجتماعي للمحامين، وهو ما يدفع البعض إلى استثمار رخصة مزاولة المهنة للاستفادة من العائد المالي، مقترحاً إنشاء صندوق ضمان اجتماعي للمحامين يكون سنداً ودعماً للمحامين وأسرهم في حال مرضهم أو وفاتهم، لاسيما أن أعداد المحامين في ازدياد مطرد. كما أكد أهمية تكثيف التدريب بالنسبة للمحامين الجدد في ساحات المحاكم، لتمكينهم من ممارسة المهنة وعدم هجرتها إلى مجالات أخرى، ومن ثم غلق الباب أمام استغلال رخص مكاتبهم في مرحلة لاحقة، محذراً من أن انتشار ظاهرة الكفيل النائم في مهنة المحاماة يسهم في ضعفها والتأثير في دورها في تحقيق أهداف العدالة.
التستر التجاري
ولفت المحامي عبدالحميد الكميتي إلى الدور المؤثر الذي تلعبه مهنة المحاماة في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، إذ تعد من المهن السيادية في كثير من الدول، ويقصر نطاق ممارستها على مواطنيها فقط، مؤكداً أهمية أن تدار هذه المهنة بأيادي مهنيين وطنيين يتمتعون بثقافة قانونية واقتصادية عالية حتى يتمكنوا من أداء رسالتهم على الوجه الذي يرتقي بمهنة المحاماة وتحقيق أهدافها في خدمة المجتمع وأفراده.
وطالب بإدراج مهنة المحاماة في الدولة تحت مظلة قانون التستر التجاري المزمع تطبيقه من قبل وزارة الاقتصاد نهاية العام الجاري، للقضاء على ما يسمى بـ«الكفيل النائم» في أوساط هذه المهنة، وما أدى إليه من انتشار مكاتب محاماة تعمل بصورة غير نظامية، مشيراً إلى أن قلة من المحامين أولوا إدارة شؤون مكاتبهم لآخرين غير مواطنين في إطار شراكات وهمية، وهجروا مهنتهم، وتغيبوا عن تحمل مسؤولياتهم التي يفرضها عليهم الواجب الوطني والمهني وقصروا وجودهم في المحاكم على أسمائهم فقط، بينما تدار مكاتبهم فعلياً عن طريق محامين آخرين.
ولفت إلى أهمية أن يشمل قانون ممارسة المحاماة الجديد الآليات والوسائل الكفيلة للقضاء على ظاهرة «الكفيل النائم» في مهنة المحاماة، وتحديد العقوبات المناسبة بشأنها، لافتاً إلى أن الشريحة الكبرى من المحامين المواطنين ترفض وجود مثل هذه الممارسات، ليس في مهنة المحاماة وحدها، بل في جميع القطاعات.
إجراءات العدل
وأكدت مديرة إدارة شؤون المحامين والمترجمين في وزارة العدل المستشارة جميلة النيادي أهمية التزام المحامين المواطنين بمباشرة أعمال مكاتبهم، ومتابعة قضايا الموكلين بأنفسهم، سواء في مراكز الشرطة أوالنيابات أو المحاكم، انطلاقاً من المسؤولية المهنية والوطنية التي تحتم عليهم ممارسة المهنة من خلال مكاتبهم القانونية التي تحمل أسماءهم، مشيرة إلى أن دخول قلة من المحامين المرخصين في شراكات وهمية مع محامين غير مواطنين بهدف تمكينهم من ممارسة النشاط، يعد من الأمور التي تخالف القواعد التنظيمية لقانون ممارسة مهنة المحاماة، والذي يلزم كل محام مواطن مرخص بأن يباشر بنفسه عمل مكتبه بموجب الرخصة التي منحت له.
وأوضحت أن الوزارة تتبع آليات رقابية على عمل المحامين المواطنين، للتأكد من ممارستهم المهنية في مكاتبهم بأنفسهم، وليس عن طريق وكلاء أو شركاء آخرين، إذ تلزم كل محام عند تجديد رخصته بإحضار كشف حضور 25٪ من جلسات المحاكم، مضيفة أن هذا الإجراء قد لا يكون كافياً بصورة كاملة للقضاء بشكل كامل على الشراكات الوهمية في مهنة المحاماة، ولذلك تدرس الوزارة حالياً زيادة النسبة الإلزامية في حضور جلسات المحاكم.
وفي تقديرها، فإن إجراء تفتيش مفاجئ على مكاتب المحامين المواطنين للتأكد من قيامهم بمتابعة شؤون مكاتبهم بأنفسهم، أمر غير قابل للتنفيذ حالياً من خلال نصوص القانون الحالي، إذ لا يجوز تفتيش مكتب المحامي لأمر يتعلق بمهنته إلا بأذن النيابة العامة.
وأكدت النيادي أن قانون تنظيم مهنة المحاماة رقم 23 لسنة 1991 يمثل مرجعية أساسية لعمل المحامين وينظم عملهم، ويستند إلى نصوصه لمتابعة عمل المحامين ومعاقبتهم، عملاً بالقانون في حالات المخالفة، مشيرة إلى أن إدارة شؤون المحامين انتهت من إعداد دراسة لتعديلات قانون مهنة المحاماة، ومن المتوقع أن تسهم التعديلات الجديدة على القانون في سد الثغرات الموجودة في القانون الحالي.
وأشارت إلى أن إدارة شؤون المحامين والمترجمين في وزارة العدل تفتح أبوابها أمام كل شخص لتقديم شكواه ضد أي محام مقصر أو مخالف لقواعد وأصول ممارسة المهنة، وتتخذ في شأنها الإجراءات القانونية، وإن استدعى الأمر إحالتها إلى النيابة العامة.
ميثاق شرف
أما المحامي يوسف الشريف فيرى أن الضوابط الموضوعة بشأن إلزامية حضور المحامين في المحاكم روتينية وغير كافية، سواء كانت 25٪ أو أكثر من ذلك، مطالباً بضوابط أخلاقية ومواثيق شرف تشدد على المحامين ممارسة المهنة بأنفسهم في المكاتب المرخصة بأسمائهم.
ولا يتفق مع الرأي في تطبيق قانون التستر التجاري على المحامين، إذ «يجب أن تخضع لقانون مزاولة مهنة المحاماة»، مضيفاً أن «تطوير آليات رقابية سيكون له أثر إيجابي في القضاء على هذه الظاهرة».
وأكد أهمية تدريب المحامين المواطنين الجدد لعدم هجرتهم المهنة، وتوعيتهم بأن قيمة المحامي تتجسد في حضوره أروقة المحاكم بنفسه، ومن ثم تراكم خبرته في الممارسة العملية في الدوائر القضائية المختلفة.
يذكر أن وزارة الاقتصاد كشفت في وقت سابق عن أن القانون الاتحادي لمكافحة التستر التجاري سيدخل حيز التنفيذ قبل نهاية العام الجاري، وفي حال بدء العمل به، ستفرض عقوبات صارمة على المواطنين والمقيمين الذين يقيمون مشروعات تجارية وصناعية بشراكة وهمية، وهو ما يعرف بـ«الكفيل النائم».
ويعرف التستر بحسب القانون الاتحادي رقم (17) لسنة ،2004 بأنه تمكين الأجنبي ـ سواء كان شخصاً طبيعياً أو معنوياً ـ من ممارسة أي نشاط اقتصادي أو مهني لا تسمح القوانين والقرارات النافذة في الدولة له بممارسته، سواء لحسابه أو بالاشتراك مع الغير، أو تمكينه من التهرب من الالتزامات المترتبة عليه.
أما المتستر فهو كل شخص طبيعي أو معنوي يمكّن الأجنبي ـ سواء كان شخصاً طبيعياً أو معنوياً ـ من ممارسة أي نشاط اقتصادي أو مهني محظور عليه ممارسته داخل الدولة.
والمتستر عليه هو كل أجنبي ـ سواء كان شخصاً طبيعياً أو معنوياً ـ يمارس أي نشاط اقتصادي أو مهني محظور عليه ممارسته داخل الدولة بمساعدة المتستر.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news