تجدد انقطاع الكهرباء.. واكتظاظ في المراكز التجارية.. و«الهيئة» تدعو المستهلكـــين إلى «الترشيد»
الشارقة تنام على العتمة والحرارة.. و«الطوارئ» لا يجيب
تجددت أمس ومساء أول من أمس ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي عن مناطق عدة في الشارقة، بعد مرور نحو شهرين على الانقطاع الأخير. فقد شهدت مناطق سكنية وصناعية عدة في الشارقة خلال اليومين الماضيين انقطاعات متكررة ومستمرة لمدد راوحت بين ساعتين و48 ساعة، مخلّفة معاناة وصفها مواطنون ومقيمون في المدينة بأنها «شديدة ولا تحتمل» الى جانب خسارة مالية قدّرها البعض بملايين من الدراهم، نتيجة إغلاق مئات المحال والورش والمصانع أبوابها، فضلاً عن تعطل طال الاتصالات الهاتفية وإشارات المرور ومحطات البترول.
واكتظت المراكز التجارية بالهاربين من حر منازلهم، وازدحمت الفنادق بنزلاء، فيما نام عشرات من الأشخاص على الأرصفة والجزر الوسطية وكورنيش بحيرة خالد هرباً من الحر والرطوبة.
وعزا مسؤول في هيئة كهرباء ومياه الشارقة، طلب عدم نشر اسمه، الانقطاع في الكهرباء إلى «زيادة كبيرة في الاحمال على المولدات، اضطرت الهيئة الى قطع الكهرباء عن بعض المناطق حماية للمولدات من الانفجار». داعيا المستهلكين الى «تقاسم المسؤولية مع الهيئة، من خلال ترشيد الاستهلاك ما أمكن، خصوصا خلال فصل الصيف الذي يشهد زيادة كبيرة في الاستهلاك تفوق قدرة المولدات».
وتفصيلاً، طالب متصلون بـ«الإمارات اليوم» الهيئة بالرد على استفساراتهم وعدم تجاهل اتصالاتهم بأرقام الطوارئ، وبالإعلان بشفافية عن مواعيد الانقطاع لاتخاذ الإجراءات الاحترازية، فيما طالب اخرون بلدية الشارقة بتكثيف الرقابة على البقالات الصغيرة، التي تبيع منتجات الألبان بأنواعها والأغذية القابلة للتلف، للتأكد من عدم بيعها للمستهلكين في حال انقطاع الكهرباء.
وقال راتب شعبان الذي يسكن مع اسرته في احدى المناطق الصناعية الـ،16 إن التيار الكهربائي انقطع عن منزله منذ صباح الاثنين الماضي ولايزال مقطوعاً، ما تسبب في تشتيت اسرته التي لم تقوَ على البقاء في المنزل من دون تكييف هواء، موضحاً أن زوجته وابناءه لجأوا الى منزل قريب له في عجمان، فيما اضطر هو إلى الإقامة في منزل صديق له في دبي، وذلك بعدما امضى مع اسرته ساعات طويلة في احد المراكز التجارية من دون ان تعود الكهرباء. ولفت إلى أنه اضطر ايضا إلى التخلص من جميع محتويات الثلاجة بعدما تعرضت للتلف تماماً.
ولم يقتصر الانقطاع على المناطق الصناعية بل تعداه الى السكنية، وافاد سكان في الشارقة بأن الكهرباء انقطعت عن بنايات في شارعي جمال عبدالناصر والوحدة الحيويين، إلى جانب مناطق الخان والتعاون والشهباء والمجرة والبوطينة والبحيرة ومويلح والممزر، وغيرها، تعرضت لانقطاعات متكررة لمدد راوحت بين ساعتين وثماني ساعات.
وأشاروا الى أنهم حاولوا الاتصال مراراً على رقم الطوارئ (991) والأرقام الثابتة لهيئة الكهرباء ومنها: 5651010 و5655353 و 5422511 و5288888 لكن لم يجب أحد.
وأفادت سارة احمد أن شقيقها علق في مصعد البناية المؤلفة من من نحو 40 طابقاً لمدة 45 دقيقة، وخرج منه في غاية الإجهاد، مشيرة الى أن المصعد تم تشغيله بوساطة مولد كهربائي يعمل لفترات متقطعة، بعدما انقطعت الكهرباء من الساعة الثالثة فجر أمس، وقالت إنها واسرتها حجزت في شقتها في الطابق 37 ولم تتمكن من النزول. مشيرة إلى أنها اتصلت بستة فنادق في الشارقة وفندقين في عجمان، لكنها فوجئت بأنها ممتلئة جميعها، بسبب لجوء المئات لها هرباً من منازلهم.
ولفتت الى أن احد العاملين في الهيئة اخبرها بأن الكهرباء لن تعود قبل عصر اليوم (أمس).
وقال ابوسالم الذي يملك محلاً لمواد البناء في المنطقة الصناعية الأولى، إنه يخسر يومياً آلاف الدراهم بسبب انقطاع الكهرباء، مشيراً الى أن محاولته الاستعانة بمولد كهربائي باءت بالفشل، إذ لم يحتمل الضغط فتعطل. مطالباً هيئة كهرباء ومياه الشارقة بإيلاء معاناة سكان المناطق الصناعية والعاملين فيها الجدية اللازمة، وتابع «بأي حق تقطع عنا الكهرباء ونحن نلتزم بالدفع شهرياً من دون تأخير؟ ومن سيعوضنا عن خسارتنا في حال استمر الانقطاع لفترات طويلة؟».
وحذرت المواطنة ام عمر التي تسكن مع اسرتها في منطقة البوطينة من تأثير انقطاع الكهرباء في سلامة الأغذية في البقالات، وقالت انها اشترت علبة روب «زبادي» من بقالة مجاورة، لتفاجأ برائحتها العفنة، ولدى اعادتها إلى البقالة اعترف البائع أنه اعاد تشغيل الثلاجة لتبريد المحتويات بعد انقطاع الكهرباء لساعات، ما ادى الى تلف الألبان والأجبان فيها، وقالت إن بمقدور الكبار أن يميزوا بين الألبان التالفة من غيرها، ولكن هذا الأمر يتعذر على الأطفال الذين يستهلكون «الآيس كريم» بشكل كبير خلال الصيف.
وانتقدت تعمد انقطاع الكهرباء في الصباح (30:7 صباحا) وتساءلت «أين نذهب في هذا الوقت؟ لاسيما ان المراكز التجارية لم تكن قد فتحت ابوابها»، مشيرة إلى أن الأطفال يستيقظون متأخرين في ايام العطلة المدرسية، لكن الحر والرطوبة جعلاهم يستيقظون مبكراً.
مطالبة «الهيئة» بالشفافية والصراحة وتوضيح اسباب الانقطاع ومواعيد عودة التيار الكهربائي وعدم تجاهل معاناتهم واتصالاتهم.
وأضافت أنها واجهت مشكلة كبيرة مع أبنائها، واضطرت الى شراء الماء البارد ووضعه في حوض الحمام وتغطيس اطفالها به لتخفيف الحر عنهم، مشيرة إلى أنها حاولت البحث عن فندق قريب من منطقة سكنها كونها لا تملك سيارة، لكنها فوجئت بأن الفنادق نفسها بلا كهرباء.
وافاد الساكن مراد احمد بأن انقطاع الكهرباء تسبب في تعطل الاتصالات الهاتفية والإنترنت، بعدما تعطل عمل محطات التقوية، كما توقفت بعض الإشارات المرورية عن العمل، وكذلك محطات البترول.
وأضاف مراد الذي يملك ورشة لصيانة السيارات أنه حاول شراء مولد كهربائي لتوفير الكهرباء لورشته وفوجئ بأن الأمر يتطلب موافقات جهات رسمية عدة بينها الدفاع المدني ولجنة التفتيش الطارئ في الإمارة ودفع رسوم، وخلافاً لذلك يتعرض كل من يشغّل مولد من دون ترخيص إلى غرامة تصل الى 10 الاف درهم.
وقدر مالك مصنع، طلب عدم الاشارة الى اسمه، خسارة الشركات في المناطق الصناعية بعشرات الملايين من الدراهم، لافتاً الى وجود مساحات شاسعة من المدينة تكتظ بآلاف المنشآت التجارية والصناعية.
وأشار مواطن، طلب عدم الإشارة الى اسمه، إلى غياب العدالة في اختيار المناطق التي يشملها القطع، لافتاً الى أن بعض الأبنية التي تعود ملكيتها إلى اشخاص معينين لم تنقطع عنها الكهرباء، فيما انقطعت عن كل الأبنية المجاورة.
من جانبه، أفاد مسؤول في هيئة كهرباء ومياه الشارقة، بأن لدى الهيئة مؤشراً رقميا للاستهلاك في المناطق، وتضطر الى قطع التيار في حال وصل الاستهلاك الى الحدود القصوى. ورأى أن بإمكان المستهلكين الإسهام في حل هذه المشكلة من خلال ترشيد الاستهلاك، عن طريق اطفاء جهاز التكييف ولو لمدة نصف ساعة في اليوم، كما دعا الى استبدال المصابيح الصفراء بالبيضاء ذات الاستهلاك الاقل، وإلى توعية الاسر أبناءها بضرورة اطفاء الانوار غير الضرورية وكذلك الاجهزة غير المستخدمة حفاظا على الطاقة من الهدر.
وأكد أنه لا يمكنه التنبؤ بالمدة التي تستغرقها الانقطاعات، لأن الامر مرهون بحجم الضغط على المولدات، لكنه شدد على وجود خطة تطويرية شاملة من شأنها حل المشكلة جذريا، تعمل الهيئة على تنفيذها حاليا، منوها بجهود المئات من الفنيين الذين ينتشرون في المدينة ويعملون في الحر لحل المشكلات الفنية الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة.
وردا على مطالبة مستهلكين بوضع جدول يبين تواريخ الانقطاعات قال المصدر إنه من المتعذر وضع مثل هذا الجدول لأنه لا يوجد قرار مسبق بالقطع، وفي حال تم تجاوز المشكلات الفنية الناجمة عن زيادة الاحمال لن يكون هناك أي انقطاع. نافيا في الوقت نفسه ما يتردد من أن نقص مادة الديزل وراء الانقطاع في التيار الكهربائي، وقال: لو كان هذا صحيحا لما تمكنا من تشغيل المولدات اصلا.
وحول عدم الرد على هواتف الطوارئ قال المصدر إن السبب عائد لكثرة ضغط المكالمات التي تنهال باعداد كبيرة لا يقوى الموظفون على الاجابة عنها جميعها. داعيا المستهلكين الى تفهم أن الشارقة توسعت بشكل كبير في وقت قياسي ما خلف ضغطا على البنية التحتية ومنها الكهرباء.
يشار الى أن الشارقة تشهد للعام الثاني على التوالي انقطاعات متكررة للكهرباء خلال أشهر الصيف، ولا تقدم الهيئة المزودة أي تبرير أو تفسير لأسباب الانقطاع، الأمر الذي دعا مواطنين ومقيـمين الى مـطالبتها بوضـع جدول يبين مناطق الانقطاع وأوقاته لاتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة.
وتشهد الدولة منذ بداية الشهر الجاري موجات حر متتالية تجاوزت درجات الحرارة خلالها أواسط الأربعينات، فيما وصلت نسبة الرطوبة الى اكثر من 90٪.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news