عبدالله يدعو الأصحاء إلى الاقتداء به
يرفض الطالب الكفيف في كلية دبي للطلاب، عبدالله بن ظاهر، اعتبار أكفاء البصر معاقين، مؤكداً إمكانية تفوقهم وتميزهم على بعض الأصحاء، مشيراً إلى أن فقدان البصر لا يمكن أن يكون سبباً في التراجع، أو يقف حائلاً أمام تحقيق النجاح على الأصعدة كافة، إذ استكمل مسيرة تفوقه الدراسي بتحقيق تقدير عام امتياز في السنة الجامعية الأولى، مؤكداً عزمه على الوصول إلى أعلى درجات التميز في مجال تقنية المعلومات، ومطالباً الأصحاء بالاقتداء به.
وتفصيلاً، قال عبدالله إنه ولد في أسرة مواطنة بين أربع بنات سليمات وأخ أكبر كفيف البصر، حرص منذ صغره على إثبات وجوده بين الأصحاء، وحجز مكان له على قمة هرم المتميزين، على الرغم من فقدانه نعمة البصر التي يتمتع بها الآخرون، إذ تصدر قائمة المتفوقين دراسياً منذ الصف الأول الابتدائي وحتى عامه الأول في كلية دبي للطلاب، ولم يقل مجموعه الكلي في اي سنة دراسية عن 90٪.
وتابع: بعد انتهاء المرحلة الثانوية، حرصت على اختيار تخصص لم يخضه الكثير من أكفاء البصر من قبلي، فالتحقت بدراسة تقنية المعلومات، لحبي الشديد لهذا المجال، وعلى الرغم من رغبتي في دراسة علم البرمجيات، فإنني سأضطر إلى دراسة الشبكات، كونها التخصص المتاح في الكلية للعام المقبل، موضحاً أنه اختار تخصصاً صعباً لإثبات أن كفيف البصر يستطيع أن يفعل ما يعجز عنه كثيرون، بكفاءة ودقة عاليتين.
وأكمل أنه يتعامل مع الأجهزة الإلكترونية كافة التي يستخدمها الأصحاء، كالحاسب الآلي، والموبايل وغيرها من وسائل التقنية الحديثة، إلا أنه يستخدم معها قارئاً للشاشة دليلاً له يبين كيفية الاستخدام وكذا الحال في مذاكرته وامتحانه، الذي يؤديه في اللجنة نفسها مع زملائه مع وجود قارئ للورقة الامتحانية، وسماعات إلكترونية تساعده على الإجابة.
واستدرك عبدالله قائلاً «من المعروف وفقاً لحديث شريف أن القلم رفع عن ثلاثة، المجنون حتى يفيق، والصبي حتى يحتلم، والنائم حتى يستيقظ، ولم يذكر دونهم أحد، الأمر الذي يفرض على أكفاء البصر القيام بدورهم في الحياة مثلهم مثل أي شخص آخر، كونهم ليسوا ضمن هذه الفئات، مشيراً إلى أن الله وزع نعمه على خلقه، فبينما أخذ نعمة البصر من بعض الأشخاص، فإنه أبدلهم عنها نعماً كثيرة، سواء قدرات عقلية فائقة، أو قدرات خاصة لا يتمتع بها الآخرون من الأصحاء، متيقناً بعدل الله في خلقه.
وفي الوقت الذي يرفض فيه عبدالله وصف كفيف البصر بالمعاق، يؤكد أهمية وصفهم بذوي الاحتياجات الخاصة، كون الإعاقة تعني العجز، الأمر الذي يثبت عكسه كثير ممن فقدوا نعمة البصر، بأدائهم الذي فاق قدرات من يملكون السمع والأبصار.
ويرسل عبدالله رسالة إلى كل من أنعم الله عليه بنعمة البصر، بأن يدرك قيمتها وعظمتها، وأن يحافظ عليها باستغلالها في الخيرات، والبعد عن المحرمات، مؤكداً أنه إذا حرم منها شخص فإنه سيبدأ حياة جديدة تماماً غير التي يعرفها، وعلى الرغم من عدم رؤية عبدالله لأي صورة من صور الحياة منذ ولادته، فإنه يتمنى أن يظل كذلك طمعاً في دخول الجنة، كما وعد الرسول الكريم أمثاله.
واعتبر أن نجاحه وتفوقه يعودان إلى أسباب عدة تتمثل في البيئة الجيدة، في المدرسة والمنزل على حد سواء، وتوفير كل الإمكانيات المساعدة له ولمن هم مثله، والرعاية الكبيرة من قبل الأهل والمعلمين، وتتربع العزيمة والإصرار على رأس أسباب التميز والإبداع، والحرص على استكمال المسيرة إلى النهاية.
يشار إلى أن الأخ الأكبر لعبدالله، يدعى خلفان، يكبره بأربع سنوات، التحق بكلية دبي للطلاب أخيراً، للحاق بركب أخيه الأصغر. ووفق عبدالله فإن مرض فقدان البصر أصابه هو وأخاه فقط دون الإناث، ولا توجد هذه الإصابة عند أحد الأبوين.